- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 08 تموز/يوليو 2015 17:02

جمهور الثقافة العراقي في هولندا كان على موعد ، مساء الرابع من تموز ، وعلى فضاء النادي المندائي الثقافي بمدينة دنهاخ " لاهاي " . تلبية لدعوة منظمة الحزب الشيوعي والبلاتفورم العراقي ، للاحتفاء بالفنانة ايمان خضر وبفلمها " مقاهي بغداد " الذي انتج في اطار مهرجان " بغداد عاصمة للثقافة " ، الفلم الذي حجب عن العرض .، حينها ، ولاسباب لم تستطع وزارة الثقافة ببغداد ام تبررها لحد الان .
الفنانة ايمان خضر ، القادمة من ذي قار ، بيروت ، دمشق ، لندن ، القاهرة ، الدوحة .. ومن بغداد اليها : حلت نسيما عراقيا عذبا ، بين مواطنيها ، اصدقاؤها ، و رفاقها ، الذين ماتزال ذاكرتهم تحتفظ بصورة ايمان خضر : جديتها وتنوع انشغالاتها الفنية في المسرح ، الاذاعة ، التلفزيون واخيرا في السينما ..
احتفى الجمهور ايضا بالحضور الهام للفنان المخرج السينمائي المعروف قاسم حول ، الذي منح الامسية عمقا وحيوية ، من خلال اضاءته للعديد من مفاصل الوضع الثقافي والفني الراهن في العراق والسينمائي منه بخاصة ، ومستوى الخراب العميق الذي يضرب منجزات الثقافة العراقية التي تراكمت عبر عقود من
السنوات ، بسبب نظام المحاصصة والفساد والارهاب الثقافي .
مقاهي بغداد
عصية هي الكلمات في وصف انشداد الجمهور للفلم ، وحتى ما بعد انهاء عرض الفلم ... وكنت ترى دمعا يذرف ، آهة حزن عراقية، وصمت يضج بكلام كثير .. ربما بسمة شاردة، ضحكة ، اختلاط عواطف ، تعليق من صدر لم يستطع حبس انفعاله .. ذلك لان الفلم كان جردة حساب لتاريخ بلد بأكمله ، عبر بغداد المدينة ومقاهيها الكثيرة والمتنوعة الطبقات والانتماءات والزبائن ..
الفنانة ايمان خضر ، استطاعت ان تتنقل برشاقة ودراية بين طبقات المكان وتواريخه ، بين اشتباك السياسي بالاجتماعي والثقافي .. بين محطات الابداع الادبي والفني والسياسي ، حيث كتبت قصائد هامة في هذه المقهى ، وكتب بيان سياسي بتلك ، كان عنوانا لتظاهرة معارضة كبيرة ، الى تلك التي احتفظت بحضور متميز لاسماء وعناوين شكلت محطات بارزة في خرائط الوطن .. مقاه مثل : الزهاوي ، البرلمان ، الشاهبندر ، حسن عجمي ، المعقدين ..الخ كانت ولم يزل بعضها يحتفظ بأريج التاريخ رغم دخان الحروب والارهاب ..
لغة الفلم السنمائية ، وعلى اتساع ثيمة الفلم ومشقات العمل السينمائي في بغداد اليوم ، كانت تتسم بالبساطة والعمق الكافيين ، ما يتيح فضاءا واسعا للمشاهدين ، على اختلاف اهتماماتهم ، للعبور بين كراسي المقاهي ، تخوتها ، عطور شايها ، دخان اراكيلها ، الى رؤية بانورامية للمشهد العراقي ، رغم كل تعقيداته وتفاصيله العصية على العد .. وبالرغم من ذكورية تيمة الفلم ، الا ان المخرجة ومن خلال الاعداد الدقيق والعميق لمادتها استطاعت ان تمسك بمادتها بشجاعة واستاذية ، كما لو كانت زبونا دائما لتلك المقاهي !

المخرجة ومن خلال شهادات اختيرت بعناية . ان تضيء مفاصل عملها بالضروري من التفاصيل التي هي رهن ذاكرات تحفل بالكثير : زهير الجزائري " روائي وصحفي " ، هاشم حسن " استاذ اعلام " ، اسماعيل زاير " صحفي " ، محمد الخشالي " صاحب مقهى الشاهبندر " واخرين .. ذلك لان المقهى كمكان تنوع اطياف معناه بالنسبة لرواده ، من مكان لاستقبال الضيوف ، الى باحة لخيال الظل ، قراقوز ، الجالغي البغدادي ، القصة خون .. وهو ايضا المكان الذي شهد معارك ادبية بين شعراء كبار ، وظهور اتجاهات ادبية وفنية ، وايضا كملاذ بعيد عن جبهات قتال بغيضة ..
كانت الاستراحة التي اعقبت عرض الفلم ، مساحة للحوار بين المشاهدين والمخرجة ، امتد الى الوقت المخصص لاسئلة الجمهور وملاحظاتهم التي جاءت نتيجة للتواصل الشغوف مع الفلم .
انتهى الوقت المخصص للامسية ، لكن الحوارات لم تنته ، اذ تواصلت خارج المنتدى ، تحركها قوة الفن وضرورته ، ايضا قوة التاريخ التي منحت بغداد ، والعراق باسره طاقة حب لا تنضب عابرة للحدود ومشقات التعبير عن ماض وحاضر ومستقبل تتصارعه مئات الاسئلة والاحتمالات ..
منظمة الحزب الشيوعي العراقي والبلاتفورم العراقي ، راعيتا الامسية ، التي اقيمت على شرف الذكرى السابعة والخمسين لثورة 14 تموز المجيدة ، توجت المساء بباقات ورد جميلة للفنانة ايمان خضر ولفلمها اللافت ، وايضا للفنان الكبير قاسم حول على حضوره الجميل ..
ادار الامسية : الفنان قاسم الساعدي