في دار الثقافة والنشر الكردية .. استذكار الأديب الراحل زهدي الداودي ومنجزه الإبداعي

طريق الشعب
أقامت دار الثقافة والنشر الكردية التابعة إلى وزارة الثقافة والسياحة والآثار، صباح الخميس الماضي، جلسة استذكار للأديب الكردي الراحل زهدي الداودي، في مناسبة مرور عام على رحيله.
الجلسة التي احتضنها مقر الدار وسط بغداد، حضرها وزير الثقافة والسياحة والآثار فرياد رواندزي، ومدير عام الدار وكالة اوات حسين أمين، ونائب الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق حسين الجاف والناقد فاضل ثامر والشاعر والناقد علي الفواز، إلى جانب جمع من الأكاديميين والأدباء والمثقفين.
مدير عام الدار افتتح الجلسة بكلمة قصيرة سلط فيها الضوء على بعض محطات حياة الراحل، مشيدا بدوره كأديب واكاديمي ومناضل سياسي.
بعد ذلك ألقى وزير الثقافة كلمة تطرق فيها إلى ما تركه الداودي من إرث أدبي كبير، وبصمة واضحة "ليس فقط في مجال الرواية والقصة القصيرة وإنما في مجال التاريخ والجغرافية"، مضيفا ان الراحل استطاع أن يجمع بين الثقافة العربية والكردية من خلال كتابة أعماله باللغة العربية، والاستفادة من منابع الثقافة العربية، وان أحداث رواياته وقصصه تدور حول المجتمعات الكردية والعربية الموجودة في منطقتي داقوق وطوز خورماتو.
واستذكر رواندزي في كلمته، بعضا من المحطات التي جمعته بالداودي ابان الدراسة الجامعية عام 1979، لافتا إلى انه كان يجيد العديد من اللغات، كالألمانية والانكليزية والتركية، الأمر الذي مكنه من التمتع بنتاجات الثقافة العالمية وعدم الاقتصار على الثقافة المحلية.
من جانبه تحدث الناقد فاضل ثامر عن الراحل كقاص وأديب، مبينا انه تأثر بريف مدينة كركوك، وان أسلوبه في كتابة القصص تميز بتوظيف الحلم في الأسطورة "حيث كان يرى أن هناك صراعا بين الأدب الأصيل والأدب غير الأصيل".
وأضاف قائلا ان الغربة شكلت للداودي عاملا مؤثرا في تطور كتاباته بشكل نوعي، وفتحت له آفاقا جديدة لم تكن متاحة داخل بيئته.
أما الشاعر والناقد علي الفواز، فقد ألقى كلمة ذكر فيها ان استذكار الداودي يمثل نوعا من الوفاء والالتزام الثقافي تجاهه، مضيفا قوله "اننا اليوم بحاجة إلى تسليط الضوء على الرموز العراقية بتنوعها الثقافي والمكوناتي".
وتناول الفواز المنتج الأدبي والثقافي للراحل، وأشار إلى ان الداودي كاتب ومؤرخ وباحث في مجال الجغرافية، وهو سياسي أيضا، وان كتاباته تتسم بواقعتيها وكثرة شخصياتها "كونه كان مؤمنا بأن هذه الشخصيات تحمل افكارا غير تقليدية، فضلا عن كونه يمزج الخيال بالواقع وذلك لرصد تاريخ شعبه الكردي وبطولات وتضحيات رموزه".
وكان آخر المتحدثين في الجلسة د. جمال العتابي، الذي أوضح ان كتابات الداودي كانت باللغة العربية والقليل منها كانت باللغة الكردية "وان هذه واحدة من السمات التي تميز بها"، مشيرا إلى ان "التنوع الثقافي لم يقف حاجزا امامه، وقد تعداه للانطلاق نحو افق الإنسانية المتنوع والواسع".
وفي الختام قدم وزير الثقافة فرياد رواندزي هدايا رمزية إلى الأدباء فاضل ثامر وعلي حسن الفواز وحسين الجاف، تقديرا لمساهمتهم في الجلسة.
يشار إلى ان الأديب زهدي الداودي ولد عام 1940 في مدينة طوزخورماتو بمحافظة كركوك، ودرس في دار المعلمين الابتدائية في المحافظة بين عامي 1957 و1959، وعمل معلمًا للمرحلة الابتدائية بين عامي 1960 و1963. وقد التحق بحركة الأنصار الشيوعيين العراقيين في جبال كردستان، بعيد انقلاب شباط الدموي عام 1963.
ترك الداودي العراق في العام 1967 وتوجه إلى ألمانيا الديمقراطية للدراسة. فدرس التاريخ والفلسفة في جامعة لايبزغ بين عامي 1967 و1972، ونال شهادة الدكتوراه في فلسفة التاريخ في الجامعة ذاتها عام 1976، ثم عاد إلى العراق ليدرّس في جامعة الموصل بين عامي 1976و1979. بعدها هاجر ثانية عقب اشتداد هجوم السلطة الدكتاتورية على المثقفين اليساريين، فذهب إلى المغرب مدرسًا في جامعة قاريوس، لايبزغ ثم عاد عام 1991 إلى جامعة في ألمانيا، وبقي فيها استاذا مساعدا حتى عام 1992. وقد عمل بعد التغيير 2003 مدرسًا في جامعة السليمانية حتى عام 2005.