من الحزب

في ذكرى استشهاد السيد الصدر

حلت يوم امس، التاسع من نيسان، ذكرى استشهاد المفكر والخصم العنيد للدكتاتورية، الشخصية الدينية والوطنية البارزة السيد محمد باقر الصدر.
لقد قارع الشهيد نظام الاستبداد والظلم، وتحدى وحشيته، ومرّغ جبروته بالوحل وهو يخرج ظافرا، متساميا في عالم الشهادة، محاطا بحب واحترام العراقيين المخلصين جميعا، الذين افتداهم بالنفس، وهي اعز ما يعز على الانسان. وبها اطلق، مع شقيقته الشهيدة بنت الهدى، ومع الآلاف والآلاف غيرهما من ضحايا النظام الآثم، الحكم العادل البات في حق الطاغية المتفرعن، والذي وجد طريقه الى التنفيذ بعد ذلك بسنين، وكنا جميعا من شهوده.
لقد توّج السيد محمد باقر الصدر، باستشهاده، حياته الحافلة بالعمل الصالح، لما فيه خير الناس والبلاد. وكان لبّ سعيه يتمثل في إعمال العقل، وإشغال الفكر، في شؤون المجتمع، وامور الناس، والبحث الجاد في سبل مقاربة قضايا الامة، ومعالجتها. وعلى هذا الطريق انجز الكثير، وأغنى المكتبة العراقية والعربية باعمال فكرية يشار اليها بالبنان.
وكان السيد محمد باقر الصدر، المفكر، والمناضل، والشهيد، موضع تبجيلنا وتقديرنا على الدوام، نحن الشيوعيين العراقيين. وقد تعاملنا في الماضي، ونتعامل اليوم باحترام مع إرثه الفكري، وأحيينا باشكال مختلفة ونحيي ذكرى استشهاده، التي نرى انها، مثل ذكرى سائر شهداء العقيدة والنضال من اجل حرية الشعب وخيره، تلهم المناضلين وتحفزهم على مواصلة الكفاح من اجل المبادئ والمثل، التي قدموا في سبيلها تضحيات كبيرة وغالية.
وان من مآثر الشهيد الصدر التي لا تنسى، انه ترفع عن النظرة الدينية الضيقة والتعصب الطائفي المقيت، وقد أبى مثلا - ان يسخر منزلته الدينية المرموقة، للإفتاء بتكفير الشيوعيين. وبدلا عن ذلك بذل جهدا فكريا ونقديا مشهودا، في الحوار مع الماركسية. فكان بذلك قدوة نيرة لرجال الفكر ورجال الدين على حد سواء، في خوض صراع العقائد والأفكار.
وكم يجدر بنا جميعا، أن نستلهم هذا الموقف الديمقراطي، في ترسيخ الحوار بين التيارات الفكرية والسياسية المختلفة، وعدم تحويل الاختلاف والصراع الطبيعيين في الآراء والأفكار، إلى احتراب يحمل للشعب الضرر والاذى، وقد يفتح الباب للاستئثار بالسلطة وللاستبداد.
وكم يسرنا، نحن الشيوعيين، ان نرى مريدي الشهيد الكبير وتلامذته ، يستوحون تعامله الديمقراطي هذا، ونهجه الفكري البناء والمثمر، في نشاطهم السياسي اليومي، ويسهمون انطلاقا منهما، سوية مع القوى الوطنية المخلصة الاخرى، في الخروج بشعبنا ووطننا من الازمة العميقة الشاملة المطبقة عليهما، وفي بناء الدولة العراقية الجديدة، الدولة العصرية، المدنية الديمقراطية، القائمة على العدالة الاجتماعية.
ستبقى ذكرى الشهيد محمد باقر الصدر، وشقيقته في مقارعة الدكتاتورية وفي التضحية، بنت الهدى، حية دائما في ضمائر الوطنيين العراقيين كافة.
المجد لهما، ولسائر شهداء شعبنا الابرار، الذين وهبوا ارواحهم كرماء، لاهلهم العراقيين ولوطنهم العراق.
"طريق الشعب"