مهرجان لتكريم الشاعر مظفر النواب في ستوكهولم

عاكف سرحان
نظم التيار الديمقراطي في ستوكهولم بالتعاون مع الجمعية المندائية في ستوكهولم، مهرجاناً لتكريم الشاعر الرمز مظفر النواب، وعلى قاعة مقر الجمعية المندائية في ستوكهولم، وذلك مساء يوم السبت المصادف 10/12/2016، بحضور ممثل السفارة العراقية في مملكة السويد، القنصل الدكتور وعد سعيد الأعرجي، وحشد من جمهور التيار ومحبي الشاعر رغم الظروف الجوية بتساقط الثلوج. رحبت عريفة الحفل، الزميلة زينب مسلم، بالحضور ودعتهم للوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء الشعب العراقي، ثم عزف النشيد الوطني العراقي، مواطني.

وبدأ البرنامج بعرض تسجيل غناء بصوت شاعرنا المحتفى به مظفر النواب ذي المواهب المتعددة. ومن بلد الضباب لندن يطل في الحفل الدكتور سعدي الشذر لينقل تحيات وإمتنان الشاعر مظفر النواب، وأعتذاره من الحضور لوضعه الصحي، ليلقي مقاطع شعرية للنواب بإسلوب إلقاءٍ متمكن ومشوق، مع إستعراض بعض مراحل حياة مظفر. وتكرر الإلقاء الرائع بين أغلب فقرات ألإحتفال ليضفي على الأمسية جو القدسية للشاعر (...حنيت جفي بلا عرس للعتب عود أندهلك، ولظمت كذلة مهرتك بدموعي كلهم لهلك .. لاوين كَلي ياترف مشبوج غزلي وغزلك.. يا ضيم روحي شميل الدنيا وتميّل عدلك.. وفات الوكت والليل حط حزه بكتر دلالي.. إحنه بنكَيصة ماي يا ناعور وجرفك عالي.. خنجر وجفية غوة وكل كَذله ريحانة طف.. جني مشيت لدخلتي نهير وضني جفنك لو رف..). وقرأ الفنان نبيل تومي كلمة هيئة المتابعة لتنسيقيات التيار الديمقراطي في الخارج: (..يعتبر شاعرنا الكبير مظفر النواب، علماً عراقياً متميزاً بوطنيته ومواقفه السياسية المناهضة لكل القوى المعادية للعراق والعراقيين، حيث كانت قصائده طوال عقود طويلة تقض مضاجع الحكام المستبدين الرجعيين ورجالات الإقطاع المتسلطين على رقاب الفلاحين، وكذلك الدكتاتوريات الرعناء التي عاثت فساداً بالوطن وبالشعب العراقي، حتى أنه قضى جُلّ حياته مطارداً من قبل السلطات القمعية التي حكمت العراق في فترات متعددة، بسبب من مواصلته النضال عبر قصائده الثورية التي كان يناجي فيها ويدافع عن العامل والفلاح والفقير والمعدم والمتشرد والمظلوم والجائع. كما تعرض شاعرنا للإعتقال لعدة مرات وتم حبسه في زنازين منفردة ولمدد طويلة بعد الحكم عليه بالإعدام لا لسبب سوى لأنه مدافع عنيد وصلب عن الأهداف التي آمن بها وضحى من أجلها...مظفر النواب شاعر عراقي مقاتل، كان يطلق رصاصاته عبر بندقية صنعها من قصائد ثورية، أصاب من خلالها العقول العفنة للحكام المتسلطين من الرجعيين والمتخلفين، وألهم ظهورهم بسياط أبياته الشعرية القاصمة المؤلمة. كان مجرد الإستماع إلى قصيدة لمظفر سراً جريمة يعاقب عليها في العراق). وأعرب د. وعد ممثل السفير العراقي عن غبطته لحضور تكريم الشاعر مظفر النواب وأثنى على منظميه، وجاء في كلمة السفير الأستاذ بكر فتاح: (..لقد فرحت جداً حين سمعت بتنظيمكم هذه الفعالية، لأن تكريم مظفر النواب يعني بالنسبة لي تكريماً للعراق الذي طالما غناه النواب وأنشد له، وهو تكريم للنضال الذي خاضه النواب ضد الطغاة لأكثر من ستين عاماً وعانى ما عانى على هذا الطريق الوعر، وتكريم مظفر النواب هو أيضاً تكريم لكل مناضل ثبت على مبادئه وقيمه التي ناضل من أجلها... حين يذكر الشعر العربي المكتوب بالفصحى يشار بالبنان إلى شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري، وحين يجري الحديث عن الشعر بالعامية يخطر على البال مباشرة إسم شاعرنا الكبير مظفر النواب فنستذكر أشعاره الغزلية الجميلة وهو يغني لحمد..والريل المار بدياره، ونستذكر صرخة أشعاره النضالية ضد الإقطاع وجرائمه ضد نشطاء الفلاحين ومنهم الشهيد صاحب مله خصاف، ونستذكر صرخته الكبيرة في وجه الطغاة ووجه من يخون قضيته من خلال قصائده المعروفة عن البراءة. هكذا عرفنا نحن العراقيين مظفر النواب، شاعراً مليئاً بدفء الحب والمشاعر الإنسانية السامية، مليئاً بالعزم والإصرار في الثبات على المبدأ، فتعرض للفصل من الوظيفة والسجن، ولم يفت ذلك من عضده، بل زاد من إصراره وعزيمته، فأقدم على قهر السجن والسجانين من خلال المشاركة في حفر النفق في سجن الحلة). وقدم كلمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد، الرفيق جاسم هداد وأشار فيها: (..نجتمع اليوم لتكريم شاعر ومناضل غني عن التعريف، إنتمى مبكراً للحزب الشيوعي العراقي، وناضل ضد الأنظمة الإستبدادية، ودفع ثمن ذلك الإعتقال والسجن في سجون نقرة السلمان والحلة، وحكم بالإعدام من قبل المحكمة العسكرية، بعد أن قامت سلطات الشاه، سيئة الذكر، بإعتقاله وتسليمه إلى السلطات العراقية أثناء محاولته العبور إلى الإتحاد السوفيتي بعد إنقلاب شباط الفاشي، ولكن خفض الحكم إلى السجن المؤبد، وكانت له مشاركة بطولية في مقاومة إنقلاب شباط الأسود في منطقة الكاظمية. وشارك رفاقه في عملية حفر النفق في سجن الحلة أبان السلطات العارفية، وكانت صفحة بطولية مشرقة من صفحات بطولات الحزب الشيوعي وتحدياته، ورفع السلاح بوجه الأنظمة الدكتاتورية دفاعاً عن حرية الوطن وسعادة الشعب، ملتحقاً بفصائل الكفاح المسلح في الأهوار، وشارك مع الثوار الأرتيريين والعمانيين في ظفار، وشارك المقاومة الفلسطينية نضاليا ضد الصهيونية...). ثم عرض فلم عن الشاعر النواب من إعداد الزميل عدي حزام الذي حاز على إعجاب الحاضرين. وقرأ د. الشذر قصيدة للشاعر فهيم عيسى السليم، بعنوان "أمظفر النواب هل أنت السفينة؟" يقول في بعضها: ("يا خشبة السكان" هل تدري بأن الطيبين منازلهم حزينة...أمظفر النواب هل تدري بأن الكحل مختلط بجرح ما يزالُ..وأن الدمع فاض من المحالُ...أمظفر النواب لو كنت السفينة...لرحلت فيك بكل شوقي للعراق...ونزلت في الحمار ضيفاً في قرى الأهوار أبحث عن "سلف" لازال فيه الناس مثل الناس...يبكون لو مر القطار وما عاد الحبيب...ريحان مات وماء هورك يا مظفر مرٌّ ولون الماء أخضرْ...شربته ألاف العفاريت الشقية...).
وتحدث الزميل غازي عبود عن ذكرياته مع الشاعر مظفر النواب في الأهواز والسجن في إيران. وبعد إستراحة قصيرة قدم مقاطع من قصائد الشاعر المغناة، من إعداد الزميل صبري إيشو. وقدم الزميل سلام غريب موضوع عن إيماءات في شعر مظفر النواب. وبصوت الشاعر محمد المنصور إستمتع الحضور بإلقاء بعض قصائد النواب. وقدم الزميل د. محمد الكحط مداخلة بعنوان "مظفر النواب الذي ظفر بحب الناس" وأشار فيها: (..مظفر الذي عشق البنفسج وليله وأحب الناس الذين كانوا مصدر إلهامه وقوته الإبداعية، بل والهواء الذي يتنفس، ولهذا تجد قصائده طريقها سهلاً إليهم، كونها تتحسن معاناتهم التي تلمسها بمجساته الدقيقة وروحه الرهيفة، والتي نادراً ما تخطيء، هذه روحه التي هي "كما الإسفنجة تمتص الحانات ولا تسكر"، روحه المتعلقة هناك بذلك الوادي، بتلك الأرض، بذلك النخيل الشامخ، ذلك النخيل وحده القادر "أن يسند ظهره"، هناك تجد روح مظفر هذا الإنسان الوديع، الراحة والطمأنينة..). وشارك الدكتور صلاح السام بقصيدة تكريماً للشاعر مظفر النواب:
(يبو الريل وحمد يَمْعَدِّلْ الجلمات يا صدر المضيف ألما أنحني وما هاب
يَمْداوي الجروح بشعرك المهيوب وجرح صويحب الما لَمّه كل عطاب
سولف يا مظفر عن قطار الموت من السلمان جيب وياك حفنه أتراب
سولف عَلْكَضو بالسجن والتعذيب عن كل العظام لذابت بتيزاب...). وقدم الزميل الإعلامي طالب عبد الأمير (أضواء في حياة الشاعر الكبير مظفر النواب)، وهي ملخص لمقابلة صحفية أجراها مع النواب قبل 16 عاماً. وبهذه المناسبة المتميزة أنشد الأستاذ صلاح جبار عوفي قصيدة خصيصاً لتكريم الشاعر مظفر النواب. وفي الختام وزعت، الزميلات زينب وخولة ونهلة، الورود على المشاركين والداعمين لهذا الكرنفال، الورود تثميناً لجهودهم. ثم كرم الدكتور سعدي الشذر بورد وشهادة تقديرية ودرع التيار الديمقراطي في ستوكهولم. وتم تكريم الشاعر الكبير مظفر النواب، من قبل أعضاء مكتب التيار واللجنة (د.سعدي، صبري إيشو، نبيل تومي، زينب، خولة)، بعمل فني خاص الذي سوف يسلمه له الدكتور الشذر. وشكر الدكتور سعدي بإسم التيار والجمعية جميع الحاضرات والحاضرين في هذا اليوم المميز متمنين للشاعر النواب الصحة والعافية.