تأخر إقرار الموازنة يزيد من معاناة النازحين / لويس فؤاد العمار

يمكننا وصف حركة النزوح الجماعي للأقليات الدينية والقومية من المناطق التي سيطر عليها الإرهابيون في شمال العراق بالكارثة الإنسانية التي تهدد عشرات آلاف العراقيين ممن هربوا من محارق الموت ولجأوا إلى محافظات الوسط والجنوب ومعسكرات النزوح في إقليم كردستان. إذ تنقل التقارير الإخبارية على مدار الساعة معاناة النازحين في المناطق التي لجاوا إليها جراء ضعف الإمكانيات المادية فيها بسبب إفلاس ميزانياتها نتيجة فشل مجلس النواب السابق في إقرار الموازنة الاتحادية بداية العام الحالي المرتبط بالصراعات السياسية والمماحكات بين القوى المتنفذة في السلطة ما أوقع هذه المحافظات في مأزق تمثل في عدم قدرتها على توفير مستلزمات الحياة الكريمة لعشرات آلاف النازحين العراقيين.
المواطن احمد عبد الكريم أشار في حديثه لـ " طريق الشعب" أن آلاف العائلات العراقية النازحة تعيش أوضاعا إنسانية كارثية بمعنى الكلمة بسبب افتقار الأماكن التي لجأت إليها إلى ابسط مستلزمات الحياة الكريمة. لافتا من خلال حديثه إلى أن اغلب هذه العائلات النازحة تسكن بشكل جماعي في الحسينيات والمواكب الحسينية على الطريق الرابط بين كربلاء والنجف وتتشارك في دورات المياه والحمامات القليلة العدد قياسا بإعداد العائلات التي تستخدمها. عبد الكريم أشار أيضا إلى أن وقع الكارثة كان يمكن أن يصبح اخف وطأة فيما لو أقرت الموازنة الاتحادية في وقتها المحدد، ولكان بالامكان توفير الأموال اللازمة لإغاثة النازحين وتوفير مستلزمات العيش الكريم واللائق لهم. مبينا أن الموازنة الاتحادية تتضمن على الدوام بندا خاصا بالطواريء يستخدم لمثل هكذا حالات إنسانية مأساوية.
وتشير المواطنة هبة عادل إلى أن اغلب العائلات النازحة من مدينة الموصل واقضيتها ذات التركيبة السكانية القومية والدينية لديها أطفال رضع وهم بحاجة إلى العناية الطبية اللازمة .
فضلا عن كبار السن ممن يعانون أمراض مزمنة تتطلب علاجا وأدوية يومية . لافتة إلى أن اغلب الأماكن التي نزحت إليها العائلات المهجرة التي فرت من شبح الموت تفتقر إلى الخدمات الطبية ذات المستوى الجيد والتي تؤمن حاجة المرضى من الأدوية الضرورية وغيرها من المستلزمات العلاجية. وتقول : أن مناطق النزوح والطرق التي سلكها النازحون للتوجه إلى أماكن أكثر أمنا شهدت وفاة عدد كبير من الأطفال وكبار السن نتيجة إصابتهم بالإسهال والجفاف والإعياء والحمى الشديدة بسبب عدم توفر العلاجات الضرورية لمثل هذه الحالات نتيجة لضعف الإمكانيات المادية لحكومات المحافظات التي توجه إليها النازحون جراء تأخر إقرار الموازنة الاتحادية منذ ما يقرب الستة أشهر ما تسبب بشبه إفلاس لتلك المحافظات وصعوبة توفير متطلبات واحتياجات النازحين الإنسانية تبعا لهذا الحال.
ويرى المواطن شامل عبد الرحيم ضرورة أن يعجل مجلس النواب العراقي الحالي بإقرار الموازنة الاتحادية بعد تعديلها من قبل الحكومة لتدارك الوضع المأساوي الذي يعاني منه المهجرون جراء عدم قدرة المحافظات الجنوبية التي احتضنت النازحين على توفير كامل احتياجاتهم من قبيل الأغذية والأدوية والمستلزمات الإنسانية الأخرى.
كما يؤكد المواطن ثائر هاشم الغريباوي أن النازحين من مناطق شمال العراق باتجاه محافظات الوسط والجنوب وإقليم كردستان فقدوا كل ما يملكون وبالتالي وجدوا أنفسهم مجبرين على تقاسم السكن مع العائلات المهجرة الأخرى في أماكن تفتقر لأبسط مستلزمات العيش الكريم والمناسب.
مبينا أن النزوح بحد ذاته ينطوي على معاناة شديدة فما بالك إذا تزامن مع إفلاس المحافظات التي لجا إليها النازحون بحيث تعجز حكومات هذه المحافظات عن توفير كامل المتطلبات الإنسانية والاغاثية للعائلات النازحة.
المواطن رشيد حميد بين أن أكثر المساعدات المقدمة للعائلات النازحة جاءت عن طريق متبرعين من أهالي المحافظات التي استقبلت موجات النزوح الجماعي لعراقيين فروا من الموت على يد الإرهابيين الذي اجتاحوا مناطقهم. مؤكدا أن بعض المنظمات المدنية والتي لا تملك هي الأخرى إمكانيات مادية كبيرة قامت بتقديم بعض المساعدات البسيطة للنازحين تمثلت ببعض المواد الغذائية وكميات من المياه. مشيرا إلى أن المنح المالية المقدمة للعائلات النازحة من قبل وزارة الهجرة والمهجرين قليلة ، ويعتريها الكثير من التلكؤ والتباطؤ في عملية توزيعها عليهم .
داعيا مجلس النواب العراقي والحكومة إلى الإسراع بإقرار الموازنة الاتحادية لتخصيص الأموال اللازمة لهؤلاء النازحين بغية تخفيف معاناتهم المروعة.
حركة النزوح الجماعي لآلاف العائلات العراقية لم تتوقف حتى ساعة كتابة هذا التقرير بسبب تمكن المجاميع الإرهابية من الاستيلاء على مناطق جديدة كانت آخرها قضاء سنجار وتشريد الآلاف من ساكنيها تحت ظروف إنسانية غاية في المأساة ما عدا الذين لم يتمكنوا من الهرب وتعرضوا للقتل أو( السبي) كما حصل لمئات من النساء الايزيديات ما يتطلب موقفا جديا من قبل الحكومة الاتحادية ومجلس النواب لوضع حد لهذه المعاناة إضافة إلى الإسراع بإقرار الموازنة الاتحادية وتخصيص مبالغ مالية عاجلة وكافية للنازحين.