فضاءات

امسية في كوبنهاكن بعنوان" محنة الثقافة العراقية"/ كوبنهاكن: مزهر بن مدلول

لنفكر معا في كيفية ترميم الخراب!

ضمن نشاطاته وسعيه المتواصل في تقديم ماهو نافع للجالية العراقية والتعريف بثقافة العراقيين الحقيقية والوقوف على الظروف القاسية التي تمر بها، ضيّف تيار الديمقراطيين العراقيين (العراق يستحق الافضل) في الدنمارك وفد اتحاد الادباء القادم من بغداد في امسية سينمائية وثقافية على قاعة المسرح في دار الثقافات وذلك مساء يوم الجمعة 3/ 10/ 2014.
تألفت الامسية التي ادارها الكاتب والناقد حسين السكَاف من جزئين، الجزء الاول منها كان محاضرة بعنوان (محنة الثقافة العراقية) القاها الشاعر والناقد (علي حسن الفواز) امام حشد من المثقفين والفنانين والسياسيين وابناء الجالية العراقية المهتمين بهذا الشأن.
تطرق الفواز في محاضرته القيمة الى العلاقة بين الدولة والثقافة باعتبارها الاساس الذي يُستند عليه في الاتصال بالواقع والتفاعل معه، واصفا هده العلاقة بالهشة والمتحركة وذلك لان الدولة ومنذ نشوئها في العام 1921 الى الان لم تنتج لنا مؤسسات حقيقية ومنظومات حقوقية كاملة، بل اوجدت سلطة قسرية مرعبة ادت الى خلق مثقف خائف او مثقف منزوي او مثقف ملاحق، مما اصاب الثقافة الكثير من التشوهات والانحرافات التي بدأت تطفو على السطح في الظروف الراهنة، كما اشار الناقد الى القصور الذي يعاني منه السياسي في فهم علاقته بالثقافة، فالسياسي لايفهم بأن هذه العلاقة مهمة وضرورية ويجب ان تتكامل وتؤطر بشكل صحيح لأن الثقافة في النهاية هي تهذيب للسياسة تضبط مساراتها ومسافاتها وتساهم بتوجيهها بالطريقة التي تخدم المجتمع، وهي بهذا تعتبرعلاقة بين (النظر والعمل).
كما تحدث السيد علي الفواز عن التدهور الذي افرزته الحروب العبثية الكثيرة والتي دخلت تفاصيلها في كل بيت وكل مقهى وداخل وجدان كل انسان، مما تسبب في هجرة الالاف من المثقفين والاكاديميين خارج بلادهم وعطّل الكثير من الطاقات الثقافية وخلق ارضا صالحة للخراب الثقافي والمعرفي، وما نراه اليوم من صراع سياسي طائفي وتنافس غير نزيه على النفوذ والحصص راكم من معاناة المثقف العراقي الذي يحاول بكل السبل ان يبحث عن قطرة ضوء في اجواء حالكة الظلام وتؤشر جميعها الى اهمال كامل لكل ما يتعلق بتأهيل عقل الانسان وجعله يستقبل ثقافة التسامح والتعايش والمحبة في وطن يضم الجميع.
بعد ذلك اجاب الناقد (الفواز) على الاسئلة العديدة واستمع الى الكثير من المداخلات الهامة، واختتم المحاضرة بالدعوة الى المشاركة الفعالة من قبل جميع المخلصين في البحث عن الادوات الضرورية لترسيخ ثقافة جديدة تجسد التعايش السلمي المبني على الاحترام والحقوق لكل العراقيين، كما دعا الى المساهمة في تشكيل وعي ضاغط للتسريع في بناء مؤسسات الدولة التي بدونها لايمكن الحديث عن ثقافة ومعرفة تاخذ على عاتقها ترميم الخراب الذي اجتاح وعي الانسان لعقود طويلة.
اما الجزء الثاني من الامسية، فكان عرضا سينمائيا لفلم (ساعة الصفر)، وهو فلم وثائقي يتحدث عن سيرة حياة الشهيد قائد القوة الجوية العميد (جلال جعفر الاوقاتي) الذي اغتالته العصابة البعثية في صباح الثامن من شباط الاسود عام 1963، اعدّ الفلم الفنان (توفيق التميمي) واخرجه الفنان (طالب السيد)، وهو واحد من سلسلة افلام تحمل عنوان (هذا ابي) تتناول سيرة مجموعة من الشخصيات والزعماء التي تركت لها بصمة واضحة في تاريخ العراق الحديث، وهي محاولة من المخرج (طالب السيد) لتسليط الضوء على سيرة رجال اتصفوا بالنزاهة والاخلاص والوفاء للوطن والانحياز الكامل الى جانب المواطن، كما تحدث المخرج في معرض اجابته على تساؤلات الحاضرين عن الصعوبات التي واجهته وتواجهه في اخراج هذه السلسلة من الافلام الوثائقية والتي وصل عددها الى 52 فلما نتيجة غياب المؤسسات وعدم الشعور بالمسؤولية ازاء المنتج الفني والسينمائي ومايقدمه من صورة باهرة وطريقا واضحا لمستقبل الاجيال العراقية القادمة. وفي ختام الامسية قدم تيار الديمقراطيين العراقيين باقات من الورد الى وفد اتحاد الادباء وشكرهم على سعيهم المتواصل في نشر الثقافة العراقية الاصيلة التي تدعو الى المحبة والسلام والتضامن بين ابناء الشعب الواحد ومن اجل بناء وطن خالي من الحروب.