العدالة الاجتماعية في المؤتمرالوطني العاشر للحزب الشيوعي العراقي / شاكر عبد جابر

يجسد شعار المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي المنعقد اوائل كانون الاول 2016 روح الوثيقة الصادرة عن المؤتمر والتي تتضمن رؤية الحزب لمشروع التغيير، نحو دولة مدنية ديمقراطية اتحادية وعدالة اجتماعية، ويشكل البديل لدولة المحاصصة القائمة، والتي اثبتت وتثبت كل يوم عقمها وعدم قدرتها على التكيف مع متطلبات الواقع المزري والذي يزداد سوءاً كل يوم، فيما تتخبط القوى السياسة صاحبة هذا المشروع "المحاصصة" في البحث عن مخرج للازمة عبر مشاريع ترقيعية لا تستهدف جوهر المشكلة القائمة.
الشعار يحدد وبوضوح شكل الدولة المدنية، والتي يجب ان تكون بالضرورة ديمقراطية واتحادية ترتبط حتماً بمبدأ العدالة الاجتماعية، لأنه لا ديمقراطية ولا اتحادية بدون عدالة اجتماعية، ولا يمكن توفير العدالة الاجتماعية بمعزل عن الديمقراطية. من هنا تشكل العلاقة الجدلية بين العدالة الاجتماعية والديمقراطية محور النضال السياسي للقوى المدنية الحقيقية في المجتمع.
يتمتع العديد من بلدان العالم وبالذات العالم الصناعي المتطور في اوربا والغرب بشكل عام بأشكال مختلفة من انظمة العدالة الاجتماعية، وفي مقدمتها بلدان الرفاه الاجتماعي، دول شمال اوربا الاسكندنافية، لما تتمتع به شعوب هذه البلدان من خدمات كتلك التي تؤكد عليها وثيقة التغيير الشيوعية (تعبئة موارد الدولة وترشيد استخدامها وتوجيهها نحو تطوير البنى التحتية، وتأمين خدمات الكهرباء والماء والصرف الصحي، والنهوض بقطاعات التعليم والصحة والنقل).
دول الرفاه الاجتماعي وكل دول انظمة العدالة الاجتماعية بتفاوت المستويات، لم يحصل فيها ذلك بمعزل عن النضال الشعبي الجماهيري، النضال الطبقي ضد الاستغلال الرأسمالي، قادته سابقاً وانتصرت في تحقيقه وتقوده اليوم في عملية الحفاظ عليه واستدامته قوى اليسار وبالأخص في اوربا، ضد كل اشكال ومحاولات التراجع عنه على يد اليمين .
لقد تصدرت مطالب العدالة الاجتماعية قائمة مطالب وشعارات الحركات الاحتجاجية الجماهيرية في البلدان العربية فيما سمي بالربيع العربي، وهذا ما يجسد ارتباط مبدأ العدالة الاجتماعية بالنضال من اجل الديمقراطية، لأن من اهم دعائم العدالة الاجتماعية هو مبدأ المساواة وحقوق الانسان وهي المبدأ الاساسي للتعايش السلمي في الدولة.
لا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية دون نضال طويل لا هوادة فيه ضد كل محاولات الترقيع البائسة لنظام المحاصصة، من امثال مشاريع التسوية المطروحة الآن بشقيها الطائفيين والتي تشكل محاولات يائسة لإدامة عمر نظام المحاصصة المتهاوي، وتعطيلا لنضال الجماهير العراقية من اجل الديمقراطية الحقيقية، من اجل التغيير ... .. نحو دولة مدنية ديمقراطية اتحادية وعدالة اجتماعية. هذا النضال لا يتحقق ولا يمكن انجازه بعيداً عن ساحات الكفاح والتظاهر.. بعيداً عن، خبز حرية دولة مدنية، لأنه لا خبزا بلا حرية ولا خبزا ولا حرية بدون الدولة المدنية، دولة العدالة الاجتماعية.