- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الخميس, 11 آب/أغسطس 2016 20:47

لا أظنُّ أنَّ مهاجراً عاش طفلاً أو قضّى مرحلةَ الشبابِ أو ما بعدها في وطنه الأم، تستطيعُ الهجرةُ أن تُلغي مِن ذاكرتهِ التفاصيلَ الحياتيةَ اليومية لتلك المراحلِ .. فهي ذِكرياتٌ تلازمُنا مدى الحياة، وتكبرُ معنا.. إنها «غريزة مسقط الرأس»، التي تتعمقُ كلما تقدَّمَ بنا العمر، لتجعلـنا نسرح بين الحين والحين في حلمٍ يُعيدُنا إلى أيامِ طفولتِنا وشبابِنا ، فنجدُ أنفسَنا وسطَ ذلك البستان، الذي ظلَّت شجيراتُه وأشجارُه نابتةً في أذهاننا ، وماءُ سواقيه يجري في عروقنا، وزقزقةُ عصافيرهِ تُطرِبُنا ، وصياحُ الديك فجراً يوقضُنا، لتنطلقَ معهُ أغنيـةُ أمَّهاتِنا: (عَوعَه الديچ بالبستان.. شِدْ إحزامك يا حمدان..!)، فننهضُ مبتسمين، مسرعين نحو أقلامِنا ودفاترِنا، لنبدأَ يوماً جديداً هادئاً جميلاً..
فتعالوا معي، لنستعيدَ ذِكريات ذلك الزمنِ الجميل:
طـر الفجـر.. عَـوعَـه الديـچ بالبستـان
صار العصر.. سولف حَچـة الديـوان
كان يا ما كان.. في قديـم الزمـان
نُملِـكْ مثـل جيرانـه، فـدْ بِستـان
بِستانـه.. شگـد حلـو چـان إوْ فتّـان
نتباهَـه بـيْه.. وتغـار منَّه الجيـران
بِستانَّـه.. مريِّـع بمـاي الشواطـي
من كثـرة دلالـه بالثِمَـر مَلـيان
ومثِـل خَـدْ الحبيـب إمْتفـح التفـاح
والرمـان .. لون الشفايف أحمـر وريّـان
النخـل.. إعْـثوگـه تِـتْـلولـح تراچـي
والعنـب.. شابـگ سوابيـطـه بحنـان
السِـدِرْ .. حاضـن إعشـوش البـَلابـل
لِعشـوش الحمـام.. الگـمر، سهـران
بستانَّـه.. تِضحكلـه نسمـات الصبـح
نسمـات اللِيالـي إدّاعـب الأغصـان
بستانـه.. ورد جُـوري بصدر الحديثـات
وعيـونـه الجميلـة ، تحـرس الصبيـان
زغـار نلعـب.. والفـرح يلعـب ويانـه
لـو تِعبنَـه.. نُغـفـهْ ونّـام بأمـان
إوْ وَيْ كـتُـبنَه، الشمس تاخذنـه الصُبـح
للمدارس، نِقـرَه دار و دور وَيْ نيـران
ترفَـع وْيانـه العَلَـم ، بإسـم الوطـن
تِنْشِـد وْيانَـه « مَوْطني»، بَأعْـذَب ألحـان
الشمس ، چانـت للوطـن بدلـة عـرس
غيِّبَـوهَـه ولَـبِّسَـوْ وجـه الوطـن أحـزان
بستانـه.. مـو مِثـل كِـل البساتيـن
أبـد ما يقبـل يظـل مِن غيـر عنـوان
ولا يقبـل يـدگ بيبـان عالنـاس
لـن هـوَّ المضِيـف وفاتـح البيبـان
ولا يقبـل ظـلام الليـل يِطْفِـي النـور
لـن بِيـدَه الرِسَم أول حـرف للأنسـان
وْصـاح الديـچ بالبستـان:
يا رب إحفـظ هالبستـان
يا رب إحفـظ هالبستـان