المثقف/ كوثر مذياب

كثيرة هي الآراء التي تناولت تعريف المثقف ،منها ما هو كلاسيكي وأخر يرجع إلى مفاهيم القرنين السابع عشر والتاسع عشر ورأي ثالث يعرف المثقف بالشخص القادر على كشف التناقضات داخل المجتمع والذي لديه القدرة على إيجاد الحلول لها كذلك وهنالك رأي رابع يقول ان المثقفين أشخاص مالكون لرأس مال رمزي يؤهلهم للحصول على الجانب الأكبر من فائض القيمة الاجتماعي ،كما وان هنالك تعريف خامس يقول "ان كل إنسان مثقف ولكن ليس لكل إنسان في المجتمع وظيفة المثقف ".
ومن مهام المثقف في مرحلة التحول والتغيير هو رفع مستوى الوعي عند العامة من الناس وحثهم على المطالبة بحقوقهم المسلوبة، لكن المثقف اليوم أصبح متهما بعدم الفاعلية ومتهم بخصوصيته الثقافية حتى ممن يدعون الثقافة أو المتثاقفين بل ومتهم كذلك بالطوباوية في طرح مشاريعه التي ما زالت تعتمد على الخطاب الثقافي المجرد ،الذي أود ان أقوله ان طاقات المثقف لا يمكن ان تكون فاعلة إلا من خلال توظيفها ،لقد اعتاد الناس على اعتبار المثقف عنصرا غير مؤثر في الشؤون العامة وهذا الفهم مازال مسيطرا بشكل او بأخر على الأحزاب السياسية التي لا تولي المثقفين أي اهتمام مما كرس هذا الفهم عند العامة من الناس، وقد ازداد الأمر سوء عندما أسندت المواقع القيادية للثقافة لغير مستحقيها حتى بدا الأمر كأعمى يقود مبصرين .
ان التحدي الأساس الذي لابد للمثقف من مواجهته في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها العراق اليوم ،هو ان يرتفع فوق ذاته وفوق الموقف الحالي او كما يقول هادي العلوي "ان المثقف وحده القادر على أحداث توازن بين البشري والمعرفي ،وهو في هذه الحال مبدع وليس مثقف ،فما أكثر المثقفين وما أندر المفكرين خصوصا في العالم العربي حيث غاب المفكر لصالح المثقف ".
لقد ارتبط ومنذ القدم وضع المثقف وموقعه بوضع السلطة وموقعها وان العلاقة بين هذين القطبين تحكمها أما حالة الصراع أو حالة التهميش والإقصاء وذلك حسب الهوية لكل من المثقف والسلطة ، فهنالك اشكالية بين الطرفين فالمثقف يعتبر السياسي الماسك للسلطة اداة للقمع وتكميم الافواه والسياسي يعتبر المثقف اداة لفضح سياساته الخاطئة .