الفقيد عبدالهادي رياح مناضل ثوري وشاعر وانسان / حازم الجعفري

ولد الفقيد الرفيق عبد الهادي رياح ابو انيس في مدينة الشامية عام 1939من عائلة متوسطة الحال تسكن في منطقة آل شبانة المعروفة بعلاقتها مع الحزب الشيوعي وقد برز من ابنائها شيوعيين ومناضلين كبار مثل عبد الحمزة رياح شقيق ابو انيس وغالب سباح وكريم مجيلد ومبدر حولي وكاظم خضير وعبد الامير زغير والرفيقة كوربا رياح شقيقة ابو انيس ايضا .
وفي مثل تلك الاجواء ووجود اؤلئك المناضلين نما وترعرع الرفيق ابو انيس ونشا على حب الحزب والانتماء اليه وعمل على الدفاع عن مصالح الطبقات الفقيرة والعاملة التي ينتمي اليها . وبسبب الحاجة المادية ترك الدراسة وهو في المتوسطة وذهب للعمل في مصلحة نقل الركاب في بغداد بصفة جابي بعد ان سبقه شقيقه الكبير عبد الحمزة في العمل في تلك المصلحة. وقد نشط الرفيق ابو انيس نقابيا في مصلحة نقل الركاب ووصل الى مركز قيادي في النقابة وقد فصل من العمل لنشاطه الشيوعي والنقابي وعاد الى مدينته الشامية والتحق في صفوف منظمة الحزب وكان شعلة من النشاط والجرأة والصمود.
وعند قيام انقلاب شباط الاسود عام 1963 القي القبض عليه واوقف في مركز شرطة الشامية واحيل الى المجلس العرفي حيث حكم عليه بالسجن لمدة عامين ونقل على الفور الى نكرة السلمان والتي قضى فيها سنة وكان معه منعم جواد وجواد زيني وحمزة خطار وميري دبان وهم جميعا من رفاق منظمة الشامية. وبعدها نقل الى سجن الرمادي وبعد اكمل مدة محكوميته اطلق سراحه عاد بعدها الى مدينته الشامية. وقدّم طلبا للعودة الى الثانوية وقبل الطلب ولكنه لم يبق طويلا في مقاعد الدراسة اذ ناصبه العداء احد المدرسين الموتورين وافتعل معه مشادّة ترك على اثرها الدراسة واخذ يعمل كادحا لاعالة زوجته واطفاله. وقد كان في تلك الفترة محل ملاحقة من رجال الامن والبعث وقد كثرت الاستدعاءات له لدائرة الامن والاعتقالات بين فترة واخرى وفي احدى المرات القى القبض عليه هو والرفيق حمزة طلال وتم حلق رأسيهما واركابهما في سيارة الشرطة والتجوال بهما في شوارع المدينة بتهمة الاخلال ب (الاقتصاد الوطني) لانهما يبيعان في بسطيتهما باعلى من السعر الرسمي !!.
وبعدها حصل على عمل في مكبس التمور الى ان احيل على التقاعد . وبعد سقوط النظام كان من اوائل الذين عادوا للنضال في صفوف الحزب وكان دائم الحضور وفي كل المناسبات بقصائده الرائعة وقد صدر له في تلك الفترة ديواني شعر بالشعبي والفصيح وكان الرفيق ابو انيس سريع البديهية لماحا, وفي احدى المناسبات الدينية ( ميلاد الامام علي ابن ابي طالب ع) وجهت الدعوة للرفيق ابو انيس لإلقاء قصيدة وكان عريف الحفل عندما ينادي على الشعراء عندما تاتي ادوارهم يقول ( يتفضل الشاعر فلان الفلاني فاستقبلوه بالصلاة على محمد وال محمد ) ولما وصل الدور الى شاعرنا ابو انيس اكتفى عريف الحفل بذكر اسمه فقط ..فحز ذلك في نفسه !!! وعندما وقف امام المكرفون خاطب الجمهور قائلا انا عبد الهادي رياح الديانة مسلم واشهد بان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله واشهد ان عليا وليّ الله .... فاستقبلوني بالصلاة على محمد وال محمد . عندها ضجّت القاعة بالتصفيق لعدة دقائق وسط خجل وخذلان عريف الحفل .
وفي احد الايام وصلت معلومة للحزب تفيد بان احد القرّاء عندما يقراء في المجالس يهاجم الحزب الشيوعي وكان هذا القارئ قد اعدم له النظام السابق اثنان من افراد عائلته وفي صباح اليوم الثاني ذهب الرفيق ابو انيس الى المقهى التي تعوّد ذلك القارئ ان يجلس فيها وسلّم عليه وجلس امامه وقال ابو انيس لذلك القارئ سمعت ياشيخ ان الشيوعيين قد اعدموا عمك واخاك ! فردّ عليه الشيخ لا..لا ان من اعدمهم هم البعث وصدام فكرر عليه ابو انيس قائلا . ولكنني متاكد من ان الشيوعيين هم من اعدموهما فانتفض الرجل وقال هما اقربائي وانا اعرف من اعدمهما وهم البعثيين وصدام . وهنا قال له ابو انيس وامام كل رواد المقهى اذا كان البعث وصدام من اعدمهما فلماذا تتهجم على الحزب الشيوعي في مجالسك عندها اطرق الرجل خجلا وقال انا اسف وانا على خطأ وانا اعتذر من الحزب . وفعلا لم نعد نسمع من ذلك الرجل أي تهجم على الحزب الشيوعي وقد اصبح من الاصدقاء المقربين لابي انيس
اصيب الرفيق ابو انيس بجلطة دماغية توفي على اثرها وقد ترك لنا ارثا نضاليا ثرا.
المجد والخلود للرفيق المناضل ابو انيس.