الأعسم يضع نقطة نظام أمام تشوهات الإعلام

عبد جعفر
في جلسة مكاشفة حقيقية، وضعت النقاط على الحروف، أوضح الكاتب والإعلامي ورئيس النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين الإستاذ عبد المنعم الأعسم أن التشوهات التي أصابت السلط الرابعة، هي جزء عضوي من البنية التحتية لإعلام دولة المحاصصة، وهي نتاج الواقع السياسي والاجتماعي الذي تجسد بمستويات متعددة.
جاء ذلك في الندوة التي أقامتها له مؤسسة الحوار الإنساني في لندن يوم 1-3-2017 وقدمها الأستاذ صادق الطائي.
وأوضح الأعسم أن التشوهات تتعلق أولا بالتشريعات الصادرة وتناقضاتها التي أدت الى غياب الهيئات المستقلة وتحولها الى ساحة للصراع وتفشي الفساد، وتعطيل حرية الصحفي في الوصول الى المعلومة.
فشبكة الإعلام على سبيل المثال تضم حوالي 6500 منتسب لا حاجة لأكثرهم لمؤسسة للخدمات الاعلامية لا يلزمها إلا بضع مئات ، والشيء نفسه ينطبق على صحيفة الصباح الرسمية التي تضم المئات من العاملين، بينما هي لا تحتاج اكثر من خمسين شخصا كفوءا.
وأشار الى أنه لا يوجد قانون ينظم العمل النقابي حتى الآن، وأكثر القوانين التي صدرت هي قوانين مقيدة للحريات مثل قانون حق الوصول الى المعلومة الذي يضم حوالي 14 فقرة تعاقب الصحفي الذي يسعى الحصول عليها. كما يعاقب الصحفي عن الرأي الذي يبديه خلافا للمدونات والمعاهدات الدولية الخاصة بحرية التعبير حيث توضع استدراكات عقابية مثل "أذا كان هذا الرأي مخالفا وفق القانون" ولكن أي قانون؟ في الوقت الذي يبذل الصحفيون دماءهم للوصول الى المعلومة التي توضع غالبا خلف الأبواب المؤصدة.
ومن جانب أخر يعاني الإعلام من تشويهات على المستوى الاجتماعي، فالعراق كما توضح شهادة وضعها فريق "صحفيون بلا حدود" هو البلد الأول في العالم الذي تتدخل فيه القبيلة والعشيرة في الشؤون الإعلامية.
ويعيش الصحفيون حالة ذعر إزاء تهديدات عشائرية متزايدة حيث يتحمل السياسيون وبعض الاعلاميين المسؤولية حين يلجأون الى عشائرهم لحرها في الساحة الاعلامية بدل اللجوء الى القضاء لحل مشكلته معهم.
وقد سجلت نقابتنا ومرصد الحريات ومنظمة جمعية الدفاع عن الصحفيين مؤخرا حالات خطيرة لدخول العشائر الساحة الاعلامية ولجمها لحريات التعبير الامر الذي دعا رئيس الوزراء الى اصدار أوامر الى الجهات المعنية لمنع هذه الظواهر.
وأشار الأعسم بأسف وبمرارة لدور بعض الصحفيين في الترويج لهذه السقطة التاريخية والحضارية ، فهنالك حالات لجأ فيها إعلاميون الى عشائرهم، وهذه تعد ظاهرة خطيرة جدا على الاعلام. وتلقي هذه التشوهات بظلالها على حريات التعبير في تناول الفساد والتجاوزات.
ورغم تدخل السلطات العليا لحد من هذه الظاهرة، الا أن الدور يبقى محصورا في اطار المناشدات.
وأشار الأعسم الى أنه من التشوهات التي ترافق الاعلام حاليا هو التحرش الجنسي بالعاملات في هذا المجال، الذي اصبح ظاهرة واسعة مستفحلة. وهنالك ضغط واضح على العنصر النسوي في الساحة الإعلامية. وقد بينت دراسة (استبيان) حول 500 إعلامية تعرض حوالي النصف منهن للتحرش الجنسي، واجابت على السؤال" هل تعرضت الى التحرش في مجال عملك؟
45% بنعم
و21% بلا
والبقية قلن أحيانا
وحول سؤال الاستبيان ما هو الموقف بعد التحرش:
42% ذكرن إنهن مضطرات للبقاء في العمل
20% تركن العمل
والبقية طردن من العمل
ومعروف أن العديد من الاعلاميات يتحملن الضغوطات خوفا من الفضيحة أو لحاجتهن الى فرصة عمل للعيش.
وقد أشار رئيس مكتب حقوق الانسان في البعثة الدولية للأمم المتحدة الى أن الفرق الدولية التي تضم نساء لغرض التحقيق بالانتهاكات قد رصدن التحرش هن أيضا!
وأكد الأعسم أن هذا كله يؤشر الى وجود إعتلالات في المؤسسات الإعلامية القائمة، وبموازاة ذلك يعمل سياسيون ونواب الى توظيف إعلاميات مستغلين حاجاتهن الى العمل كمجرد ديكور الى مناصبهم، وهذه الحالة خلقت مشاكل كثيرة القت بظلالها على الحياة الصحفية والإعلامية.
كما يجري أحيانا التمييز بين العاملين والعاملات في المجال الإعلامي، و التضييق عليهن، والتنكيل الفظ في بعضهن مثلما جرى من إختطاف الإعلامية افراح شوقي وتعرضها الى التنكيل مؤخرا.
وفي أجوبته مع الجمهور، تناول الاعسم الوضع النقابي في الساحة الاعلامية والجهود التي تبذلها النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين في رفع كفاءة الاعلاميين الشباب وغيرهم عبر ورش كثيرة في بغداد وكردستان والمحافظات، واضاف القول، اننا ندافع عن التعددية النقابية وندفع الى صدور قانون يترك للصحفيين حرية.