من الحزب

رائد فهمي: الفجوة ما زالت كبيرة بين المداخيل وفي الثروة وانخفاض الفساد يعود اساسا الى تقليص المشاريع الاستثمارية

سلام علي
اوضح نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، امس الثلاثاء، ان ما اعلن الاثنين عن تنفيذ الحكومة العديد من فقرات برنامجها الاصلاحي في مجال مكافحة الفساد وترشيد النفقات واصلاح النظام الاداري وغير ذلك، لا يمكن ان يقدم "صورة شاملة" لواقع المؤسسات الحكومية. واشار في هذا الخصوص الى فشل الحكومة في ردم "الفجوة الكبيرة" في المداخيل والثروة، والى حقيقة ان الاجراءات التقشفية والرسوم التي فرضتها الحكومة على الخدمات الصحية والتعليمية، زادت من الأعباء على المواطنين.
وجاء توضيح فهمي تعليقا على ما ذكره سعد الحديثي، المتحدث باسم المكتب الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء، في إيجازه اليومي الذي قدمه امس الاول الاثنين عقب التصويت على التعديل الوزاري في مجلس النواب.
ونبه فهمي الى استمرار تدهور الخدمات العامة، ولفت الى ان تأمين الحكومة رواتب موظفيها اقترن بارتفاع في مستويات المديونية الخارجية. كما اعتبر ان انخفاض معدلات الفساد الذي تحدث عنه الحديثي، يرتبط بتقليص وتوقف المشاريع الاستثمارية، التي كانت مصدراً للاموال التي تحصدها "مافيات الفساد".
تحقيق إصلاحات!
وكان سعد الحديثي قد تحدث الاثنين عن تحقيق العديد من فقرات برنامج الاصلاح الحكومي. وفيما أشار الى أن الحكومة اجتازت "صعاباً كثيرة" ونجحت في مواجهة تحديات عدة فرضتها الأزمة المالية، أكد أن الحكومة أمّنت الغطاء المالي المطلوب لتوفير الرواتب لنحو سبعة ملايين موظف. وذكر الحديثي ايضا ان هناك مؤشرات "واضحة ومؤكدة" على انخفاض الخط البياني لـ "نسب الفساد" في مؤسسات الدولة، لافتا الى أن الاتفاق الأخير بين العراق والامم المتحدة بشأن مكافحة الفساد، جاء تأكيداً لعزم الحكومة على "تحقيق النصر" في هذه الحرب.
ترحيب ولكن..
وقال فهمي لـ"طريق الشعب" موضحا "اننا اذ نرحب بالخطوات والإجراءات الايجابية التي قالت الحكومة عبر المتحدث الرسمي في ايجازه يوم الاثنين، انها حققتها في مجال محاربة الفساد والاصلاح الاداري والمالي، فلا نرى من السليم اعتبارها تمثل الصورة الشاملة لواقع المؤسسات الحكومية وادائها، ولمديات انتشار شبكات ومراكز الفساد وتأثيرها ونفوذها".
الفجوة في المداخيل والثروة
واشار فهمي الى ان "التدابير التي تحققت على صعيد وضع سلم رواتب جديد، وتقليل الامتيازات المالية والمنافع المادية للوزراء واصحاب الدرجات الخاصة، واخضاعهم لشروط الخدمة المنصوص عليها في قانون التقاعد، لا تمثل سوى خطوة في اتجاه تقليص الفروق بين الرواتب والمداخيل. فنحن ما زلنا بعيدين عن ردم الفجوة الكبيرة في المداخيل وفي الثروة. حيث تراكمت لدى شريحة صغيرة ثروات طائلة، وغالبا من مصادر وبوسائل غير مشروعة، بينما اكثرية المجتمع تعاني شظف المعيشة". واضاف قائلا انه " يجب ان لا يغيب عن البال ان نسبة من يعيشون دون حد الفقر قد ارتفعت مجددا حسب الاحصاءات الرسمية الى 23 في المائة من السكان، وهي نسبة تقل عن الواقع. كما ان نسبة عالية ممن لا تزيد مواردهم كثيرا على ذلك الخط، تجد مشقة في تأمين ابسط مستلزمات حياتها العادية، لا سيما وان الاجراءات التقشفية ورفع الاجور والرسوم على الخدمات الصحية والتعليمية ادت الى زيادة الاعباء على الفئات الاوطأ دخلا من الشعب. ويمكن ملاحظة الآثار الاجتماعية الخطرة لذلك، في ازدياد عمالة الاطفال واعداد المتسولين".
سبب انخفاض الفساد
وفي شأن الخدمات العامة، قال نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي: "لم نشهد تطوراً يبرر مشاعر الرضا عن النفس التي يعكسها تصريح المتحدث باسم المكتب الاعلامي. ولعل فاجعتي الكرادة ومستشفى اليرموك تقدمان دليلا مأساوياً على ما نقول".
وفي خصوص ملف الفساد، علق فهمي قائلا "ان مستوياته انخفضت لاكثر من سبب، بعضها قد يعود الى الاجراءات التي اتخذت. ولكن الانخفاض يرتبط ايضاً بتقليص وتوقف المشاريع الاستثمارية، التي كانت مصدراً للاموال التي تحصدها مافيات الفساد" واستطرد مضيفا انه " بصدد تأثير منظومات الفساد ونفوذها، تكفي الاشارة الى ردود فعل السلطتين التشريعية والقضائية ازاء ما كشفه وزير الدفاع، وتحركهما السريع لغلق ملف الاتهامات التي ساقها اثناء استجوابه في حق رئيس البرلمان وبعض النواب المتهمين بالتورط في ممارسات فساد. كذلك تسارع الاجراءات لمعاقبة الوزير على جرأته في فضح بعض عمليات الفساد".
تداعيات التقشف اجتماعيا
وبصدد التقشف الحكومي قال فهمي انه "كان ايجابياً في بعض جوانبه، ولكن في جوانب اخرى نجمت عنه تداعيات اجتماعية زادت وتزيد من المصاعب المعيشية لعامة الشعب، لا سيما الرسوم التي فرضت على بعض الخدمات الاجتماعية، وتردي واقع المدارس والمستشفيات، وتنامي دور التعليم والتطبيب الخاصين".
تأمين رواتب الموظفين
واستطرد نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي قائلا " ان النجاح في تأمين التمويل اللازم لرواتب الموظفين ومستلزمات التجهيزات العسكرية، اقترن بتصاعد مستويات المديونية الحكومية، التي تكون لها آثار مالية واقتصادية سلبية اذا لم تحسن ادارتها. ونشير في هذا السياق الى تصريح محافظ البنك المركزي وكالة قبل ايام، الذي انتقد فيه السياسة المالية في البلاد، واشار الى غياب الرؤية فيها، وتخلف طرق اعداد الموازنة العامة وعدم ربطها باهداف محددة بصورة فعالة".
الحرب على الارهاب
واشار فهمي الى "الصورة المضيئة المتعلقة بالحرب على الارهاب والانتصار المتحقق فيها" وقال "اننا نشيد بها، ونرى ان من الضروري توفير مستلزمات تحويل الانتصارات العسكرية الى انتصارات سياسية، تمنع اعادة انتاج الارهاب على ارض العراق".
دور التظاهرات
وختم نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي حديثه لـ "طريق الشعب"، بالقول انه " يجب بشكل عام ان لا يخلو اي عرض للاوضاع من الاشارة الى دور الحراك الشعبي والتظاهرات الجماهيرية، التي ظلت متواصلة منذ اكثر من عام، وهي تطالب بالاصلاح ومحاربة الفساد واحالة كبار الفاسدين الى القضاء. فقد كان هذا الحراك عنصراً اساسياً محفزاً وداعماً لكل جهد اصلاحي".