إيفادات المسؤولين في التعليم العالي.. هل حققت نتائجها؟ / أ.د. عبد الحسين حسن كاظم

يستطيع المتتبع لاخبار الزيارات التي يقوم بها القائمون على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي- وفي مقدمتهم معالي الوزير المحترم- ان يسجل ارقاما ليست بالقليلة من هذه الزيارات والايفادات المختلفة الى بلدان العالم الخارجي وفي مقدمتها البلدان الاوربية والغربية بشكل عام. يضاف الى هذه الزيارات والايفادات ما يقوم به رؤساء وموظفو الجامعات العراقية القديمة والحديثة من (نشاطات علمية) تتضمن التوأمة وتوقيع اتفاقيات التعاون العلمي واجراء البحوث المشتركة وتبادل زيارات (الاساتذة والخبراء).

ووصل الامر بـمعالي الوزير الاستاذ علي الاديب. حد دعوة المؤسسات والاشخاص الى الاستثمار في مجال التعليم العالي في العراق كما حدث عند زيارة معاليه او وفد من الوزارة- الى اسبانيا قبل مدة.
وكما ذكرت فأن الاخبار تنقل لنا (الجهود الكبيرة) التي بذلها ويبذلها الموفدون للحصول على المزيد من التعاون والمساهمات في تطوير التعليم العالي في العراق وفسح المجال للطلبة العراقيين للدراسة في الجامعات والمعاهد الاجنبية و...و.. والاخبار والتصريحات كثيرة.
وقبل ان اناقش نتائج الايفادات والزيارات الكثيرة لمنتسبي الوزارة والجامعات اريد ان اذكر الجميع بما حققته زيارات المسؤولين بعد ثورة 14 تموز 1958 من نتائج في حقل الزمالات والبعثات وتبادل زيارات الاساتذة والباحثين مع دول العالم وخصوصا مع دول اوربا الشرقية الاشتراكية سابقا مع علم الجميع بالامكانيات الاقتصادية المحدودة لتلك البلدان عند مقارنتها بامكانيات الدول (الصديقة) حاليا وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا وغيرها من البلدان الغربية. قد يحلو للبعض ان لا يقبل مقارنتي هذه وقد يقول: ان اسباب مساعدة دول اوربا الشرقية في حينها لحكومة ثورة 14 تموز وعلى رأسها شهيد الشعب ونصير الفقراء الزعيم عبد الكريم قاسم، مرتبطة بتوجيهات حكومة الثورة ذات الطابع اليساري او الشيوعي كما يحلو لاعداء ثورة 14 تموز ان يصفوا نشاطات الثورة في مجال التنمية وتطوير الموارد البشرية والطبيعية. لقد حصل العراق بعد ثورة 14 تموز على المئات ان لم اقل الآلاف من الزمالات والمنح الدراسية لطلبة الدراسات الاولية والعليا في تخصصات عديدة في مقدمتها التخصصات الهندسية والزراعية والاقتصادية وحتى التخصصات الطبية التي كانت محدودة. وبحساب بسيط، نجد ان ما تحقق يفوق مئات المرات ماصرف على الأيفاد والزيارات خلال كل عمر ثورة 14 تموز المجيدة الذي كان قصيرا مع الاسف.
واذا ما اخذت افتراضا او جدلا باسباب التعاون مع حكومة ثورة 14 تموز ومدها بالمعونات العلمية المطلوبة التي كما ذكرت قبل قليل، فأن اخذي الحذر هذا يعطيني القوة في مطالبتي بالنتائج الملموسة التي قدمت الخدمة لمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي من بعد الزيارات والايفادات الكثيرة والغالية التكاليف للوفود الرسمية الى البلدان الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وما يرتبط بهاتين الدولتين من مؤسسات اقتصادية ومالية وتكنولوجية. ان مطالبتي هذه تأتي من حقيقة ثابتة غير قابلة للنقاش، وهي ارتماء العراق في احضان الولايات المتحدة وحلفائها بعد الاحتلال الامريكي للعراق في 9/4/2003. نعم ارتماء وليس تعاوناً وبرهاني هنا هو تردد الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا باعطاء حقه في امتلاك القدرة العسكرية المتطورة للدفاع عن نفسه اتجاه الهجمة الارهابية الشرسة عليه وكذلك عدم اعطاء الدول الغربية الحق للعراق لأرسال الطلبة العراقيين للدراسة في تخصصات العصر المطلوبة في مجالات الطب واستخدام الطاقة والوراثة الحديثة وغيرها. وبقول مختصر اقول ما دمنا نعمل وفق توجيهات الغرب وتعليمات السفيرين الامريكي والبريطاني اللذين يحضران في كل اجتماع او لقاء كنشاط يكاد أن يكون يومياً او اسبوعياً، فلماذا لا نأخذ حقنا منهم وهم (الاصدقاء) و(المحررون) و(الساعون) لتطوير العراق؟. وكي لا اطيل على القارئ فأنا اطلب من كل مخلص يحافظ على المال العام ان يحسب ما حققته الايفادات وزيارات الوفود للتعليم العالي، وان يبتعد عن شعارات "تعريف العالم بالعراق ومؤسساته الجامعية" او "الزيارات مهمة للتواصل مع الجديد في العلوم والتكنولوجيا" لاننا شبعنا الى حد التخمة من هذه الشعارات. كذلك فأنا اطلب اجراء كشوفات دورية عن الايفادات في الوزارة والجامعات، وعن المنتفعين منها وتكرار الاسماء وتثبيت عدد الاساتذة من اعضاء الهيأت التدريسية الذين رافقوا الوزير او رؤساء الجامعات، لان زيارة الاستاذ الجامعي لاي معهد او جامعة اكثر فائدة من اللقاءات البروتوكولية التي تصبغ اكثر مهمات الموفدين. ولا بأس ان تكون هنالك كشوفات صادقة عن الاجهزة الحديثة ومواد التدريس والمختبرات التي استطاع الموفدون الحصول عليها من الدول (الصديقة) او حصلوا وعودا على الاقل بالحصول عليها مستقبلا سواء كهدايا ام باسعار مخفظة، ولا بد هنا من كشوفات عن عدد ايفادات الاساتذة الجامعيين للأشتراك في المؤتمرات العالمية التي تعقد في بلدان غربية وليست تلك التي تعقد في الاردن او بلد عربي قريب، وكذلك معلومات كاملة عن التغييرات الجوهرية في حقوق الاستاذ الجامعي المشارك في المؤتمرات او الندوات ببحث او دراسة وهل تغير الروتين القاتل الخاص بالموافقات على الاشتراك في النشاطات العلمية خارج القطر وداخله؟
ختاما فأنا اناشد معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الاستاذ علي الاديب المحترم ان يطلب من العاملين في الوزارة والجامعات تثبيت خطط سنوية لايفاد التدريسيين الجامعيين للأطلاع وزيادة المعرفة وتطوير القابليات التدريسية وخصوصا الآن بعد ان فرغت الجامعات من ذوي الخبرة والاخلاص والتفاني والوطنية الحقة؛ بسبب قرارات الاحالة إلى التقاعد لمئات الاساتذة الاجلاء ولم يبق في الجامعات الا الذين حصلوا على شهادتهم بطرق مختلفة يعرفها الجميع. لنعمل جميعا باخلاص من اجل العراق العزيز وشعبه.