المقهى الثقافي العراقي في لندن يستنهض كلكامش بالشعر والأغاني / عبد جعفر

قصائد من و الى بلاد ما بين النهرين، هي الأمسية التي حرص المقهى الثقافي العراقي في لندن يوم 28-2-2015 على تقديمها من أجل إيجاد ما يوحد ثقافات الشعوب. وملحمة كلكامش ورحلته المرّة من اجل الخلود، لاتزالان تستنهضان المخيلة الشعرية في كل العالم ومنهم الشاعرة الانكليزية جَني لويس والشاعر العراقي عدنان الصائغ، وللشاعرين ديوان مشترك بعنوان (غناء الى إينانا) باللغتين العربية والانكليزية.
وكانت الأمسية قد تميزت بحضور أدباء عرب وانكليز بالأضافة الى عراقيين وجمهرة واسعة من إبناء الجالية. مما دعا الكاتبة فيحاء السامرائي في تقديمها أن تجد في الأمسية فرصة لتحيتهم و شكرالمشرفين على هذا النشاط المتميز.
ابتدأت الأمسية بعرض فيلم مهدى الى شعب العراق أسمه (نشيدٌ لكلكامش)وهو قصيدة للشاعرة جني لويس، غنّتها بصوتها الساحر مع مصاحبة الكورس لها و هي من ألحانها.
وجاء في الإغنية:
مشينا تحت المطر
على ضفة الفرات
سمعنا حواء
تغني في بستانها
كانت متشحة بالبراءة
تسمى الطيور
يا كلكامش
عد للمنزل
بلدك بحاجة اليك
كما المطر
كلكامش عد للمنزل
احتاج جنياتك ثانية بجانبي
وفي هذا الفيلم، قَدَّمَ الشاعر الصائغ مقطعاً من قصيدته "أغنيةٌ ثانيةٌ إلى إينانا – عشتار. وتضمن الفيلم صورا وثائقية لجنود بريطانيين في العراق أثناء الحرب العالمية الأولى ومشاهد عراقية. يصاحبهما عزف على العود للفنانة الالمانية باتريشا دي مايو ، مع مقطوعات موسيقية للفنان نصير شمة.
وقدمت بعد ذلك الشاعرة جَني لويس قصائد من اشعارها مع ترجمتها للعربية ، قرأها الشاعر عدنان الصائغ ، ومن قصائدها:
أمُّ الرَّبيعَين
في المـَوصِل، حيثُ أكثرُ الساعاتِ سُخونةً
تَجعلُ العملَ والدراسةَ لا يُحتَمَلان،
كنا نَرقُدُ على بطانياتٍ خفيفةٍ في القاعةِ
الكبيرةِ، أرضيّتُها الرخاميةُ المساميةُ مرشوشةٌ
بالماء، بينما في الخارجِ، في حديقتِنا
المكتظّةِ، تفرُّ الطيورُ إلى الظلِّ الـمُعَرّقِ
لأشجارِ الفُستُقِ هَرَباً من شمسٍ
تَسْفَعُ الأعشابَ التي نلهو عليها
وتُسَخِّنُ الصنابيرَ التي
تتدلّى منها رَقائقُ الثلجِ في الشتاء؛ ولا يعتدلُ الطقسُ
إلّا في فصلي الربيعِ والخريفِ
حين تتنزهُ أسرتي في الحقولِ
خارجَ مدينتِنا التي تُدعى غالباً
أمُّ الربيعَيْن.
وثم قرأ الصائغ مقاطع من قصيدته الطويلة (نشيد أوروك)
جاء فيها:
- لماذا تركتَ بلادكَ ؟
كانتْ لكَ الرطبَ - الخمرَ،
والجنةَ البابليةَ...
- لمْ أتركِ الأرضَ من بطرٍ، أيها اللائمونَ بمقهى الشتاتِ،
ولكنّهُ الجمرُ لا يصطلي
غيرَ قابضهِ.....
..............
سأرضى بما قسّمَ اللهُ لي في المنافي
سوى الذلِّ،
أطوي الدروبَ بأمعاء.... فارغةٍ
وذهولٍ،
كأني
خرجتُ
من السجنِ
تواً.
أعضُّ الحياةَ بأسنانِ روحي
وأصعدُ مزدهياً
بنشيدي
أخدّشُ وجهَ السماءِ لتمطرَني...
كلُّ أرضٍ ستعشبُ فيها الأغاني بلادي....
أأرضى أبدّلُ أرضاً بأرضٍ؟
وكيفَ سأغفو،
وهذي الوسادةُ ليستْ ذراعيكِ
هذي الـ.......
[صرختُ بهم:
البلادُ على ظهرِ حوتٍ.
فلا توقدوا قِدِرَ الحربِ...
لكنهم سخروا من ظنوني
ثم قرأ عددا من قصائده القصيرة الجميلة المؤثرة :
أكلُّ هذه الثورات
التي قامَ بها البحرُ
ولمْ يعتقلْهُ أحد
* * *
العصفورُ يصدحُ
داخل قفصه
أنا أرنو إليه
وكذلك قطةُ البيت
كلانا يفترسُ أيامه
* * *
كرشُهُ المتدلي
عربة يدفعها أمامه
مثقلةً بأطعمةِ الآخرين
* * *
على جلدِ الجوادِ الرابحِ
ينحدرُ..
عرقُ الأيامِ الخاسرة
* * *
النصلُ الذي يلمعُ
في العَتمَةِ
أضاءَ لي وجهَ قاتلي
* * *
حينَ طردوهُ من الحانة
بعد منتصفِ الليل
عادَ إلى بيتهِ
أغلقَ البابَ
لكنه نسي نفسَهَ في الخارج
* * *
كثرةُ الطعناتِ
وراءَ ظهري
دفعتني كثيراً
.. إلى الأمام
* * *
الشعراءُ الأقصرُ قامةً
كثيراً ما يضعون لقصائدهم
كعوباً عالية
* * *
ويذكر أن الشاعرة جيني لويس، إستاذة الشعر في جامعة أكسفورد، وكذلك في مدرسة لندن للشعر، وهي كاتبة مسرح، وكاتبة أغاني، وتعمل على نطاق واسع مع عدد من الفنانين التشكيليين والموسيقيين والراقصين والممثلين والمخرجين.. لها ثمان مسرحيات قُدمت في المملكة المتحدة وأماكن أخرى، كما عملت دورات للشعر. ومن اعمالها"عندما أصبحت أمازونية"، دراما، تُرجم إلى اللغة الروسية وبثته البي بي سي وراديو بيرم (روسيا)، و مجموعة شعرية بعنوان "احتلال بلاد ما بين النهرين".
نُشر لها العديد من المقالات والبحوث في مجالات الشعر والنقد، في مجلات رائدة.
يتضمن عملها الأخير "ما بعد كلكامش" دراما شعرية لمسرح بيغاسوس وأكسفورد.
اما عدنان الصائغ فهو شاعر عراقي يقيم في بريطانيا له أكثر من 11 مجموعة شعرية وحصل على عدة جوائز شعرية عربية وعالمية وترجمت أعماله إلى لغات مختلفة وهوعضو اتحاد الأدباء العراقيين، و اتحاد الأدباء والكتاب العرب، و اتحاد الأدباء السويديين، و نادي القلم الدولي في السويد، و رابطة حبر الكتّاب المنفيين في بريطانيا...