حفاظا على استقلالية القرار الاقتصادي العراقي / ابراهيم المشهداني

اصدر مجلس الوزراء قرارا برقم 393 لسنة 2017 يتضمن تقليص الرسوم الكمركية بما يتراوح بين 5في المائة و30 في المائة استناد الى الفقرة 2/ اولا من قانون التعرفة الكمركية رقم 22 لسنة 2010مع استمرار قانون حماية المنتج الوطني2010 . ويستهدف القرار توحيد الرسوم الكمركية ضمن القسم الواحد كما يتضمن القرار تخفيض الضريبة على السيارات بنسبة 15 في المائة راهنا قراره بمتطلبات الاستعداد الائتماني !
ومن الواضح ان هذا القرار يندرج ضمن متطلبات تنفيذ قانون التعرفة الكمركية الذي يعد واحدا من الادوات الفاعلة في تطبيق السياسة المالية التي تدخل ضمن الادوات السعرية لتلك السياسة المتعلقة بالقانون وارد الذكر أعلاه والذي يستمد اهميته الاقتصادية من المأزق المالي الصعب الذي تعرض له الاقتصاد العراقي منذ منتصف عام 2014 حيث انخفضت اسعار النفط وفي نفس الوقت تعرض البلاد الى حالة من الانفاق المالي الكبير لمواجهة خطر الارهاب الذي احتل عشرات المحافظات والمدن العراقية . وكذلك توظيف القانون لتعظيم الموارد المالية بالرغم من ظاهرة الفساد التي صاحبت تنفيذه في كافة المنافذ الحدودية بما فيها منافذ الاقليم التي تدخل مواردها في خزينة الاقليم .
والسؤال الملح في هذا المجال ماهي الدوافع الاساسية لتخفيض الرسوم الكمركية مع استمرار الظروف الاقتصاد الصعبة؟ واذا كان اصدار قانون التعرفة الكمركية من التشريعات العراقية المسببة فلماذا يدخل ضمن متطلبات الاستعداد الائتماني؟ اي ان ما يصدره البرلمان من تشريعات قانونية تقيده ما تسمى بنصائح صندوق النقد الدولي. الا يؤكد هذا فقدان استقلالية القرار العراقي في وقت تشير معظم التصريحات الرسمية والشعبية الى ضعف دور رسوم التعرفة الكمركية وتدني محصلاتها حاليا كما يقتضي قانون التعرفة الكمركية، نتيجة الفساد المستشري في كافة المنافذ الحدودية ؟
هذا من جهة ومن جهة اخرى فان تخفيض الاسعار الضريبية على استيراد السيارات يؤشر على عدم الاكتراث بالآثار الخطيرة الاقتصادية والبيئية المترتبة على الكم الهائل من السيارات الداخلة الى السوق العراقية التي تزيد على خمسة ملايين سيارة وفي العاصمة وحدها مليونان وخمسمائة الف سيارة، وهو يشكل ايضا منفذا خطرا لاستنزاف العملة الصعبة الى الخارج.
ان كل ما تقدم يعيدنا الى المربع الاول حيث سياسة السوق المفتوح على استيراد كميات هائلة من السلع التي لا تحتاجها السوق العراقية، والانفتاح على حرية حركة رؤوس الاموال الذي اسسه الحاكم الاداري الامريكي التي طالما وجهت اليها الانتقادات من مختلف القوى السياسية باستثناء الطبقة التجارية المستفيدة من هذا الانفتاح، الذي كان حصاده تدهور الصناعة والزراعة وتفاقم البطالة وتعريض المنتج الوطني الى الكساد واتساع نطاق سياسة الاغراق التي وضعت المنتجات المحلية في مهب الريح.
اننا نعتقد من خلال قراءتنا للاقتصاد العراقي والمشاكل التي تواجهه والازمة المالية الخطيرة التي يمر بها العراق في الظروف الحالية الملموسة التي تتمظهر بنزوح ملايين العراق وخراب مدن بكاملها، ومشاكل عميقة بين الحكومة الاتحادية والاقليم بشان رواتب المعلمين والبيشمركة وغيرها، كل ذلك يتطلب مراجعة وتقييم للسياسات العراقية على كل المستويات مع الاستفادة من المساعدات الخارجية بما فيها المؤسسات المالية الدولية، مع اعادة النظر بقرار تخفيض الرسوم الكمركية، بل وتطويرها لتكون مصدرا ماليا مهما يغذي الموازنات السنوية ويعظم من الموارد المالية. وفي هذا المجال نرتئى الاتي:
• الاهتمام بتنشيط القطاعين الصناعي والزراعي ووضع برنامج واضح وجاد لتشغيل المصانع والمعامل المتوقفة، ودعم المشاريع الاستثمارية وزيادة الانتاج المحلي لتغطية حاجة الاستهلاك الداخلي وتشديد الحماية لمواجهة منافسة الانتاج الاجنبي.
• اعادة النظر بالسياسة الاستيرادية وفقا لحاجة السوق الداخلي التي لا يستطيع الانتاج المحلي من تغطيها.
• دراسة قوانين التعرفة الكمركية في الدول المجاورة وايجاد نوع من المقاربات معها من اجل الحد من جرائم التهريب.
• التشديد في تطبيق قانون حماية المنتجات الوطني رقم 11 لسنة 2010 والزام الوزارات المعنية بتنفيذ هذا القانون والقرارات الصادرة عن مجلس الوزراء .