ما أشبه اليوم بالبارحة / جمعة عبدالله

كأن التاريخ يعيد نسخته القديمة مجدداً ، دون تغيير وتبديل ، بالامس كانت قطعان ( الحرس القومي ) تجول وتصول لتثير الرعب والخوف والموت ، وتستخدم ابشع الوسائل الوحشية ضد المواطنين ، من التعذيب الوحشي والاغتصاب والقتل، وانتهاك الحرمات والمقدسات ، هكذا كانت المشاهد المروعة بشكل يومي ، لانقلاب شباط البعث الاسود عام 1963 ، الذين شرعوا شريعة الغاب في مجازرهم الرهيبة ، وتبقى وصمة عار في تاريخهم الاسود . هكذا اجهضوا ثورة 14 تموز من عام 1958 ، في شهية الانتقام البربري ، ضد شرفاء الوطن، الذين دعموا وساندوا الثورة منذ ساعاتها الاولى ، ولكن قطعان البعث والرجعية ومن وراءهم الدول الاستعمارية واعداء العهد الجديد، عملوا منذ الايام الثورة الاولى في تخريبها وتصديع وشق معسكرها الديموقراطي ، بالغدر والخيانة والمكر والخداع ، وبالاعلام المزيف بالاكاذيب المنافقة ، لقد اتحدوا في جبهة معادية للثورة، في سبيل اسقاطها والانتقام من رجالها الابطال ، لقد استغلوا الثغرات والنواقص والاخطاء ، وعدم التشخيص الدقيق من قادة الثورة ، بين جبهة الاصدقاء والاعداء ، بذلك نجحوا في تمزيق وحدة الشعب والمناصرين للثورة ، وبالتالي الانفراد بقادة الثورة ، وتم اغتيال الثورة المغدورة .
واليوم قطعان داعش تستلهم خبرة البعث في انقلاب شباط الاسود ، وهم ينتمون قلباً وقالباً الى البعث ، في استخدام الوسائل الوحشية والبشعة ، في التعذيب الهمجي والاغتصاب وارتكاب المجازر الدموية ، وانتهاك الحرمات والمقدسات ، وتمزيق وتخريب الوطن ، واستغلوا نفس الاخطاء التي وقعت فيها ثورة تموز ، اضافة الى ضعف المسؤولية والواجب الوطني لقادة العهد الجديد ، وكذلك الغموض والفوضى في التوجهات السياسية للأطراف والكتل السياسية المتنفذة ، والتراجع في بناء الدولة على اسس سليمة ومتينة ،بتعميق الطريق الديموقراطي ، نحو تشييد دولة القانون ، ورعاية وحماية المصالح الوطنية العليا للوطن، التي تخدم الشعب بكل اطيافه ومكوناته ، التي تشكل النسيج واللحمة الوطنية، كما تغليب المصالح الحزبية والشخصية والطائفية، على مصالح الوطن ، والركض وراء السلطة والنفوذ والمال ، دون الالتفات الى حاجات الشعب ومعالجة مشاكله وازماته المعيشية، والنكوص المجحف عن المسار الديموقراطي الحقيقي ، الذي يحصن البلاد من الاعداء ، ويحفظ امن واستقرار المواطنين . وقطعان داعش استغلوا هذه الاخطاء والثغرات الفادحة ، وكانت السبب في خراب العراق ودفعه الى اقصى درجات الخطر ، ان ذكرى انقلاب البعث المشؤوم ، يحتم على الاطراف والكتل السياسية المتنفذة ، في الحكومة والبرلمان ان تعيد حساباتها ، وتراجع توجهاتها السياسية نحو الصالح العام للوطن ، وتستلهم تجربة ثورة تموز، في اختيار الطريق الديموقراطي، واحترام القانون ، وتوثيق العلاقة والثقة بالشعب ، وان تقف بالمرصاد لمن يتلاعب في مصير ومصالح الوطن ، وعدم المهادنة لكل من يخالف القانون ، ويسرق قوت الشعب ، وان تعيد المعايير السليمة ، بالكفاءة والنزاهة والخبرة والوطنية ، لكل من يتولى الواجب والمسؤولية، عندها نستطيع ان نعيد قطعان داعش الى جحورهم المظلمة والى الابد . وقطع الطريق لكل من يلعب في عبه وذيله من اجل الاطماع الانانية والطمع بالمناصب ، وان تكون قاعدة متفق عليها ، كل مسؤول ينحرف عن جادة الصواب بقصد الخراب المتعمد ، يجب ان يطاله القانون ، مهما كان شأنه السياسي ، لان القانون يتعامل بمساواة مع الجميع ، دون امتيازات استثنائية ، ان حل المشاكل والازمات التي يعاني منها العراق ، هي تحت متناول قادة البلاد، اذا ارادوا بعزيمة وطنية وثقة بطاقات الشعب، في دحر قطعان داعش، وانقاذ الشعب من وحشيتها السادية، التي لا تختلف عن وحشية انقلاب شباط الفاشي.
المجد كل المجد لشهداء الوطن الابرار