وثائق وبيانات

في ذكرى ثورة 14 تموز الخالدة .. وهج الثورة يظل نبراساً

تحل هذه الأيام ذكرى عزيزة على قلوب الملايين من أبناء عراقنا الحبيب؛ ذكرى العيد الوطني لشعبنا، ثورة الشعب و الجيش، الوطنية التحررية الكبرى في الرابع عشر من تموز1958.
لقد دخل ذلك اليوم الأغر تاريخ بلادنا باعتباره عرساً جماهيرياً خالداً عبّر عن آمال وتطلعات الملايين من الفقراء والكادحين، من العمال والفلاحين وذوي الدخل المحدود. وتماهى مع أحلام مثقفيه و مبدعيه وعموم شرائح الشعب وفئاته الاجتماعية الوطنية التي كانت تطمح إلى حياة جديدة وعراق جديد؛ عراق لكل العراقيين، في ظل نظام حكم وطني ديمقراطي متحرر من الهيمنة الأجنبية، والارتهان لمصالح قلة قليلة من المتنفذين ومريديهم على حساب اوسع الفئات الشعبية والطبقات الاجتماعية.
لقد شكّل التحرك العسكري الجريء الذي احتضنته الملايين من ابناء الشعب منذ لحظات تفجره الأولى، صبيحة ذلك الاثنين المجيد، انعطافاً حاسماً في تاريخ البلاد. انعطافاً غيّر بشكل جذري عميق في غضون سنوات قلائل من خلال المنجزات الكبرى التي تحققت حينها، واقع العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وفتح آفاقاً رحبة أمام تطوره اللاحق، وهذا ما منحه عن جدارة، وهو الحدث التاريخي الهام صفة الثورة الحقيقية.
تمر الذكرى الخامسة والخمسون للثورة المجيدة و بلادنا ما تزال تعاني من وطأة تناحرات الساسة المتنفذين وصراعات كتلهم على مواقع النفوذ والسلطة. وتدفع غاليا فاتورة هذه الصراعات العبثية والمدمرة، وهو ما أضاع على عراقنا الكثير من فرص التطور والتقدم، وأبقاه في عداد الدول المتخلفة في ميادين اقتصادية واجتماعية وتقنية وعلمية كثيرة، ينخر فيها سرطان التناحر الطائفي و الجهوي البغيض والفساد المستشري.
ورغم التهدئة النسبية التي أعقبت عدداً من المبادرات و الدعوات التي شهدتها الفترة الاخيرة، الا ان استمرار المراوحة في المكان ذاته وعدم مواصلة طرح مبادرات جادة و جريئة ومحددة بسقوف زمنية والتزامات، ومنها عقد المؤتمر الوطني الشامل، لإخراج البلاد من عنق الزجاجة التي حشرها المتنفذون فيها ، ما زالت هي السمة الغالبة للوضع العام. و يمكن لواقع المراوحة هذا أن يقود البلاد إلى منزلقات جديدة وأزمات أعمق واشد وطأة وخطورة، خاصة وأن هناك أطرافاً غير راضية عن التهدئة النسبية المتحققة، فتدفع في اتجاه إدامة التصعيد. وهي من قبيل تجار الحرب والمتطرفين والانتهازيين وبعض السياسيين الذين تسلقوا عالياً بفضل الأوضاع غير الطبيعية السائدة.
إنها لمناسبة يجدر فيها الإشادة بالنجاحات النسبية، في انتخابات مجالس المحافظات، التي حققتها القوى المدنية الديمقراطية العابرة للطوائف والإثنيات؛ الممثلة بالتيار الديمقراطي وحلفائه. كذلك تأكيد أهمية توسيع إطار هذه التحالفات، و توظيف النجاحات المتحققة في الاستعداد لانتخابات مجلس النواب في العام القادم، من اجل تحقيق نجاحات اكبر، وبما يتناسب مع حجم القوى المدنية الديمقراطية وسعة انتشارها وعمقه في مجتمعنا، وبما يتناسب أيضاً مع إسهامها المرتقب في وضع حد لمسلسل الازمات الذي مازال يعصف ببلادنا منذ سنوات عدة، وفي وضع العراق على سكة التطور الديمقراطي الحقيقي، السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي.
وفي هذا الشأن يقع على عاتق جميع القوى و الاطر المدنية و الديمقراطية وعلى كاهل كل من يعز عليه مستقبل البلاد وقضية رقيها وتحضرها، مهمة مواصلة النضال لاعتماد خيارات انتخابية منصفة، وفي المقدمة منها:
1- اعتماد طريقة سانت ليغو أو أي طريقة أخرى قريبة منها، كنظام انتخابي مناسب وعادل لتوزيع المقاعد للانتخابات البرلمانية، لا يصادر أصوات الناخبين ولا حقهم في الاختيار.
2- اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة واعتماد النسبية في حساب الاصوات و توزيع المقاعد و المسؤوليات.
3- سن قانون الاحزاب السياسية الذي طال انتظاره.
4- إجراء التعداد السكاني العام
تحل ذكرى ثورة الرابع عشر من تموز هذا العام كما في الاعوام القريبة الماضية، في أجواء حراك جماهيري متجدد تعيشه شعوب منطقتنا وهي تنفض عن كاهلها التركة الثقيلة لانظمة العسف و الاستبداد والتفرد، ومن اجل الحرية و الديمقراطية و الكرامة الانسانية و العدالة الاجتماعية.
ويتابع مناصرو قضايا الحرية والديمقراطية وقضايا الإنسان وحقوقه وكل المتطلعين إلى غد أجمل لبني البشر في كل مكان، يتابعون بارتياح كبير التحركات الجماهيرية والنجاحات التي حققتها القوى الوطنية المدنية الديمقراطية الرافضة للتفرد والتطرف ولمحاولات احتكار السلطة و التضييق على الحريات وايقاف عجلة التطور التاريخي، مثل انتصار الشعب المصري الشقيق في هبته المليونية التصحيحية الجديدة في الثلاثين من حزيران الماضي ، و صعود القوى الاصلاحية ذات التطلعات المدنية في إيران ، و التحركات الجماهيرية الواسعة في تركيا ضد هيمنة الاتجاه الواحد وغطرسة الحزب الواحد، كذلك الأصوات والتململات المتسعة المطالبة بالانفتاح والتجديد في اكثر من دولة خليجية.
إنها بشائر مرحلة جديدة من تعمق الوعي الجماهيري في بلداننا، والاستعداد لتحركات شعبية واسعة قادمة، وهي علامات مضيئة لمسيرة صاعدة صوب غد أفضل؛ غد الجماهير الشعبية، صانعة التاريخ، التواقة للحرية و الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعيش اللائق الكريم. غد ليس فيه مكان للتعسف و الاستبداد و التضييق على الحريات الشخصية، ولصنوف الاستغلال والإثراء غير المشروع على حساب الجماهير الشعبية و جوعها و بؤسها.
عاشت الذكرى الخامسة و الخمسون لثورة الرابع عشر من تموز الخالدة.
والمجد لشهدائها الأبرار.
اللجنة المركزية
الحزب الشيوعي العراقي
تموز 2013