مواطنون وشهود عيان ومراقبون الى جانب نواب ومسؤولين حكوميين في المناطق التي تشهد عمليات عسكرية ضد تنظيم داعش والتنظيمات المسلحة المتحالفة معه، يؤشرون منذ فترة ليست بالقصيرة، قصفا عشوائيا تقوم بها القوات الأمنية الحكومية تسبب باستشهاد وإصابة عدد من المدنيين الأبرياء.
نواب حذروا الحكومة من تجاهل تلك الشكاوى، لأنها ستجعل من المدنيين المتضررين "مواطنين سلبيين"، وستدفعهم الى اللجوء الى "أحضان الإرهاب". وفيما دعت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، الحكومة الى احترام اتفاقية جنيف والبروتوكولات الملحقة بها، طالبت القوات الأمنية بإنشاء ممرات آمنة لخروج الأبرياء من تلك المناطق الساخنة. وحاولت "طريق الشعب" الاتصال بالمتحدثين باسم وزراتي الداخلية والدفاع ومكتب القائد العام للقوات المسلحة، لكن أياً منهم لم يرد على الاتصالات المتكررة. وفي حديث الى "طريق الشعب" أمس الأربعاء، قالت نورة البجاري، النائب عن محافظة نينوى، ان "هناك قصفا عشوائيا على بعض المناطق في محافظة نينوى، ما أوقع الكثير من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين الأبرياء"، داعية الى "ضرورة وجود الحل السياسي لإنهاء الأزمة الموجودة، لان توحيد الصف السياسي بين السياسيين والعشائر سيكون قوة كبيرة بإمكانها مواجهة الإرهاب ودحره من محافظات العراق". وأضافت البجاري أن "الحكومة ليس لديها أي اتصال مع أي قوة تابعة لها في المحافظة أو جهات من المدنيين، لكي تمكنها من رصد تحركات الإرهاب وتحديد الأهداف، كذلك هو الحال في محافظة صلاح الدين ومحافظة الأنبار"، داعية الى انه "على الحكومة ان تكون لها غرفة عمليات تخطط للخروج من الأزمة بالاعتماد على الخبراء العسكريين الأمريكان ودول الجوار للتخلص من الإرهاب المدعوم دوليا وإقليميا حتى يكون العراق ساحة له وتبعد شره عنها". وأوضحت ان "العراق يمتلك خبراء عسكريين وقادة، ولكن للأسف هم اليوم خارج المؤسسة العسكرية، والقادة الذي أخفقوا في الفترة الماضي ليس بإمكانهم تقديم نجاح في هذا الوقت أو المستقبل في مكافحة الإرهاب الخطير". وذكر عدد من المواطنين في نينوى، أمس، لوكالة "المدى برس"، ان "طائرة حربية قصفت، ظهر اليوم (أمس)، محطة تغذية الكهرباء داخل جامعة الموصل وساحة خالية بالقرب من مجمع الشقق السكنية لأساتذة الجامعة شمالي المدينة، ما أسفر عن إصابة عشرة أشخاص، فضلاً عن توقف محطة تغذية الكهرباء وإلحاق إضرار مادية بالمجمع السكني".
كما أعلن رئيس الأطباء المقيمين في مستشفى الفلوجة التعليمي، أمس الأربعاء، أن 16 شخصاً مدنيا استشهد بقصف لقوات الجيش على مناطق متفرقة من الفلوجة، مشيرا الى إصابة آخرين نتيجة القصف. وقال الدكتور أحمد الشامي، لوكالة "المدى برس"، إن "مستشفى الفلوجة استقبل، ظهر اليوم (أمس)، جثث 16 شخصا ومصابين اثر قصف لقوات الجيش المتمركزة خارج مدينة الفلوجة بالراجمات والصواريخ والبراميل المتفجرة على أحياء سكنية في حي 7 نيسان والجمهورية والجولان ومحيط ناحية الصقلاوية والكرمة ومناطق أخرى". الى ذلك، قالت بشرى العبيدي، عضو مفوضية حقوق الإنسان، ان "العراق وخاصة المناطق الساخنة منه فيها عمليات تشهد عمليات عسكرية ضد الإرهابيين، ولكن على القوات الأمنية مراعاة وجود المدنيين في هذه المناطق عند مكافحتها للإرهاب"، مؤكدة على "ضرورة احترام اتفاقية جنيف والبروتوكولات الملحقة بها التي تجعل العمليات العسكرية بان تكون بعيدة عن أرواح المدنيين وممتلكاتهم". وطالبت العبيدي، من خلال "طريق الشعب"، أمس، "القوات الأمنية بالتخطيط والسعي الجاد للحفاظ على أرواح المدنيين عن طريق إنشاء ممرات آمنة لخروج الأبرياء من هذه المناطق الساخنة أو محاولة سحب الإرهاب بذكائهم العسكري إلى مناطق لا يوجد فيها مدنيون وقصفهم والقضاء عليهم"، مشيرة إلى ان "هناك الكثير من الشكاوى وصلت الى المفوضية مصحوبة بصور حول انتهاكات حقوق الإنسان في هذه المدن، ولكن حتى الآن لم يوجد أي دليل على ان هذه الانتهاكات ناتجة عن قصف طائرات أو هي قصف إرهابي".
وكان مصدر امني في محافظة نينوى، أفاد أمس الأربعاء، لوكالة "السومرية نيوز" بأن طائرة مسيرة قصفت محطة للتغذية الكهربائية في الساحل الأيسر من نينوى، بصاروخين ما أسفر عن إلحاق أضرار مادية جسيمة بالمحطة وأوقفتها عن العمل. فيما قال مصدر آخر، مطلع في محافظة نينوى، أمس، إن عناصر تنظيم داعش قاموا بقطع مياه الشرب عن قضاء مخمور وناحية قراج جنوب شرق الموصل والواقعة تحت سيطرة قوات البيشمركة، مبينا أن القطع جاء بعد قيام مديرية القضاء بقطع التيار الكهربائي عن القرى العربية التابعة للقضاء.
وكان تنظيم داعش قد فرض سيطرته على مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، (405 كم شمال العاصمة بغداد)، في (10 حزيران 2014)، واستولى على المقار الأمنية فيها ومطارها، وأطلق سراح المئات من المعتقلين، ما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من أسر المدينة إلى المناطق المجاورة وإقليم كردستان، كما امتد نشاط داعش، إلى محافظات صلاح الدين وكركوك وديالى، كما تشهد محافظة الأنبار، مركزها مدينة الرمادي، عمليات مسلحة مستمرة منذ نهاية 2013 المنصرم، تسببت في سقوط الآلاف من القتلى أو الجرحى، وتهجير أو نزوح مئات الآلاف.