كومونة الرشيد.. في ذكراها الثانية والخمسين / جبار مجيد صخي

اجتاحت العراق بعد انقلاب 8شباط الاسود موجة ظلامية, وجريمة منظمة مخطط لها من شماله الى جنوبه بهدف الاطاحة بحكومة ثورة 14 تموز الوطنية التي قدمت الكثير من المنجزات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على قصر عمرها .وقد اصبحت هذه الثورة شعلة وهاجة انارت سماء المنطقة وارعبت انظمتها الرجعية وهددت مصالح الاستعمار وشركاته النفطية.
في ذلك اليوم المشؤوم نجح الانقلابيون في تنفيذ جريمتهم النكراء وتحقيق اهداف اسيادهم حيث تمت استباحة حرمة الوطن وقدسية وكرامة المواطن في حملة اعتقالات جماعية همجية شعواء طالت العديد من المواطنين والموظفين بتهمة الشيوعية او القاسمية او بتهمة الانتساب للمنظمات المهنية والديمقراطية. وفي ايام معدودة امتلأت سجون ومعتقلات العراق ومراكز الشرطة بأعداد هائلة من المعتقلين مما اضطر الانقلابيين الى تحويل قاعات الملاعب الرياضية وقاعات معسكرات الجيش الى معسكرات اعتقال ومراكز تعذيب ومسالخ بشرية لانتزاع الاعترافات من المواطنين وبأساليب وحشية.
لقد استخدم جلاوزة البعث اساليب تعذيب غير اخلاقية ضد الشيوعيين وقادة الحزب لانتزاع ما يمكن انتزاعه منهم عن طريق قساوة التعذيب وتقطيع الاوصال وابتكار اساليب تعكس سلوكهم اللاإنساني .
بهذه الاجواء السوداء مع تسارع الاحداث والاخبار المؤلمة والمفزعة التي تتحدث عن انكشاف منظمات الحزب وضعف مواقف البعض ممن خارت قواه نتيجة التعذيب القاسي ,رأى البعض بأن الحزب الشيوعي العراقي سوف لن تقوم له قائمة بعد هذه الفاجعة الكارثية التي خسر فيها الكثير من قادته وكوادره وعلى رأسهم الخالد سلام عادل سكرتير الحزب الشيوعي العراقي.
وفي ظل هذه الاجواء المحبطة وشيوع روح التشاؤم مع تزايد نعيق غربان الانقلابيين المشؤومة وصخب اعلامهم المأجور الذي يهلل ويبشر بنهاية الشيوعية في العراق, حدث الانفجار المدوي ( كومونة الرشيد الصاعقة) انتفاضة 3تموز 1963 البطولية التي زعزعت الارض تحت اقدام الانقلابيين الاوباش وحرسهم القومي الذين انهاروا وتركوا مواقعهم مذعورين في اول لحظات سماعهم اخبار الانتفاضة المجيدة لإسقاط حكم الفاشيين وعصابات الجريمة المنظمة. لقد فشلت انتفاضة 3تموز في تحقيق هدفها في اسقاط حكم القتلة الذين جاءوا بالقاطرة الامريكية, الا انها قد حققت نجاحا تاريخيا عظيما في تغيير مجرى الاحداث والاجواء المرعبة وكسرت شوكة وجبروت الانقلابيين واعادت التوازن للمناضلين والمعتقلين. ونجحت كذلك في احداث ثورة فكرية ومعنوية وانعطافة نوعية ايجابية داخل المعتقلات الفاشية. واعادت ثقة الشيوعيين بحزبهم الذي اكدت الانتفاضة انه متواجد في ساحات النضال ويواصل العمل بشجاعة الشيوعيين المعهودة متحديا فاشية الانقلابيين القتلة على الرغم من خساراته الكبيرة وجراحاته البليغة.
كذلك اعادت الانتفاضة الباسلة روح المقاومة والتحدي وتقاليد العمل النضالي وحميمية العلاقات الرفاقية وقدسيتها بين المعتقلين التي اصابها الفتور والتوجس خوفا من اساليب البعث الخبيثة في الاندساس وشراء الذمم.
في ذكرى انتفاضة 3 تموز المجيدة ننحني اجلالا واحتراما لقادة حزبنا الابطال شهداء 8شباط الاسود ولهذه الكوكبة من الفرسان الشجعان الاقتحاميين الذين اقتحموا قلاع الفاشية وسقطوا دفاعا عن مبادئهم وشعبهم .