من الحزب

على طريق الشعب ... التغيير بات مطلوباً

تشهد بلادنا المزيد من التوترات والاحتقانات، زادتها سوءا الأوضاع الأمنية المتدهورة وما صاحبها من انتكاسات متواصلة وخروقات مدوية، وتفاقم الصراع السياسي وتعمق الهوة بين فرقائه. فيما لا أفقَ يلوح لتحسين الخدمات وفي المقدمة الكهرباء وما لازمها من انعكاسات مدمرة على مجمل مناحي الحياة، الأمر الذي دفع المواطنين الى النزول للشارع في محافظات البصرة وذي قار والمثنى والديوانية وبغداد وغيرها. ورُفعت المطالبات التي طالت السلطات ذاتها، سواء المحلية أم الاتحادية، بعد أن حملتها المسؤولية عما آلت اليه اوضاع البلد التي لا تسر إلا أعداءها والمتربصين بها سوءاً، وفي مقدمتهم الإرهابيون القتلة والمليشيات.
وفي أجواء كهذه وانعكاساتها المباشرة على الناس، وتعمق مظاهر الأزمة العامة في البلد بجوانبها المتعددة وسوء الأوضاع الاقتصادية، وحالة الشلل والفشل لاجهزة الدولة ومؤسساتها؛ التشريعية والتنفيذية ومنها الأمنية، جاء حديث رئيس الوزراء مع عدد من السياسيين والمثقفين والاقتصاديين ليؤكد ما وصلت إليه حال البلد واداء الحكومة من ترد مبين، والمفترض أنها شكلت على اساس الشراكة الوطنية.
رئيس الوزراء، وهو المسؤول التنفيذي الأول دستوريا، كشف العديد من الملفات المتلكئة، فضلا عن الفاشلة وألقى باللائمة على عاتق شركائه من الكتل الأخرى، وعلى نوابه ووزرائه، محملاً إياهم مسؤولية التدهور في ملفات اساسية ومنها الامن والكهرباء والخدمات والبنى التحتية، لحد تأشير حالات الفساد التي شابت بناء المستشفيات!
والإشارات واضحة في حديث رئيس الوزراء عن وضع العصي وكون الشركاء حجرة عثرة أمام البناء، وعن عدم تحمل الوزراء مسؤولياتهم وضغوطات كتلهم السياسية عليهم وافتقادهم إمكانية اتخاذ القرار، وإعطاء معلومات غير صحيحة حتى من قبل نواب رئيس الوزراء، وعرقلة البرلمان عمل الحكومة وتعطيل تشريع القوانين بأهداف سياسية، وغير ذلك الكثير والعديد من المؤشرات التي جرت الاشارة لها ووفقا لها لا غيرها يمكن القول وباطمئنان إنه يصعب الحديث عن وجود حكومة متماسكة ذات رؤى وطنية موحدة يمكن التعويل عليها في تحمل مسؤوليتها في هذا المقطع الزمني الصعب جدا وهو ما وجد انعكاسه على مجمل اداء مؤسسات الدولة التي ابتليت، كما نظام الحكم، بالمحاصصة المقيتة الولادة للازمات، وستبقى هذه الحقيقة ساطعة براقة مهما حاول البعض التعمية عليها بأغطية مهلهلة تمزقها معاناة المواطن اليومية.
فواضح انه مع وجود حكومة بهذه التركيبة، وعلى وفق هذا النهج في إدارة الدولة، والضعف البيّن في عمل البرلمان وعجزه حتى عن استضافة مسؤولين حكوميين وأمنيين لمساءلتهم، فإننا لا نرى إمكانية للخروج من عنق الزجاجة وفتح فضاءات أمام حلول جذرية للازمة المتفاقمة المفتوحة على كافة الاحتمالات السيئة ما يتوجب ويستلزم التعامل الايجابي مع الزمن وعدم المراهنة عليه وادارة الازمة وصولا الى الانتخابات البرلمانية القادمة مع بقاء حالة الشلل والاستعصاء المرشحة الى تفاقم، وهو ما ولد وسيولد المزيد من الاحباط لدى المواطنين وقد لا يطول صبرهم كثيرا وهم قد تحملوا وزر أخطاء وممارسات وفشل بيّن في إدارة الدولة على مختلف الصعد وعلى مدار عشر سنوات من التغيير.
إن الدستور وما تضمنه من مواد فيها العديد من الحلول التي تعالج راهن الحال بأفقه المسدود. وفي الدستور ما يساعد على الخروج من المأزق، بما في ذلك إجراء الانتخابات المبكرة لمجلس النواب، إذا ما حسنت النية وتوفرت الارادة الجدية واقرن العمل بالفعل وجرى تغليب مصلحة الوطن والمواطن على الحسابات الذاتية الأنانية، حسابات الربح والخسارة في المغانم والنفوذ وإغراءات كرسي السلطة.
لم تعد تكفي الشكوى، والأغرب أن تأتي ممن بأيديهم السلطة والقرار، ولم يعد يكفي إلقاء اللوم على الاخرين والضرب تحت الحزام من كل الأطراف؛ فالناس شبعت من عرض الحال وتريد حلولاً تخلصها مما هي عليه من سوء وقرف، بما فيها التفكير الجدي بمنهج جديد، ومقاربات ذات رؤى وطنية شاملة، عابرة للطوائف والفرعيات، يتم إنضاجها عبر حوارات جادة ولقاءات مفتوحة على كل العناوين الوطنية وتقود الى اصطفافات وطنية وانبثاق حكومة جديدة متماسكة على وفق الآليات الدستورية السلمية للعبور ببلدنا الى شاطئ الامان والاستقرار والتصدي للارهاب الأسود وهزيمة مشاريعه الدنيئة، ووضع العملية السياسية على السكة السليمة وصولا الى أهدافها المرتجاة وبناء العراق الديمقراطي الاتحادي المستقل.
فالتغيير بات مطلوباً وليس ترفاً ولا بطراً.. والمواطن ينتظر بصبر نافد ذلك للخروج من المأزق الراهن.