مدارس .. العدالة الاجتماعية / شاكر عبد جابر

العدالة الاجتماعية ليست امنية، ولا ضربا من الخيال، بل هي هدف مشروع، لا يمكن تحقيقه الا بالنضال الجماهيري الواعي والعنيد والمثابر، وهي تشكل هدف المظلومين والفقراء ضد مستغليهم بكل اشكالهم، هؤلاء الذين لا يملكون غير وعيهم يواجهون به كل امكانيات اعداء العدالة الاجتماعية، من رأسماليين جشعين وتجار حروب وقطط سمان بالمال الحرام ومن سراق المال العام والمتنفذين غير الكفوئين والبعدين عن القيم والاخلاق.
يعتبر النظام التعليمي واحدا من اهم اهداف النضال الشعبي نحو دولة العدالة الاجتماعية، لان التعليم يشكل غاية وهدف، فلا يمكن تحقيق الحرية والمساواة بأعتبارهما حجر زاوية العدالة الاجتماعية دون الوعي، الرافعة الرئيسية والاساسية لهذا الهدف.
التعليم حق لكل مواطن، وواجب الدولة تأمين العيش الكريم والمتساوي و أساسه حق التعليم ، هذه العلاقة المتبادلة تكمن اهمية التعليم للدولة وللمواطن، ومن هذه العلاقة ينشأ اختلاف الرؤى بين الاثنين في احقية التعليم والمساواة فيه ونوعيته وبناه التحتية.
كل مرة نتحدث فيها عن العدالة الاجتماعية تشخص امامنا تجربة دول الرفاه الاجتماعي في دول شمال اوربا، لما لهذه الدول من اسهامة عالمية كبيرة في النضال من اجل تحقيق مجتمع العدالة الاجتماعية، لا سيما في مجال تنظيم عمل المدارس والجامعات والشركات ذات العلاقة وعمل البلديات والبرلمان والحكومة.
التعليم في جميع مراحله مجاني في هذه الدول، بل واجباري لغاية اتمام المرحلة المتوسطة " الصف التاسع" ، والحق مكفول في الحصول عليه للجميع ، و أي طالب له الحق في التعليم في اي مدرسة يرغب فيها، حكومية كانت ام اهلية، وهنا يكمن معنى العدالة الاجتماعية، بأعتبارها مساواة، ومجانية التعليم تعني تحمل البلدية تكاليف الطالب الدراسية وهذه التكاليف تصرف للمدرسة الحكومية او الاهلية على حد سواء.
ان اي طالب يجب ان يكون في المدرسة مع بداية دوامها الرسمي، ولو تعذر على ذويه ايصاله للمدرسة، فتتكفل البلدية بتحمل تكاليف ايصاله ، كما أن هناك دولا توفر وجبة غداء للطلبة مجانية ولبعض الاطفال وجبة فطور بالنسبة لمن يبدأ اباؤهم اوقات دوام مبكرة، ولا يجوز ان يوجد في الصف الواحد اكثر من عدد محدد من الطلبة لا يتجاوز الخمس والعشرين طالبا، والمساواة تعني ان يعطى للطالب المتخلف في مادة ما وقت واهتمام اضافيان كي يتساوى تعليمه مع اقرانه.
تراقب الابنية المدرسية شركات خاصة معنية بمدى صلاحية الابنية للدراسة والعمل، وتراقب الابنية دوائر اخرى مثل البيئة ومؤسسات المجتمع المدني والمجلس البلدي، وفي المطاف الاخير الاباء.
هذا بخصوص التعليم الاجباري من الصف الاول الى التاسع ، والتعليم الاختياري في المرحلة الثانوية لمدة ثلاث سنوات، اما حق التعليم الجامعي فمكفول مدى الحياة، ويتمتع الطلبة بمنح دراسية وقروض ميسرة لمدى ست سنوات دراسية قابلة للتمديد عند الضرورة.
هذا غيض من فيض مدارس العدالة الاجتماعية، هل احدثكم عن مدارسنا!!!؟
ترى ما مدى ما نحتاجه من نضال من اجل ان نرتقي الى مصاف دول كهذه والتي خلقت نظامها هذا من مردود الضرائب وبلا نفط.