- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 24 حزيران/يونيو 2015 18:30

التعددية الحزبية هي احدى مرتكزات العمل الديمقراطي. وهو ما أقرته دساتير العالم الديمقراطي هذا المبدأ وهو ما انتهجه دستور العراق لعام 2005/ عندما خصص المادة (39) لتأسيس الاحزاب السياسية التي جاء فيها:
اولا: حرية تأسيس الجمعيات والاحزاب السياسية او الانضمام اليها مكفولة وينظم ذلك بقانون.
ثانيا: لا يجوز اجبار احد على الانضمام الى اي حزب او جمعية او جهة سياسية او اجباره على الاستمرار في العضوية فيها بداية لابد ان تقول انه لا يمكن اقامة "نظام ديمقراطي" بدون وجود ديمقراطيين حقيقيين يؤمنون بأهمية دور الاحزاب السياسية في تنظيم المجتمع، ونشر الوعي السياسي والثقافي وتعزيز روح المواطنة بالانفتاح على جميع المواطنين دون الاقتصار على لون محدد.
اما كلمة ينظم بقانون: فتعني وضع الاطار العام للنشاط الحزبي وعدم تقيده من خلال التدخل في تفاصيل الحياة الحزبية ووضع الوصاية عليها لجهات محددة في السلطة التنفيذية.
ان مشروع القانون الذي يناقش في مجلس النواب ومن يطلع عليه سيجده قانونا لا يلبي الطموح في رؤية احزاب "مؤثرة ومستقلة" في اتخاذ قراراتها ورسم سياساتها، اذ انه يتضمن وصاية من قبل السلطة التنفيذية كما جاء في الفصل الرابع من المشروع فيما يتعلق باجراءات التسجيل:
1- أناط مشروع القانون بالمادة (11) اولا أ- إجازة تأسيس الحزب الى "جهة حكومية وهي محكمة القضاء الاداري" التي هي تابعة الى وزارة العدل، وهذا يعني ان الحكومة هي صاحبة القرار في منح اجازة التأسيس من عدمها وبهذا يأتي منسجماً في توجهه في منح الاجازة مع قانون الاحزاب رقم (30) لسنة 1991 الصادر في ظل النظام السابق مع اختلاف الوزارة فوزارة الداخلية هي المخولة في ظل القانون السابق ووزارة العدل في هذا القانون.
كما ورد في (رابعا) حيث نصت المادة (19/ اولا) على استحداث دائرة في وزارة العدل باسم (دائرة شؤون الاحزاب السياسية) وقد\ خولت هذه الدائرة صلاحيات واسعة للتدخل في نشاط الاحزاب منها:
- ارسال موظفيها الى مقرات الاحزاب للتحقيق في "مخالفات مزعومة". كما لهذه الدائرة الحق في تقديم طلب الى (محكمة القضاء الاداري) لحل الحزب او لايقاف نشاطه بشكل مؤقت لحين الفصل في حل الحزب.. وبذلك يكون مشروع القانون قد جعل من هذه الدائرة (تسلطية ويكشف كذلك عن (روح الوصاية على الاحزاب).
كما ورد في الفصل السادس المتعلق بالتنظيم الداخلي الذي تضمن تدخلا في الامور التنظيمية من (عقد الاجتماعات الحزبية وعدد قيادات الحزب) اخيرا لابد ان نذكر ان قانون الاحزاب هدفه تشجيع المواطنين على ممارسة النشاط الحزبي لا على "تخويفهم بفرض عقوبات قاسية" وهو بخلاف ما ورد في قوانين الاحزاب في بعض البلدان الديمقراطية وعلى سبيل المثال "قانون الاحزاب الفرنسي النافذ" في المادة (431/1) منه نص على معاقبة كل من يرتكب فعلا يكون من شأنه إعاقة ممارسة حرية تأسيس الاحزاب.
نبذة تاريخية عن تأسيس الاحزاب
لم يشهد العراق ومنذ بداية الحكم الوطني عام 1921 وحتى 2003 حياة حزبية سليمة وادناه استعراض لابرز النشاطات في هذا المجال:
1-لاول مرة سمحت الحكومة التي تشكلت عام 1946 برئاسة السياسي توفيق السويدي لعدد من الاحزاب بالعمل العلني/ اربعة منها على ملاك (المعارضة واخرى لليسار وبسبب ضغوط من معادين للحياة الديمقراطية اضطرت الوزارة وبعد (100 يوم) لحل نفسها وجاءت بعدها حكومة ارشد العمري التي سارعت بالغاء الاحزاب واستمر الحال حتى ثورة تموز.
2- اصدرت حكومة عبدالكريم قاسم بعد عام 1958 قانون (الجمعيات رقم 1 لسنة 1960) الذي سمح بتشكيل الاحزاب والجمعيات والنقابات المهنية الا انها لم تمارس دورا في المشهد السياسي العراقي واضطرت احزاب؛ الشيوعي، البعث، والاحزاب القومية الاخرى الى ممارسة العمل السري.
3- بعد 8 شباط 1963 الدموي الغيت كل مظاهر الحياة الديمقراطية ومنها الحياة الحزبية ولم يسمح بالنشاط سوى (للحزب الحاكم/ حزب البعث) واستمر الحال طيلة الحكم العارفي وكذلك بعد عودة البعث ثانية في تموز 1968.
4- الا ان حزب البعث في السنوات الاخيرة من سلطته التي امتدت اكثر من ثلاثين عاما "شرع قانونا للاحزاب السياسية" رقم (30 لسنة 1991) الذي بقي حبرا على ورق.
5- بعد الاحتلال الامريكي عام 2003 وسقوط النظام الدكتاتوري اصدرت سلطة الائتلاف المؤقتة الامر رقم (47 لسنة 2004) تحت عنوان (قانون الاحزاب والهيئات السياسية) واهم ما ورد فيه هو ضرورة تسجيل الاحزاب لدى المفوضية العليا للانتخابات.
ابرز المقترحات على مشروع قانون الاحزاب الجديد (الذي لم يقر لحد الان في البرلمان):
1- ان تكون الهيئة المعنية بمنح اجازة الاحزاب "هيئة مستقلة غير تابعة للحكومة وان تكون صلاحياتها "اجرائية" وليست "قضائية".
2- ربط الهيئة المقترح تشكيلها حسب ما ورد في القانون بمجلس القضاء، وان تلغى فقرة "منح الاجازة" ويعتمد مبدأ "الاشعار في تاسيس الاحزاب فقط".
3- منح الاحزاب استقلالية في تنظيم نظامها الداخلي بعيدا عن تدخل الحكومة او الهيئة.
وقد كشف نواب عن مسعى كتل برلمانية مختلفة الى عدم طرح المشروع للقراءة في مجلس النواب من أجل عرقلة اقراره. حيث اشارت اللجنة القانونية الى انها تعمل على اعادة صياغة المشروع وفقا للمقتقرحات التي قدمت في ندوة موسعة اقامتها اللجنة في وقت سابق من قبل الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني واهم الاسباب التي تقف وراء تعطيل اقرار القانون:
1- المال السياسي والذي لا يريد اغلب المسؤولين كشف جهات تمويلهم الخارجية وشرائهم الذمم في (الفساد الانتخابي) الذي اوصلهم الى مجلس النواب والحكومة.
2-سبب اخر هو انتخاب امين عام الحزب او رئيسه خاصة وان هذا المنصب ينتقل عن طريق الوراثة في العديد من الاحزاب لضمان مصير المال السياسي داخل العائلة.
3- المعروف ان قانون الاحزاب وبمشاريع مختلفة طرحت طيلة الفترة الماضية وخلال الدورتين الانتخابيتين اثناء ما ترأس فيهما نوري المالكي رئاسة الوزارة ولم يتم اقرارها بسبب اصرار قوى متنفذة في الاحزاب ينعدم في قياداتها الداخلية الحد الادنى من آليات الممارسة الديمقراطية ولذلك يتطلب الامر وضع اطر تحكم نشاطات الاحزاب على وفق الأسس الديمقراطية.