من يوصل السلفية اﻹسلامية للسلطة ولم لم يُسَقط فكرها 2/ د. على الخالدي

تدلنا ممارسات التنظيمات اﻹسلامية السلفية في المناطق التي تتواجد فيها ، أنها علاوة على كونها منظمات إرهابية تدعو باﻹكراه الى أسلمة المجتمعات ،وتعتبر ممتلكات من لا يدين باﻹسلام غنائم ، ونساؤهم حلال لهم ، وتباع في سوق النخاسة . وهم طيلة عصور لم يبلوروا أهدافهم ، لكونها مبلورة منذ القدم بآيات قرآنية ، وحاليا معنية ، بتطبيق شرائعها بوسائل تُكَره الناس بها ، منها إجبار النساء على أرتداء البرقع كطلبان وداعش والنصرة ، ( ليس هناك نصوص قرآنية بهذا الشأن) بينما اﻷخوان المسلمين واﻷحزاب اﻷسلامية التي تعتبر نفسها أحزاب معتدلة ، تكتفي بتغطية النساء لروؤسهن مع لبس الجبة أو وضع العباءة فوق ملابسهن.
تنفرد المنظمات السلفية ، بفرض إختيار أحد بنود وثيقة دفع الذمة ، على معتنقي الديانة غيراﻹسلامية ، تجيرهم فيها على إعتناق اﻷسلام أو دفع الجزية وهم صاغرون ، أو ترك مناطقهم ، وإلا الذبح ينتظرهم ، وهذا ما يطبق في العراق وسوريا وليبيا.
بينما تعتمد اﻷحزاب اﻹسلامية طرقا غير شرعية للوصول للسلطة منها إغتيال قادة النظام أو باﻹنقلابات ، فاﻷخوان المسلمون أقدم اﻷحزاب اﻹسلامية ، ولدوا وعينهم على السلطة، (تأسس حزبهم في أواسط القرن الماضي ) كما فعلوا في محاولة إغتيال عبد الناصر ، وكما ساهموا في غدر ثورة تموز المجيدة ، وهذا ما كانوا يريدوه أن يحدث في تونس ومصر ، عندما حاولوا وضع الحراك الشعبي تحت أجنحتهم ، وكل ذلك يتم بتسهيل ودعم الغرب وأمريكا . لذا شعوب المنطقة تعتبرهم أدوات طيعة لتنفيذ اﻷجندات اﻷمريكية . أما السلفية الوهابية فتنفرد بإعتماد المال ، كأساس لنشر التعاليم الوهابية بين اﻷمم الفقيرة عبر تقديم مساعدات مادية وعينية ، وبشروط في مقدمتها بناء مدارس وجوامع يديرها وهابيون بجانب طريقة أخرى هي إستغلال العمالة اﻷجنبية ، حيث تدعوهم للعمل في السعودية ، وبصورة خاصة التدريسيين ، حيث تقوم بغسل أدمغتهم وعند عودتهم لبلدانهم ، تكون أحدى مهامهم نشر المفاهيم الوهابية ، وهذا ما أدركه القذافي ، فعمد الى إلغاء عقود الكثير من اﻹساتذة العرب الذين دَرَسوا في السعودية ، ورفع سيطرتهم على منظمة الدعوة اﻹسلامية العالمية ، وأحل محلهم دعاة مفاهيم الكتاب اﻷخضر بلباس ديني ، إتخذت الدعوة إحدى الكتدرائيات في طرابلس مقرا لها . وكانت تدفع لكل من يعتنق اﻹسلام وخصوصا من العمالة اﻷوروبية 5000 دولار غير قابلة للتحويل ، على أن لا يغادر القابض البلد إلا ﻷسباب قاهرة.
أغلب المنظمات اﻹسلامية السلفية صناعة أمريكية، تعتمد العنف والحروب لمحاربة اليسار والعلمانيين . إستخدمتها أمريكا في تسعير الحرب الباردة بين القطبين المعسكر اﻹشتراكي والراسمالي . لهذا لم تعمل على محاربة أفكارهم ، و تصمت عند تصاعد نشاطاتها في العالم اﻹسلامي ، كما حصل في العراق وليبيا وما تريده لسوريا ، وكما كاد يحصل في تونس ومصر ، و السلفية قطعا تقف ضد بناء الدولة المدنية ، التي تبني التحضر وتقيم العدالة اﻹجتماعية وتعادي إشاعة الديمقراطية.
اﻷحزاب اﻹسلامية تحاول فرض شرائعها بتجميل تناقضاتها المختلفة تراثيا ومذهبيا ودينيا عند إستلامها السلطة ، فتلجأ الى تطبيق نهج المحاصصة أو التوازنات لتخفي الجمر تحت الرماد ، الذي يوقد النار بعد هبوت أبسط عاصفة أو خلاف حول توزيع المناصب الحكومية . مبتعدة بعيدا عن إعتماد مبدأ الكفاءة وروح المواطنة ، حتى أن حملاتها اﻹنتخابية تقوم على أستقطاب طائفي . ويذكرنا ربطها للدين بالسياسة حاليا، بما فعلته الكنيسة المسيحية في العصور الوسطى عند تدخلها بشؤون الحكم . لكن الكنيسة أدركت خطورة ربط الدين بالسياسة مبكرا ، فتداركته عملا بمقولة سيدنا المسيح اعطوا لقيصر ما لقيصر وللرب ما للرب ، وبذلك تحولت المسيحية إلى دين روحاني فحسب ، ترفض الجمع بين الكهنوتية وممارسة السياسة ، ووجهت لخدمة الناس ونشر تعاليم سيدنا المسيح القائمة على المحبة والسلام بين الناس ،وتستنكر تكفير الآخر.
خلافات الكنائس مع بعضها لفظية ، أما خلافاتها مع اﻷديان السماوية اﻷخرى فهي خلافات روحانية ، تصر التنظيمات السياسية اﻹسلامية على تكفير من لا يدين باﻹسلام ، وتعتبر من ينتقل الى دين سماوي آخر مرتدا وعقابه قطع الرأس ، وهناك مشتركات متعددة فيما بينها ، منها أن أحزابها تنشأ على أساس مذهبي وطائفي ، وليس على اساس برنامج تنافسي ، ولا تهتم بما يفرض أن تقدمه للمجتمع ، وتشير الدلائل على أنها لم تقدم ما يفيد تطور وتنمية شعوبها إلا في إطار ما يخدم شريعتها والعامل الخارجي الذي أتى بها للحكم ، وهذه اﻷحزاب تسهر على مغازلة اﻷنظمة الشمولية وتحثها على قمع العلمانية واليسار ، ويتم ذلك بدعم الغرب وأمريكا ، يصمت يوازي صمتها وهدوء حراكها تجاه تعضيد حراك الشعوب ضد اﻷنظمة الشمولية.
حاليا بعد إنقلاب السحر على الساحر تعمل أمريكا مع حلفائها على جعل طرد السلفية من منطقة الشرق اﻷوسط قضية عالمية ، خصوصا بعد أن بداء الغرب ، يتحسس خطورة الهجرة الجماعية اليه والتي يعتقد الكثير من سكانه أنه مخطط يهدف الى إستغلال ديمقراطية أنظمته لنشر اﻹسلام ، دون تحرش أمريكا والمرجعيات الدينية بالفكر السلفي والعمل على إسقاطه من أساسه ، على الرغم من كونه يحوي نصوصا تتعارض مع الرسالات السماوية ، وتشجع على الكراهية بين الناس ، برز ذلك من خلال بعض مظاهر وتصرفات المهاجرين ، والتي تشير الى إحياء التراث اﻹسلامي القديم وإعتماده في أوروبا، لكنه لا ضير لديهم من إستخدام أحدث تكنولوجيا اﻹتصالات ، وهي من صنع الكفرة (كما يقولون ) ، ويسأل اﻷوروبيون من أين لهم هذا.