من الحزب

عزت أبو التمن في ندوة حوارية في مانشستر: تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية سبيل لدحر الإرهاب

بدعوة من منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا وبحضور لفيف من أبناء الجالية العراقية في مدينة مانشستر، وعدد من منتسبي أحزاب عراقية، تحدث الرفيق عزت أبو التمن عضو المكتب السياسي للحزب عن مستجدات الوضع السياسي، في ندوة اقيمت يوم الأحد الماضي.
وبعد ترحيب مضيفي الندوة، شكر الرفيق سكرتير منظمة بريطانيا الحضور لتلبيتهم الدعوة وتجشم العناء بالرغم من سوء الأحوال الجوية وهطول أمطار غزيرة. وأشار الى هدف اللقاء في هذا الظرف العصيب الذي يعيشه الوطن والشعب، وخاصة بعد دخول ارهابيي داعش واعوانهم الى مدينة الموصل واحتلالهم لمناطق اخرى، والمخاطر الجسيمة التي تهدد مستقبل البلاد.
وعبّر الرفيق عزت ابو التمن عن تقديره وشكره لمنظمة بريطانيا ومضيفي الندوة والحاضرين، مذكّراً بأنه كان أحد الدارسين في مانجستر، ومستذكراً الرفيق سلام شهاب أحمد عضو حزبنا، الذي أكمل دراسته فيها واستشهد في العراق خلال نضاله ضد الدكتاتورية في صفوف حركة الانصار الشيوعيين الى جانب الرفيق حسين سعيد سكرتير جمعية الطلبة العراقيين في بريطانيا.
قدم ابو التمن عرضاً للوضع السياسي الذي يتميز بكونه في غاية التعقيد والاستعصاء والأكثر خطورة منذ تأسيس الدولة العراقية، مع احتمال حدوث المزيد من التدهور.
واشار في البداية الى الكم الهائل من المعلومات الذي تبثه مختلف وسائل الاعلام ويتضمن اكاذيب واشاعات ضمن حرب نفسية منظمة موجهة الى ضعيفي الوعي وتستهدف زرع النعرات الطائفية والشوفينية وإضعاف وعي المواطنين بمصالحهم ليبقوا وقوداً لصراع القوى المتنفذة على السلطة والنفوذ والمال، مع مواصلة تبنيها لنهج المحاصصة الطائفية الاثنية. كل ذلك ادى الى ما آلت اليه اوضاع البلاد.
ويستفحل الصراع الآن بين معسكرين، معسكر العملية السياسية والساعين الى تحقيق اهدافها في بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي ناضلت من اجلها القوى المعادية للدكتاتورية والاستبداد، ومعسكر اعداء العملية السياسية الذين يهدفون الى اعادة العراق الى عهد الاستبداد والدكتاتورية والى عصر التخلف والظلام. وفي الوقت نفسه، تخوض القوى المدنية الديمقراطية صراعها ضمن العملية السياسية، ضد نهج المحاصصة، لتحقيق التغيير الجذري ولوضعها على السكة الصحيحة من اجل سعادة الشعب ومستقبله.
وتحدث ابو التمن عن التطورات ما بعد التغيير في 2003 والى ما آلت إليه الاوضاع اليوم، حيث ان ممارسات قوى الاحتلال ومن أمسك بالسلطة ساهمت في بناء سلطة على اساس المحاصصة وأدت الى تخريب النسيج المجتمعي وتفتيته على اساس الانتماءات الثانوية، وعلى حساب مبدأ المواطنة والهوية الوطنية العراقية. وعلى الرغم من ذلك برزت تحركات جماهيرية مؤثرة تهدف الى تصحيح مسار العملية السياسية، إلاّ انها جوبهت بالقمع الى جانب اساليب خبيثة لوقف أي مد جماهيري لتحقيق التغيير الذي يتطلع إليه الشعب.
وفي المحافظات الغربية نشأ حراك جماهيري ضد الاقصاء والتهميش والممارسات اللا قانونية ضد ابنائها، وقُدمت جملة من المطالب كانت النسبة الاكبر منها مشروعة، إلاّ ان التماهل والتباطؤ من قبل الحكومة في الاستجابة للمطالب المشروعة والتصدي بالقوة للحراك الجماهيري السلمي أدى الى تحويل اعداد هائلة من المشاركين فيه الى ذخيرة بشرية جاهزة لقوى الارهاب واعداء العملية السياسية.
ان قوى الارهاب من القاعدة وداعش وبقايا البعث الصدامي وقواته الخاصة استغلت واستثمرت بشكل فاعل الاداء الحكومي البائس وبناء القوات المسلحة الهش، التي هي ثمرة المحاصصة، وفقدانها للعقيدة الوطنية، وانخراط بعضها بأعمال القمع ضد ابناء الشعب والرشوة والفساد وتعاون قسم منها مع اعداء العملية السياسية. كل هذا، والى جانب عوامل اخرى، أدى الى الهزيمة السياسية والعسكرية في الموصل في 10 حزيران الماضي. ان ما حدث بعد هذا اليوم يفوق كل التصورات من حيث همجية الأعمال الاجرامية التي قامت بها عصابات داعش وحلفاؤها من بقايا البعث الصدامي، من تهجير وقتل وذبح وسبي للنساء وهتك الأعراض وتهجير المواطنين على أساس مذاهبهم وتخييرهم بين الموت أو الدخول الى الاسلام ودفع الجزية وسرقة أموالهم. وأن ما حدث لا يمكن أن يعيد الأمور الى ما كانت عليه قبل هذا التاريخ.
وقد نبه الحزب الشيوعي العراقي ومن خلال مختلف الوسائل المتاحة، عبر المذكرات واللقاءات مع كافة المسؤولين المتنفذين ورؤساء الأحزاب والقوى السياسية الداعمة للعملية السياسية، وفي إعلامه، الى المخاطر التي ستحل بالبلاد نتيجة تعمق الازمة الشاملة. ودعا كافة الاطراف التي يهمها مستقبل العراق الديمقراطي للجلوس في مؤتمر وطني عام والحوار الصادق والبحث عن المشتركات والعمل على تقديم التنازلات المتبادلة، لتقييم وتقويم العملية السياسية واحداث التغيير وإنجاح العملية الديمقراطية الوليدة، من أجل تحسين الأوضاع العامة لأبناء الشعب واعطاء الفرصة لعودة الأوضاع الى طبيعتها وتعزيز الأمن والأمان للجميع، وللحد من العمليات الارهابية التي أخذت مداها الواسع في الأشهر الأخيرة ما أدى الى هذه المرحلة التي نحن فيها الآن بعد احتلال الموصل.
و اوضح ان سياسة الحزب تتمثل في ضرورة الاسراع في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي تضم كافة القوى السياسية المساندة للعملية السياسية، وتستند الى برنامج سياسي متفق عليه، واختيار العناصر النزيهة والكفوءة وذات الاختصاص لتبوء المناصب المسؤولة عن ادارة الدولة.
وأكد ان الازمة الحالية تتطلب تغييراً جذرياً في نمط التفكير والانطلاق من الاتفاق على اهداف مشتركة وترتيب البيت العراقي الداخلي وإدخال عامل الجماهير في توازن القوى، وبناء قوات مسلحة على اساس الانتماء للوطن والدفاع عنه ووضع السلاح بيد الدولة. كما ان المهمة الآنية الأخرى هي التصدي الفاعل لعصابات داعش واعوانها وتقديم كل الدعم والمساعدة للنازحين من مختلف أطياف الشعب العراقي وتمكين المواطنين في المناطق التي تخضع لسيطرة داعش من التصدي للارهاب والارهابيين وتحقيق النصر النهائي عليهم.
وأجاب الرفيق أبو التمن على أسئلة الحضور التي تناولت جوانب عدة من الوضع السياسي في العراق ومواقف الحزب الشيوعي.
وقال ان الشيوعيين ركزوا في نضالهم اليومي على اهمية دور المواطنين ورفع مستوى وعيهم للدفاع عن مصالحهم والمساهمة في تصحيح مسار العملية السياسية. وضمن هذه الوجهة جرى تنظيم الاعتصامات والتظاهر وتحديد المطالب والتشديد على تنفيذها من قبل الحكومة، مع التأكيد على الابتعاد عن الطائفية والتجييش الطائفي والتصدي له. وقال أن حركة الشارع العراقي إذا سارت على هذا الطريق فأنها ستسهم بتطوير نضالات مطلبية وحركة شعبية، معتبراً ان هذا النشاط سيلعب دوراً حاسماً في إحداث التغيير.
وحول الأوضاع في كردستان العراق، أوضح الرفيق أبو التمن "أن حزبنا كان من أوائل الأحزاب العراقية الذي اكد على حق الشعب الكردي في تقرير مصيره، وان عراقاً ديمقراطياً مستقراً ومستقلاً سيضمن حقوق جميع ابناء العراق. وان والأيام الاخيرة، وهجوم داعش على المناطق المجاورة لاقليم كردستان اثبتت وبدون أدنى شك ان تجربة الشعب الكردي مهددة وعرضة الى التراجع بدون العمل المشترك بين المركز والاقليم ومعالجة جميع المشاكل العالقة عبر الحوار واستناداً الى الدستور وتعزيز توجهات بناء الدولة المدنية الديمقراطية.
وعن الأوضاع الحالية، أكد بأننا بحاجة ماسة الى رفع المعنويات والايمان بقدرة الشعب العراقي وقواه المخلصة في الوصول الى بر الأمان، عن طريق التصدي للشائعات المغرضة التي تروجها داعش وبقايا البعث الصدامي. كما يجب العمل على تنشيط الدعم الجماهيري للقوات الامنية ضد الارهاب، وحذر من الدور الذي تلعبه المليشيات في هذا الظرف.
أما بالنسبة الى الموقف من رئيس الوزراء القادم فأوضح ان ما يهمنا ليس الشخص بقدر النهج الذي يعتمده وحكومته بعيداً عن المحاصصة الطائفية والاثنية، وبالدرجة الأولى تطبيقه لبرنامج وطني شامل من أجل مصالح الشعب والوطن.
وفي نهاية حديثه دعا الرفيق عزت ابو التمن ابناء الجالية العراقية الى بذل أقصى الجهود للتعريف بأوضاع النازحين وتقديم المساعدة والدعم لهم، والاتصال بالاحزاب واعضاء البرلمان والنقابات واوساط الرأي العام البريطاني لدعم التوجه المدني الديمقراطي في العراق والتضامن مع قواه المدنية الديمقراطية. ثم أعرب عن شكره لحسن الضيافة، وتقديره للحضور الكرام على تفاعلهم. واختتم الرفيق سكرتير منظمة الحزب في بريطانيا الندوة بالشكر الى كافة الحضور، متطلعاً الى مشاركتهم في الفعاليات المقبلة للمنظمة.