العراق مشروع سياحي مؤجل / ابراهيم المشهداني

في ظروف الازمة المالية والشلل الاقتصادي الذي ارهق المجتمع وقيد خياراته يخوض الاقتصاديون والمهتمون بالشأن الاقتصادي في البحث عن بدائل لإخراج الاقتصاد العراقي من طابعه الريعي الذي لم ينتج ،بسبب سياسات فاشلة ، واقتصاد احادي الجانب ، سوى ازمة مالية واقتصادية قاتلة ، والتأكيد على تنشيط القطاعات الاقتصادية الانتاجية ومن بينها تطوير قطاع السياحة.
والعراق بما يمتلك من تنوع في تضاريسه الجغرافية وتاريخه الحضاري الثر ومراقده الدينية على كثرتها وجباله واهواره وفولكلوره الشعبي وتراثه الوطني والثقافي والصناعات الحرفية الشعبية ما تجعله في مصاف الدول السياحية الاكثر جذبا اذا ما انصب اهتمام الحكومة بوضع استراتيجية توظف كل هذه العوامل من اجل تفعيل هذا القطاع الخصب الذي لو ادير بشكل جيد لأصبح قطاعا منافسا بحق لقطاع البترول. ولابد من الاعتراف ان الدولة قد التفتت الى هذا القطاع واتخذت بعض الاجراءات لكنها كانت يتيمة ومبعثرة لم تنتج عن وعاء مالي يغذي مشاريع الموازنات المالية بما يخفف من العجز الكبير فيها.
ان التجربة العالمية تشير الى مدى اهتمام الدول بالقطاع السياحي ما تجعلنا ناخذ منها الدرس والعبرة فعلى سبيل المثال في تركيا يدخل الى اقتصادها اكثر من 25 مليار دولار سنويا من قطاع السياحة وبعض الدول تعتمد على السياحة في تمويل ميزانياتها السنوية بنسبة 60في المئة مثل تايلاند وماليزيا وفي فرنسا دخل اليها في عام 2006 ،300 مليون سائح فيما دخل الى جمهورية مصر العربية في نفس العام 6ملايين سائح
والواقع ان هذا القطاع يواجه تحديات حقيقية تحول دون ارتياده المكان الذي يستحقه في الاقتصاد العراقي لاستكمال خارطته البنيوية ، ومنها غياب الرؤية السياحية المتكاملة وتواضع التخصيصات المالية الكافية في عموم الموازنات السنوية للأعوام الماضية ، وضعف البيانات الإحصائية الكافية لرسم خطط رصينة في هذا القطاع وقصور في برامج التدريب والتأهيل للموارد البشرية المتاحة في مجال الإرشاد السياحي والإعمال الفندقية مضافا إليه هبوط في مستوى الوعي السياحي الشعبي في الجوانب التاريخية والحضارية ويصاحب كل هذه التحديات غياب الترويج الاعلامي والثقافي عبر وسائل الاعلام على اختلافها.
كل ذلك ادي الى خلق تهديد حقيقي للمواقع الآثارية التي تحضى باهتمام الملايين من السياح الاجانب المهتمين باغناء معارفهم بتاريخ وثقافات الشعوب وحضاراتها ، وقد يؤدي ذلك ، مع مرور الوقت ، الى الاختفاء الكلي للمواقع والمعالم الاثرية مثل طاق كسرى في المدائن ومنارة الحدباء في الموصل والملوية في سامراء هذا عدا الاثار التي تعرضت لتخريب وسرقة الدواعش في محافظة نينوى ، لهذا فان اعادة الاهتمام بالقطاع السياحي لمعالجة الاختلالات الاقتصادية يصبح امرا لا رجعة فيه من خلال اتباع حزمة من الاجراءات وأهمها في تقديرنا :
• وضع استراتيجية واضحة لتنمية القطاع السياحي قائمة على اساس توفر البيانات الاحصائية الدقيقة كأساس لوضع الخطط القصيرة والمتوسط وبعيدة المدى تقودها ادارة كفوءة ونزيهة قادرة على تنفيذ البرامج التفصيلية ومتابعة التنفيذ.
• انشاء وتطوير البنى التحتية والمرافق السياحية والارتقاء بمستوى خدماته وتشجيع السياحة الداخلية والخارجية والنهوض باليات وأنشطة الترويج لها عبر الادوات الاعلامية والثقافية كالأفلام الطويلة والمسلسلات والنشريات التي تبرز المواقع الأثرية والدينية والسياحية وتحويل الاهوار الى منتجعات سياحية عن طريق الاستثمار.
• تطوير السياحة الدينية من حيث البرامج والادارة والخدمات وإنهاء حالة الفوضى في المواسم الدينية وفرض رسوم سياحية عقلانية وضبط ايراداتها الى خزينة الدولة وابعاد الفاسدين خصوصا في المنافذ الحدودية.
• تأسيس مجلس اعلى للسياحة يعمل على التنسيق مع المؤسسات والمنظمات السياحية والثقافية والهيئات العلمية والأكاديمية العربية والدولية فضلا عن العراقية منها.
• السعي إلى تبادل الاتفاقيات مع دول الاقليم خاصة تركيا وايران والدول العربية لتنمية السياحة الدينية والآثارية وجذب المستثمرين المحليين والأجانب وتقديم التسهيلات الكافية لهم لتطوير المرافق السياحية والفندقية.