كنت في السبعينيات اعمل صحفيا في مجلة (الاذاعة والتلفزيون) التي كانت في وقتها المجلة الاولى في العراق.
وحين ظهر عادل شعلان في التلفزيون، ادهش العراقيين بقدرته العجيبة في الرياضيات اذ كان يقسّم سطرا من الارقام على مجموعة ارقام، ويستخرج الجذر التربيعي لسطر من الارقام .. بلمح البصر!
كان ذلك في برنامج (العلم للجميع) الذي يعده المرحوم كامل الدباغ .. فذهبت صباح اليوم الثاني اليه لألتقيه بغرفته في مبنى التلفزيون وطلبت منه ان التقي عادل، وطفلا موهوبا ظهر معه في التلفزيون اسمه ظافر، في دار او بيت كان مخصصا للموهوبين باشراف الاستاذ كامل الدباغ.
بدأت التحقيق الصحفي مع عادل بموجز عن قصة حياته، ثم اختبرته بضرب ثلاثة ارقام في ثلاثة ارقام، وتقسيم مجموعة ارقام على مجموعة، واستخراج الجذرين التربيعي والتكعيبي لمجموعات ارقام .. وكان يعطي النتائج بأقل من خمس ثوان .. ودون ورقة وقلم!.
ودارت الأيام .. ونشبت حرب الخليج .. وقصفت بغداد بالصواريخ .. وتحطم زجاج الشقة التي اسكن فيها قريبا من مبنى الاذاعة .. وكدنا (نروح بيها). وحين بزغ الفجر .. توجهت بسيارتي التويوتا، واطفالي قاصدا مسقط رأسي .. قرية تستريح على ضفة نهر الغراف قريبة من مدينة الشطرة.
وحين وصلنا مدينة الكوت .. حصل (بنجر) في اطار السيارة .. أصلحته وفضلت ان اشتري اطارا جديدا، فدخلت احد محلات بيع الاطارات .. وجرى حديث بيني وصاحب المحل .. ودهشت ان الذي اتحدث معه هو عادل شعلان!! .. فلعنت لحظتها السلطة التي يتحول فيها موهوب يمكن ان يتباهى به العراق الى بائع اطارات!
استعدنا الذكرى وحكى لي عن خدمته في الجيش واشتراكه في الحرب العراقية الايرانية، وكيف وقع اسيرا. ولدماثة خلقه، لم يقبل ان يأخذ مني ثمن الاطار .. واصر ان يوصل الاطار الى سيارتي .. فانتهزت الفرصة لاضع المبلغ في (مجر) مكتبه.
ما دعاني لكتابة المؤلم هذا، مقالة وصلتني على بريدي الالكتروني بقلم (سعدي شرشاب ذياب - 30-07-2014) ذكر فيها ان عادل شعلان قد مات.. فقيرا معدما!
ايها الوطن .. لماذا يغادرك المبدعون؟ ويموت فيك الموهوبون فقراء معدمون فيما يتنعم بثرواتك كثير من الاغبياء والفاسدون؟ .. اجبنا .. لماذا؟!