في الموصل..النقاب يفرض على النساء ويجبرن على الزواج من عناصر داعش

متابعة "طريق الشعب"

 بعد استيلاء "داعش" على الموصل كانت أولى قرارات "ديوان الحسبة" تستهدف النساء، إذ فرض عليهن ارتداء النقاب وحُظرت الملابس "غير الاسلامية" ومساحيق التجميل، وسط رفض شعبي لختان الإناث. أما الزواج من رجال التنظيم فهو إجباري.

إقبال العوائل هذا العيد كان أقل على "غابات الموصل"، وهي المكان الوحيد الذي يلجأ إليه الأهالي لقضاء أوقات الفراغ، حيث العديد من المتنزهات. فوجود "داعش" و إصدار "ديوان الحسبة" فرض ارتداء النقاب قبل العيد بأيام قليلة، إضافة إلى تعدد المنشورات والأوامر التي أصدرها التنظيم وأغلبها كانت تستهدف نساء الموصل، كلها عوامل جعلت العوائل تلزم بيوتها.

فرض النقاب ومنع العباءة ومساحيق التجميل

"قام أحدهم بسحب الحجاب الذي أرتديه بقوة إلى جبهتي طالباً مني تغطية كل شعري إضافة إلى غسل وجهي بالماء كي أزيل مساحيق التجميل وإلا اجبر على الخروج من المتنزه أنا وعائلتي"، هذا ما روته لنا نجلاء ( 17 عاماً) عن الحادث الذي تعرضت له في مدينة الملاهي عندما كانت بصحبة عائلتها في اليوم الثالث من أيام عيد الفطر. وتضيف نجلاء "تم منع النساء المتبرجات من دخول مدينة الملاهي وسمحوا بدخول النساء المرتديات للنقاب مجاناً. كذلك منعوا النساء من اللعب بالألعاب المخصصة للكبار".
وعند التجول في شوارع الموصل تجد الكثير من النساء يرتدين النقاب، لكن العدد الأكبر منهن دون نقاب، بيد أن أغلبهن لم يعدن يضعن مساحيق التجميل. يذكر أن "ديوان الحسبة " فرض على نساء الموصل لبس النقاب والمهلة التي أعطاها هي انتهاء أيام العيد، كما بدأت "داعش" تمييز مرتديات الخمار عن غيرهن في المعاملة والأسلوب، كما تعمل على إجبار النساء الأخريات على ارتدائه، مثلما حدث مع الفتاة نجلاء.
في ثاني أيام العيد قامت جماعات داعش بالتجول بسياراتها مطالبة الناس بتطبيق أمر ارتداء النقاب على نسائهم، كما روى لنا أحد السكان وأسمه رافد. وكانت "داعش" قد أصدرت وثيقتها في بداية دخولها إلى مدينة الموصل في حزيران الماضي، نصت تلك الوثيقة على ارتداء النساء للملابس الفضفاضة و"المحتشمة" وحددت موديلات الأزياء النسائية التي يجب على تجار المدينة بيعها، كما حظرت على تجار مواد التجميل عرض مساحيق التجميل وبيعها.
وتقول نجلاء "باتت العباءة الخليجية ممنوعة بحجة أنها مطرزة وملونة أو شفافة فلم نعد نشتريها رغم أن أسعارها انخفضت من 60 دولار إلى 12 دولار، والآن نحن لا نشتري غير الجبة الإسلامية فقط وهي المتوفرة بكثرة في المحال التجارية".
رفض شعبي لختان الإناث

حتى اللحظة لم يصدر "ديوان الحسبة" أمراً بختان النساء، كما كان قد شاع أخيرا، وهذا ما جعل الناس بين مصدق ومكذب للخبر الذي سبق وأن تداولته وسائل الإعلام العالمية، إلا أنه من حيث المبدأ هناك رفض شعبي كبير لمسألة ختان الإناث، خاصة أن هذه العادة لم تمارس في الموصل من قبل أبدا وغير معروفة بل ومستهجنة. ويستغرب الأهالي عندما يسمعون بظاهرة ختان الإناث في بعض الدول الإفريقية، وبالتالي فهم يرفضون هذا الإجراء رفضا تاماً، والمتداول في بلدنا أن الختان يتعلق بالذكور فقط.
تقول أم أحمد، وهي امرأة أربعينية من منطقة النبي شيت، "هذه العادة غريبة علينا في العراق عامة والموصل خاصة وأنا أول مرة أسمع بها ولن أنفذها". وتضيف " إذا أستمر المسلحون بإصدار الأوامر التي تستهدفنا نحن النساء وتضيق علينا الخناق فأننا لن نسكت ونحن عازمات على الخروج في مظاهرة نسائية. لكن في هذه الحالة ربما تستهدف داعش رجال عوائلنا". ويقول رافد، إن أحد رجال "داعش" أكد لهم أن ما أشيع عن فرض الختان غير صحيح وأن هذا لن يطبق في الموصل لأنهم (أي داعش) لا يؤمنون بهذه المسألة".
من جهتها، أكدت عضو مجلس المفوضية العليا لحقوق الإنسان بشرى العبيدي، أن مفوضيتها توثق كل ما وصلها من شكاوى، عن نساء يرغمن على الزواج من الدواعش الأجانب في مدينة الموصل. وقالت العبيدي لـ(IMN)، إن "المفوضية ملزمة بتحويل الشكاوى إلى الادعاء العام لإجراء المتابعات القضائية، بعد تقصي الحقائق الذي لا يمكن القيام به حاليا لاستحالة دخول الموصل". وبينت "وثقنا الانتهاكات التي تأكدنا من وقوعها على يد إرهابيي داعش، و واءمناها مع القوانين الوطنية والدولية، وخاطبنا الادعاء العام لتحريك الدعاوى الجزائية بشأنها والسير بالإجراءات القضائية، وكذلك شرعنا في المخاطبات الدولية لإدانة انتهاكات الدواعش كجرائم دولية".
وتابعت العبيدي "وثقنا حرمان الدواعش لمكونات دينية بأكملها من طقوسها وشعائرها وهدم مقدساتها، فضلا عما أوقعوه في أبناء هذه المكونات من القتل والتهجير وسلب الأموال والممتلكات، وإرغام غير المسلمين على الإسلام وفق الطريقة الداعشية"، واصفة الإرهاب الداعشي بـ "بالمحاولة الممنهجة لطمس حضارة وتاريخ العراق وإنسانيته المتجسدة بمكوناته المتعايشة".
وأعطى الدواعش مهلة أخيرة للأسر الموصلية التي رفضت تقديم بناتها لما يعرف بجهاد النكاح، مهددين بالعقاب في حال عدم تزويجهن من الإرهابيين عقب عيد الفطر.