وثائق وبيانات

الشيوعي العراقي: ثقتنا عالية بجماهير شعبنا

وفرت التطورات السياسية والاجتماعية في بلادنا، منذ العقود الأولى للقرن العشرين، ومع نضوج الطبقة العاملة وتحولها من طبقة بذاتها إلى طبقة لذاتها، اضافة الى التأثيرات الايجابية لثورة أكتوبر الاشتراكية، وانتشار الأفكار التقدمية في مناطق واسعة من العالم، شروط ظهور الحزب الشيوعي العراقي. وبذلك تحقق حلم العمال والفلاحين، وسائر الكادحين العراقيين، بأن يكون لهم حزبهم الخاص بهم، حزب يعبر عن طموحاتهم وأهدافهم الجذرية، ويقود نضالاتهم لبناء وطن حر وشعب سعيد.
وكان تأسيس الحزب قد تحقق بمبادرة كوكبة من الثوريين الرواد، يتصدرهم مؤسس الحزب وبانيه يوسف سلمان يوسف - فهد عبر توحيد الخلايا والحلقات الماركسية المتناثرة في الناصرية والبصرة وبغداد. فكان ظهوره الأول في 31 آذار 1934 باسم "لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار"، ليتحول بعد سنة واحدة إلى "الحزب الشيوعي العراقي".
واحدث الإعلان عن تأسيس الحزب، وانغماره في النضال على الفور، دفاعاً عن مصالح الفقراء والمحرومين، اصداء وارتدادات كانت بمثابة الزلزال في الحياة السياسية العراقية الراكدة، والمحتكرة من بعض الأحزاب التقليدية. ولهذا تعاملت السلطات الملكية الرجعية آنذاك مع الوليد الجديد بمنتهى الهمجية، التي صارت عنواناً ثابتاً لكل الحكومات اليمنية والديكتاتورية، التي تعاقبت لاحقا على حكم العراق، لا سيما في فترتي حكم البعث العفلقي سنة 1963، وفي ما بعد 1968، لأنها كانت تعلم جيداً أن الحزب الشيوعي يشكل خطراً حقيقياً على مصالحها الطبقية والسياسية.
ومنذ الخطوات الأولى كان هاجس الحزب الرئيسي هو تحقيق الاستقلال والسيادة الوطنية الكاملة، وتوزيع الأراضي على الفلاحين، وضمان حقوق العمال وحرياتهم النقابية، وتأمين الحريات الديمقراطية لجماهير الشعب وأحزابها الوطنية، ونصرة الشعوب العربية المكافحة وخاصة الشعب الفلسطيني، وكل شعوب الأرض في نضالها من اجل التحرر والديمقراطية، والخلاص من الهيمنة الامبريالية. وفي الوقت ذاته ناضل الحزب بثبات، ضد السياسات الشوفينية والتمييزية للحكومات الديكتاتورية المتعاقبة، ومن اجل تمتع الشعب الكردي وسائر القوميات الأخرى، بحقوقهم المشروعة في إطار عراق ديمقراطي اتحادي موحد.
واتخذ الحزب موقفاً متميزاً من المرأة وحقوقها، وشدد على ضرورة مساواتها بأخيها الرجل. كما أولى اهتماماً كبيراً للثقافة والمثقفين، وعمل الى تهيئة الأجواء المواتية لإظهار طاقاتهم ورعاية إبداعاتهم، بالتزامن والتناغم مع نضاله لتحرير الفقراء وذوي الدخل المحدود، من براثن الواقع الاجتماعي المتخلف، ومن علاقات الإنتاج الاستغلالية. ولاجل ذلك سعى دوماً إلى تكوين أوسع حركة جماهيرية اجتماعية ديمقراطية، وتصدر النضالات السياسية والاقتصادية، وقاد بجدارة الانتفاضات والهبات الشعبية، التي اندلعت ضد الطغيان والعسف، وضد مصادرة حق الشعب في التعبير عن رأيه وتمتعه بحرياته أسْوة بشعوب العالم الحرّة.
واعتمد الحزب كذلك موقفا مشهودا من الدين والمتدينين، يتجسد في الاحترام الكامل له ولهم، والدعوة إلى التسامح والتعايش السلمي بين الأديان والمذاهب، وضمان حقوقها في ممارسة الشعائر والطقوس الدينية بأمان وحرية، وعدم زجها في الصراعات السياسية، لان من شأن ذلك أن يشكل إساءة إلى الدين نفسه، خصوصاً اذا ما اقترن الأمر بالتعصب الطائفي. وهو ما يؤدي في المطاف الأخير إلى تناحرات خطيرة، قد تصعب السيطرة عليها. وذلك ما نشهده، للاسف الشديد، في الوضع الراهن بالغ الخطورة.
أيها الرفاق والاصدقاء الأعزاء
الحضور الكريم
نحتفل هذا العام بالذكرى الثمانين لميلاد حزبنا الفتي، وعراقنا الغالي يمرّ بأزمة عامة شاملة، ازدادت تعقيداً في الفترة الأخيرة، ارتباطاً بالإصرار الغريب على اعتماد المحاصصة الطائفية والاثنية في كل مفاصل العملية السياسية وفي زوايا المجتمع قاطبة. واقترن ذلك باقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، وشعور البعض بان فرص البقاء على نفس الكراسي الوثيرة، اصبحت محدودة بفعل سياساته ونهجه وادائه.
أن تغليب المصالح الأنانية الضيقة، سواء كانت شخصية، أو طائفية، أو جهوية، وعدم الالتفات إلى مصالح الشعب والوطن، وما رافق ذلك ويرافقه من صراعات وتسقيط سياسي متبادل، ومن إعلاء لراية الإقصاء والتهميش، والعمل على تركيز السلطات بيد جهة واحدة، والقضم المتواصل للحريات الديمقراطية وما يصاحب ذلك من تكميم للأفواه وتجاوز على الدستور، كذلك بقاء قوانين الطاغية صدام فيصلا في الكثير من الأمور..هذا كله أدى كما نرى اليوم، إلى التدهور المريع في الملف الامني، وعلى الاصعدة السياسية والاقتصادية والخدمية والاجتماعية والثقافية.
إن استمرار هذه الأوضاع المثيرة لاشد القلق، ومواصلة النهج الحالي في معالجة المشاكل والأزمات، وفي إدارة شؤون الدولة ومختلف مؤسساتها، من شأنه أن يؤدي إلى ماهو اخطر واشد مرارة، إذا لم تحصل نقلة نوعية في التفكير السياسي لقادة البلد، وفي نبذ المحاصصة جملة وتفصيلاً، ثم الجلوس إلى طاولة الحوار، وإبداء الاستعداد لتقديم التنازلات المتقابلة، واحترام الرأي الآخر، وإشراك الآخرين في صناعة القرار السياسي، بعيداً عن التفرد، وعن الاستسلام لنزعات الغرور والمبالغة في القدرات الذاتية. وقد ضمّن حزبنا تحليله للأوضاع الراهنة، وتصوراته ومقترحاته الملموسة لمواجهة تحدياتها، ومخاطرها على أمن البلاد ووحدة نسيجها الوطني، وعلى مسيرة التحول الديمقراطي، في مذكرة وجهها اواخر شباط الماضي الى الرئاسات الثلاث، والكتل االسياسية، وقادة الأحزاب السياسية، واضعاً إياهم أمام مسؤولياتهم التاريخية والوطنية، ومنبهاً الى أن التاريخ لن يرحم من يساهم في إفقار شعبه، وتدمير بلده.
وفي هذه المناسبة نجدد ثقتنا العالية بجماهير شعبنا، وقدرتها على اختيار من يمثلها حقاً وصدقاً في الانتخابات البرلمانية القادمة، بعد أن انكشف زيف وتضليل من أطلقوا الوعود جزافاً، ولم يحققوا شيئاً يعتد به للشعب، ولا حتى لناخبيهم، بل فعلوا العكس تماماً، إذ ملأوا جيوبهم بالمال الحرام، وكرسوا الطائفية بأبشع صورها، وادخلوا العراق في نفق لا نورا يرى في نهايته.
وختاما نؤكد ان قائمة التحالف المدني الديمقراطي، هي طوق النجاة للعراقيين جميعاً، لأنها تضم في صفوفها كل الذين يناضلون، لإنقاذ العراق من امراض الطائفية والتسلط، ومن الفساد المالي والإداري، والرشوة واللصوصية، ولتحقيق حلم الشعب في القضاء على الإرهاب والإرهابيين، والعيش في بحبوحة من الأمن والسلام والعدالة الاجتماعية.
- عاش الحزب الشيوعي العراقي
- النصر حليف شعبنا وقواه الديمقراطية في بناء العراق المدني الديمقراطي المزدهر
- المجد والخلود لشهداء الحزب والشعب الابرار
ــــــــــــــــــــــــــ
كلمة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي التي القاها الرفيق مفيد الجزائري القيادي في الحزب