من الحزب

في الذكرى العاشرة لاستشهاد ابي فرات*

عشر سنوات مرت على اليوم المشؤوم، الذي انقضّ فيه القتلة المحترفون من اذناب النظام الدكتاتوري المباد، المعبأون بالكراهية الوحشية للشيوعية والشيوعيين، على المناضل الشيوعي الباسل والكادر النقابي المتفاني، رفيقنا الغالي هادي صالح الزبيدي (ابو فرات)، وسفحوا دمه الزكي وأطفأوا جذوة الحياة في قلبه المضطرم حبا للناس والوطن، وللخير والجمال، والمشتعل رغبة في الاسهام الفعال بجهود حزبه، لبناء العراق الجديد الديمقراطي، ولإحقاق حقوق العمال والشغيلة وعامة جماهير الشعب وابنائه المخلصين، وحفظ مصالحهم المشروعة.
كان لخبر استشهاد ابي فرات وقعُ الصدمة علينا، وكنا نحن يومها لا نزال نعاني من تأثير الصدمة التي سبقتها، حين فجعنا قبل نحو شهر ونصف الشهر من ذلك، باستشهاد الرفيق سعدون .. بالطريقة الغادرة الخسيسة ذاتها، وبالايدي الآثمة الملطخة بالدم البريء نفسها. وبدا جليا ان رؤوس الاجرام الصدامي، الذين روّعوا العراق والعراقيين ثلاثة عقود تقريبا من السنين، ولم يتركوه مرغمين الا بعد ان لم يبقوا منه «حجرا على حجر»، انهم لم ولن يتخلوا عن نهجهم الدموي، ولا عن حقدهم الاسود على الشيوعيين وغيرهم من الوطنيين المخلصين.
الحضور الكرام
لم تكن خسارتنا باستشهاد الرفيق ابو فرات يسيرة. فقد كان شيوعيا اصيلا، مجرِّبا ومجرَّبا، امضى في الحزب اربعين عاما، ونهض على خير وجه بمهمات شتى في صفوفه. وكان من ضمنها العملُ في ارشيف جريدتنا «طريق الشعب» في السبعينات، والمساهمةُ غداة عودته الى بغداد بعد حوالي شهر من سقوط النظام الصدامي، في اعادة بناء تنظيم الحزب، وفي تفعيل الحركة النقابية العراقية. وبين هذا وتلك ذاق مرارة الحياة في السجن، واضطر الى خوض تجربة العيش في المنفى، وتعلم خلال هذا الكثير، وقدم لحزبه وشعبه الكثير، غير آبه بما يمكن ان يجلبه ذلك عليه، وقد ينال حتى من حياته ووجوده .. وهو ما حدث فعلا ليل 4 كانون الثاني 2004، حين غدر به نفر جبان تسلل خلسة الى داره في بغداد.
يالبشاعة الجريمة والمجرمين، حين ينتزعون منا من نحب ونحترم، مثل العزيز ابو فرات، الذي لن ننسى ايضا دفأه ولطفه، طبيعته الهادئة ووجهه البشوش، وفاءه لحزبه وتمسكه بمثل النضال والثبات، والتضحية في سبيل الطبقة العاملة ومن اجل الشعب والوطن، المثل التي تربى عليها في مدرسة الحزب الشيوعي المتجددة، وفي مجرى مسيرته الكفاحية المجيدة. المثل التي اهتدى بها وهو ينغمر في الكفاح العمالي والنشاط النقابي، منذ بدء حياته العملية عامل ميكانيك في شبابه، مرورا بمساهمته في تأسيس الحركة النقابية الديمقراطية في العراق، وانتهاء بانغماره بعد 2003 - وكما سبقت الاشارة - في العمل على النهوض بالنشاط العمالي والنقابي في البلاد.
وسيبقى حيا في ذاكرتنا ابو فرات الانسان، الرفيقُ الهاديء الدافيء، البشوشُ الباسم، المشع لطفا وودا ودماثة .. كأن الجواهري كان يبصره وهو يقول:
رضيّ السمات، كأن الضميرْ على وجهه ألِقـــا يطفح
كأن العبــــــــــير بأردانـــــه على كل «خاطرة» ينفح
كـأن بريــق المــنى والهنـــا بعينيه عن كوكب يقدح
كـأن غديـرا فويـق الجبيـــن عـن ثقـةٍ في «غـد» ينضـح
الرفيقات والرفاق الاعزاء
في الذكرى العاشرة لاستشهاد الرفيق ابو فرات، نذكّر مستنكرين بحقيقة ان جريمة اغتياله ما زالت حتى اليوم، شأن مثيلاتها في حق الشهيد سعدون والعديد من الشهداء الآخرين، لم تأخذ حقها من طرف الاجهزة الامنية والقضائية المعنية، ونكرر المطالبة المشددة بالعودة الى ملفها وملفات الجرائم كلها، لفتحها وملاحقة مقترفيها المأجورين، وإحالتهم الى المحاكم وإنزال العقاب بهم.
مجدا للرفيق الشهيد البطل هادي صالح الزبيدي - ابوفرات
الخلود لشهداء حزبنا وشعبنا
والنصر للشعب واحزابه وقواه المخلصة المتفانية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كلمة الحزب الشيوعي العراقي في حفل استذكار الشهيد يوم امس السبت القاها الرفيق مفيد الجزائري