شعبنا أمام خيارين في الإنتخابات القادمة خيار المدنية أو المحاصصة الطائفية / د. علي الخالدي

حياة الشعوب تواجه أصعب مراحل تحولها الى العولمة وإقتصاد السوق ، اللتين ستطيحان بقيم حياتها وبكل ما حولها، حيث بات الموت يلهث حولهامن قتل وحروب ، ويرغم حكامها على التسابق في إمتلاك السلاح على حساب تنمية شعوبهم التي تخلصت من اﻹستعمار السياسي المباشر. لكنه سرعان ما عاد متقمصا العولمة وإقتصاد السوق وبهما تم إنعاش القيم المعادية للإشتراكية في أوروبا الشرقية ، وتوسعت قواعد أحزاب الإسلام السياسي واليمين المتطرف ، خصوصا في بلدان الشرق ألاوسطية ، بحيث تمكنت من السيطرة على الحكم في كثير من البلدان ، ومن التواصل مع دول العولمة وإقتصاد السوق بلغة مشتركة سهلت إخضاع ثروات شعوبها لمتطلبات سيطرتها الإقتصادية ، على حساب تنمية بلدانها وتنظيم شؤونها بما يخدم التطور والتحضر.
بوقت مبكرأدرك شعبنا ، بأن نور المجتمع المدني الذي بدأء يسطع بين صفوف جماهيره ، سيكون خير رجاء للتخلص من كماشة العولمة وإقتصاد السوق ، مستغلا أجواء الديقراطية الهشة التي جيء بها بعد إسقاط الصنم ، فأقام مع حاملي الهم الوطني العراقي بتأسيس تيار مدني ديمقراطي ، يقوم بمهمة تحشيد صفوف الجماهير من أجل ضمان كل ما من شأنه أنيعضد مساعيه في سيادة قيم الإنسانية والمحبة والغفران في المجتمع ،سيما وإن الجماهير بدأت تزهد بالقوى المسيطرة على شؤونه ، بعد أنكشاف عورات نهجها الطائفي ، ووعودها الهوائية ، التي أطلقوها في حملاتهم الإنتخابية لدورتين متتاليتين
ينطلقون حاليا لمواصلة السعي لشحذ وسائل إعلامهم المقرؤة وقنواتهم المرئية والمسموعة في بقاع العالم ، بالإستفادة من أمكانياتهم المالية ومواقعهم السيادية لخوض اﻹنتخابات القادمة . مبتدأين بتسريع إقرار قانون سانت ليغو 1.7 ، الذي سيعطيهم مساحة أوسع للهيمنة التي بها سيتواصل تهميش القوى الوطنية والمدنية ، صاحبتي مشروع التغيير والإصلاح بإمتياز. وبذلك سينشطر المجتمع العراقي لقطبين يختلفان كليامن الناحية النظرية والعملية في طريقة التصدي لوسائل الصراع مع العولمة وإقتصاد السوق ، فالقطب اﻷول يفتقد لبرنامج سياسي أقتصاديإجتماعي ، معتمدا على النهج الطائفي والإثني ، عماده تحالف الأحزاب الإسلامية واالقومية التي أذاقت الشعب وبسطاء الناس ممن خدعوا بأساليبهم الدعائية الملتوية الأمَِرين خلال 13 عاما وليومنا هذا . من خلال إحتكارهم لمواقع القرار التي أتصفت بالفشل والفساد ، في أجواء قوانين وتعليمات فصلت على مقاسهم ، منها قانون إنتخابات جائرتشرف عليه هيأة إنتخابية جاءت من رحم المحاصصة فاقدة للإستقلالية والشفافية ، لتضمن إستحواذهم على مقاعد البرلمان مستقبلا ، مع ما سيجري من تزوير في ظلهما ، خاصة بعد أن حشدت (اﻷحزاب الإسلامية وكتلها) جهودها على تغيير لباسها وزركشته بشعارات القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني ، معلنين عن أنهم تحولوا لمدنيين معادين للمحاصصة الطائفية ، وبأنهم بتلك الشعارات سيتنافسون مع غيرهم من القوى الوطنية الفقيرة في وسائل حملاتها الإنتخابية ، لكنها غنية بنزاهتها وبفكرالتقدم والتحضر. ناسين أنهم من كان وراء تصدرالعراق قائمة الفساد وغياب الشفافية في العالم . و وراء إتساع رقعة الفقر والتخلف بين أوساط مجتمعه .
لم يكتفوا بما تراكم لديهم من أموال منقولة وغير منقولة، من خلال الفساد والمحسوبية والسحت الحرام . وبتسييد مصالحهم الذاتية على المصلحة الوطنية العامة ، يطمحون حاليا مواصلتها بتفاهمات وتشكيل قائمة موحدة ،أو يعملون ضمن إطار نهج المحاصصة المقيت خوض الإنتخابات . طبق ذلك عند إختيار محافظ البصرة بدل هروب مزدوج الجنسية من المحاسبة القانونية للخارج ، فإنكشف زيف إدعاءاتهم وهوائية تصريحاتهم ، الهادفة لبلف الجماهيرلنيل أصواتهم في الإنتخابات القادمة والإتيان بنفسالأيدي والوجوه التي ستواصل النهج المقيت
.أزاء ذلك ما على قوى الإصلاح والتغييرالحقيقي ، إلا فضح أساليبهم وتسلكاتهم الملتوية ، بإستغلال أجواء الديقراطية الهشة التي جاءت بها العولمة وفرضتها عليهم دون دراية بماهيتها ضمن حملاتها الإنتخابية الشحيحة الوسائل ، ليطلع عليها من قد يكون قد توهم بورعهم الديني ، واساليبهم الخادعة ، وتحفيز ما تملكه الجماهير من شعور وطني لتوحيد صفوفها تحت خيمة عراقية تتسع لجميع القوى المعادية لمواصلة النهج الطائفي. وتشكيل قائمة إنتخابية ميسرة ومقبولة من كافة أطراف التغيير للحيلولة دون صعود قوى التحاصص لقبة البرلمان القادم ، فهي تبقى متمسكه بثوابته التي لم تترجمها لصالح الجماهير بل لصالح أحزابهموكتلهم الذاتية ، وما تراء لنا في البصرة إلا دليل على ذلك ، مما يؤكد حقيقة إستمرارهم
في تجاهل مساعي القوى الوطنية التي طالبت بلغة مشتركة تتماهى مع إرادة الجماهير، تبعد إنفراد المتحاصيصين بالحكم لكي يصبح الطريق سالكا أمام قوى التغيير والإصلاح الحقيقي نحو تحقيق مبدأء المواطنةبعيدا عن المحاصصة ، وإقامة دولة المجتمع المدني ، التي ستنهض بوضعأسس القواعد العملية للعدالة الإجتماعية القائمة على أعمدة عراقية خالصة. فهل ستتحول الإنتخابات القادمة إلى عملية فرز بين المتحاصصين وبينمن يسعى لبناء مجتمع مدني مرتبط إرتباطا وثيقا بالقيم العراقية وبروحهاالوطنية؟؟