الذكرى السنوية لاستشهاد القائد الشيوعي عادل سليم

اعداد / شه مال عادل سليم
استشهد (عادل سليم ) في يوم الثلاثاء المصادف 12 ـ 9 ـ 1978 وهو في طريق عودته من مدينة كركوك الى اربيل بعد ان ارسل الى مدينة كركوك لتقصي الحقائق بعد اخبار افادت بانهيار منظمة الحزب هناك اثر الحملة البعثية الوحشية عليهم .
التقى الشهيد مع اعضاء مكتب المحلية الذين هم في الوقت نفسه اعضاء لجنة اقليم كردستان ، لإبعاد كوادر ورفاق الحزب قدر الامكان عن إجراءات التحقيقات الامنية الى القرى المجاورة لكركوك او سحبهم الى مدينة اربيل الا ان اعضاء مكتب المحلية رفضوا المقترح ( لاسباب معروفة ) ....!!
باستثناء الكادر الشيوعي المعروف (ملا شكر) المعروف بـ( مام فتاح )الذي استطاع ان ينقذ نفسه من شراسة البعث بعد انهيار اعضاء محلية كركوك وعدم صمودهم امام وحشية (حزب البعث الحليف ) .... !!
وفي يوم الثلاثاء المصادف 12/9 / 1978 انتهت قصة حياة (عادل سليم ) بين (كركوك واربيل ) بضياع الحقيقة كما تضيع الابرة في بحر من القش وفي مسرحية (انهيار وسقوط منظمة كركوك ـ من اخراج (حزب البعث الحليف ) ...!!
ماذا قال عادل سليم لـ( صدام حسين ) ؟ :
كتب الفقيد الاكاديمي الدكتور( عبد الستار طاهر شريف)(*) و الذي شغل منصب وزير الاشغال والبلديات والنقل في زمن (أحمد حسن البكر) في منتصف السبعينيات ، كتب في مذكراته التى صدرت بعنوان ( الصراع مع الحياة) عن الاجتماع الموسع للـ (الجبهه الوطنية) آنذاك و الذي حضره صدام حسين في بغداد ، وجرى فيه نقاش حاد حول علاقة الحزب الشيوعي العراقي مع حزب البعث، كتب شريف في مذكراته ويقول : ( تحدث في هذا الاجتماع السيد عادل سليم بانفعال وغضب وقال لصدام حسين : عندما تأمر باطلاق سراح رفيق شيوعي معتقل ، يتم اطلاق سراحه بعد عدة اشهر وبعد محاولات كثيرة من طرفنا ، وعندما تأمر باعتقال احد الرفاق حتى اذا كان الوقت ليلا ، لايتم الانتظار الى الصباح . . حيث يتم اعتقاله فوراً ، بعد ان يقتحم الامن بيته عن طريق السلالم. فقبل ايام اعتقلتم رفيقأ شيوعيأ بتهم (التآمر) ، لان كان في حوزته مسدس ( توتو) صغير الحجم ....؟
وانتقد السيد عادل سليم ايضأ خروقات كثيرة اخرى، وفي نهاية حديثة ، شكره صدام مضطرا ومحرجاً ، وقال شكرا لك ولانتقاداتك الجريئة ، سوف نشكل هيئة للبت في هذه الامور ) .!!
وبهذه المناسبة التقينا مع عضو البرلمان الكردستاني السيد ( عبدالرحمن فارس عبدالرحمن ) المعروف بـ(ابو كاروان) والذي تحدث الينا عن مواقف الشهيد عادل سليم قائلا:
ان نهج الحزب البعث ظل خلال فترة التحالف مع الحزب الشيوعي العراقي ( 1973 ـ 1978 ) ، وبالضد من محتوى ميثاق العمل الوطني للجبهة ، اتسم في الواقع العملي بالارهاب البشع ، تماما كما كان قبلها ..... ، حيث كان نهج البعث يتفاقم يوما بعد يوم ، ويتطور اكثر فاكثر باتجاه تنويع وتعزيز اجهزة القمع وشبكاتها وتشريع العديد من القوانين الفاشية ومحاولات تأطير المجتمع وتبعيثه وتعريبه ......( وان الوثائق الامنية والاستخباراتية البعثية التي حصل عليها الحزب الشيوعي العراقي بعد انتفاضة أذار عام 1991 ، كشفت خطط البعث والتي وضعت في بداية السبيعنات من القرن الماضي للقضاء على الحزب الشيوعي العراقي ) .
فمنذ قيام الجبهة الوطنية عام 1973 بين الحزب الشيوعي وحزب البعث ، تعرضنا نحن الطلاب واعضاء الحزب الشيوعي العراقي في مدينة ( كفري ) والتي تقع على بعد(13) كيلومتراَ عن كركوك الى مضايقات وملاحقات كثيرة ، وعليه تم فصلي قبل انتهاء العام الدراسي بشهر عندما كنت في الصف الرابع العام ، ولاتخاذ تدابير الصيانة وابعادي عن غدر اجهزة النظام ، والاختفاء عن عيون الجواسيس قرر الحزب ان انتقل الى اربيل او كركوك او دهوك لاكمال دراستي الاعدادية ، ولكن دون جدوى ، الا بعد عدة محاولات قبلت في اعدادية الزراعة في مدينة زاخو ....
عادل سليم ...القائد الاسطورة :
يقول ابو كاروان : كان (عادل سليم) انسانأ شجاعا لايهاب الموت ، وقف بوجه الحزب البعث وسياسته العنصرية بشجاعة نادرة ، وبسبب انتقاداته المتكررة لسياسة البعث قرروا اعفاءه من منصبه كامين عام لنقل المواصلات في منطقة كردستان ...
في اواسط السبعينات كثف حزب البعث من لقاءاته واجتماعاته ونشاطاته بين الطلبة والشبيبة في كردستان العراق ، وكانوا يجتمعون مع طلاب الإعداديات المهنية والمعاهد والجامعات ويجبرونهم على الانضمام الى صفوف الحزب البعث ومنظماته الطلابية الرديفة لحزب البعث والتي كانت ترتبط بصلات قوية مع الفروع الأمنية ، ويقدمون لهم الاغراءات بالوظيفة والمال ، للسيطرة على عقل الطالب وطريقة إدراكه للمحيط ناهيك عن التحكم بسلوكه ، بالاضافة الى تزويدهم بأسلحة فردية خفيفة ورشاشات تدربوا على استعمالها في الفروع الأمنية والمعسكرات التدريبية والمخيمات الصيفية ، وفي احد الايام قام مسؤول الاتحاد الطلبة والشبيبة في اعدادية الزراعة في زاخو وكان اسمه ( كامل ) بعقد اجتماع موسع وتطرق خلال حديثه الى الاصلاحات وابعاد العناصر المعادية للحزب البعث من وظائفهم الحكومية ، وقال نصأ : ( قمنا في الافترة الاخيرة بالاصلاحات الجزرية وابعدنا عناصر معادية للحزب البعث في منظقة كردستان من وظائفهم الحكومية ،وقد قمنا مؤخرا باعفاء عدد من المسؤولين والمدراء العامين والوزراء من مناصبهم الحكومية من بينهم وزير النقل والمواصلات ( عادل سليم ) ...... !!
وما ان انتهى المسؤول من حديثه ، قام احد الطلاب وكان اسمه ( سليمان ) وقال للمسؤول البعثي : سيدي، ( عادل سليم ) هو رجل مناضل وشجاع ومخلص لوطنه ويخدم الفقراء والكادحين ، لهذا تم إبعاده عن منصبه ، وانا متاكد سوف تضعون شخص اخر وبالتحدد احد الاقطاعيين في مكانه حتى يستغل الفقراء ويعذبهم ، ومع انتهاء مداخلته ، غضب المسؤول البعثي واهتزت فرائضه ، وامر باعتقال الطالب ( سليمان ) لانه دافع عن (عادل سليم ) وبعد ايام اطلق سراحه بالكافلة بعد ان تعرض للتعذيب الوحشي والاهانة أثناء التحقيق معه في سجن مدينة زاخو ......
وفي ختام اللقاء استطرد (ابو كاروان ) قائلا :
رغم قيام الجبهة بين الحزب الشيوعي والبعث الا ان حزب البعث كان منزعجأ من انتقادات وشجاعة الشهيد عادل سليم ، وكانوا يعرفون جيدا بانه قائد جماهيري ووطني وشجاع لايقبل المساومة على ثوابته الحزبية والوطنية مهما كلفه الامر ، ويقف بوجههم بشجاعة واصرار كما فعل دون خوف اوتردد في اجتماعات عديدة التي جرت بين الطرفين في كردستان وبغداد ومدن كثيرة اخرى ، وعليه اغتالوه ودفع دمه ثمن مبادئه ومواقفه المشرفه .......................
ارجو ان نعي هذه الدروس والمواقف لتكون لنا وللاخرين قناديل ضوء نهتدي بها في طريقنا المستمر ....
.انحنى اجلالا واكبارا لذكرى المناضل البطل الشهيد (عادل سليم ) ...
2016
اربيل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( *) في 5 / 3 / 2008 اغتال مسلحون مجهولون الدكتور عبدالستار طاهر شريف السياسي الكردي والأكاديمي في جامعة كركوك في محلة رحيم اوا، شغل الشهيد مناصب عديدة في الوزارات العراقية في منتصف السبعينيات ومنها وزارة الأشغال، البلديات، النقل، حاصل على شهادة الدكتوراه في علم النفس في جامعة بغداد ، وهو من الأعضاء القدامي للحزب الديمقراطي الكردستاني ، و في السبعينيات أنشق عنهم وشكل الحزب الثوري الكردستاني في بغداد .