الجهاز المصرفي .. كيف يكون داعماً للاستثمار / ابراهيم المشهداني

يهتم الجهاز المصرفي في اية دولة بالقطاع النقدي المنظم لحركة الاموال وعملية التنمية في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية والسكنية وغيرها وتنظيم العمليات التجارية بمعنى ان وظيفته الرئيسة دعم حركة الاستثمار في الاقتصاد وبالتالي المساهمة النشطة في تحقيق التوازن في السوق الداخلية بعيدا عن اعمال المضاربة في السوق الموازية وهي من الافعال التي تحرمها القوانين لانها تؤدي الى تخريب البنية الاقتصادية .
وعلى الرغم من تأكيد الاقتصاديين والمتابعين للشأن الاقتصادي المصرفي على اهمية تنظيم الجهاز المصرفي بما يؤدي الى القيام بدوره الاقتصادي وحث البنك المركزي بوصفه الرقيب على انشطة هذا الجهاز الذي يتكون من 55 مصرفا ، عدا فروع البنوك الحكومية الرافدين والرشيد وشركات التحويل المالي والبنوك الاجنبية الا ان ذلك لم يتحقق بالنظر للسياسة النقدية والمالية الخاطئة التي لم تظهر مفاعيلها الاقتصادية بالرغم من مرور اكثر من اربعة عشر عام, لكنها بدلا من ذلك ركزت انشطتها على شراء العملة من نافذة البنك المركزي والكثير منها كانت سباقة في تهريب العملة مما الحق ضررا كبيرا في حركة الاموال داخل السوق العراقية وانخفاض الاحتياطي النقدي .
ولئن فقدت هذه المصارف مصداقيتها في عملية التنمية الاقتصادية فقد ضاق البنك المركزي ذرعا بهذه السلوكيات الضارة, ويتضح ذلك جليا في التقرير الصادر عنه الذي اكد على ان المصارف التجارية ليست لديها استثمارات وان بعض خطابات الضمان تأتي مجاملة للأقارب والاصدقاء, كما ان نسبة الاستثمارات الى اجمالي الموجودات في المصارف التجارية تشكل 8في المائة علما ان الموجودات النقدية في المصارف التجارية خلال عام 2017 بلغت ستة تريليونات دينار من اجمالي الموجودات البالغة 13 تريليون دينار اي ان نسبة الموجودات البالغة 46 في المائة من ارصدة المصارف موجودة لدى البنك المركزي ما يؤشر الى تركز نشاطات المصارف في نافذة البنك المركزي في بيع العملة الاجنبية وهذا يعد مخالفة للمادة 290 من قانون التجارة رقم 30 لسنة 984 .
ويتضح مما ورد في التقرير ان نافذة البنك المركزي كانت البوابة التي ينصرف اليها نشاط تلك المصارف تحت مظلة الاستيرادات غير المنضبطة التي كلفت ما يقارب 278 مليار دولار منذ عام 2003 لغاية 2016 من خلال تقديم وثائق مزورة اذ كان من المفروض تكليف المصارف بتطبيق قواعد اعرف زبونك مع طالبي فتح اعتمادات الاستيراد والتحقق من هوياتهم وتصنيفهم من قبل غرفة التجارة وطبيعة عملهم والبضائع التي يتاجرون بها, وكان المقتضى بالبنك المركزي ايضا العودة الى الاعتمادات المستندية لكافة الطلبات المشروعة التي تسمح بها القوانين كالدراسة والمعالجات الطبية او مبيعات العقارات لمن يعتزم الهجرة من العراق .
من ذلك كله يتضح ان الجهاز المصرفي عموما يعمل خارج السرب وان المصارف بسلوكياتها وفقا لتقرير البنك المركزي تعظم من التكاليف الاقتصادية وتسبب هدرا في المال العام عن طريق تهريب العملة من خلال نافذة البنك المركزي ، وهذا يوجب مراجعة السياسات التي ادت الى هذه الاضرار فضلا عن مراجعة التشريعات واللوائح القانونية التي تسمح بهذه التجاوزات الخطيرة ، ونرتأى اتخاذ ما يلي :
1. العودة الى العمل بالاعتمادات المستندية بالنسبة الى الطلبات المشروعة لشراء الدولار لأغراض الدراسة والعلاج واقيام مبيعات الاراضي والعقارات المعززة بوثائق اصولية بهدف تقليص الهامش بين سعر الدولار لدى البنك المركزي والسعر في السوق الموازية وتغطية استيراد البضائع سريعة التلف كاللحوم والدجاج والخضروات وما شابه بالحوالات المصرفية.
2. تشجيع المصارف على المساهمة في تنمية قطاع الاستثمار؛ في المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة ، المعززة بالضمانات الكافية عبر تقديم التسهيلات الائتمانية من اجل تدوير عجلة الاقتصاد والتخفيف من حجم البطالة .
3. لكي تستطيع المصارف المساهمة في عملية الاستثمار يتعين على البنك المركزي وضع سياسة ادخارية جاذبة من خلال اعادة الثقة بالمودعين وسحب الاموال المكتنزة التي تشكل 77 في المائة من مجموع الكتلة النقدية في السوق .