من الحزب

على طريق الشعب .. قانون التقاعد الموحد وضرورة تشريعه عاجلا

قرر مجلس الوزراء اخيرا المصادقة على مشروع قانون التقاعد، وإحالته الى مجلس النواب لتشريعه. وجاء هذا القرار خطوة في الاتجاه الصحيح، لمعالجة معضلة اجتماعية جدية، وتأمين حقوق شريحة واسعة من ابناء شعبنا، الذين امضوا جل سنوات حياتهم في خدمة الوطن، فاستحقوا العرفان والتكريم في بلدهم الزاخر بالثروات.
غير ان هذه الخطوة الصحيحة والضرورية والملحة، جاءت للاسف متأخرة، مثلما جاءت ناقصة ولا بد من استكمالها بتشريع قوانين اخرى مكملة، تتعلق بسلم رواتب الموظفين وتعديله، وبالضمان الاجتماعي الذي يستلزم تشريعه قانونا يتضمن اشكال الدعم والصناديق جميعا.
نعم، طال انتظار هذا المشروع. لذلك لا يصح تأخير تشريعه لأي سبب كان، ولا مبرر لربطه بالغاء القوانين الخاصة بتقاعد ذوي الدرجات الخاصة، حتى لو استهدف المشرّع الخروج بقانون موحد للتقاعد. فمن الممكن اولا انجاز عملية تشريع ما تمت تهيئته ( وقد بقي اشهرا طويلة في مجلس الوزراء، وفي مجلس شورى الدولة، وعند غيرهما من الحهات)، ومن ثم تشريع ملحق يستكمل معالجة قوانين التقاعد الخاصة بعد مراجعتها وتدقيقها، ومن دون ان يعني ذلك تسويفا او تأخيرا. علما اننا من الداعين الى تعديلها في اطار تفعيل العدالة الاجتماعية، وإزالة كل مظاهر? المغالاة في التمييز او الابتعاد عن المعايير العلمية، والاخذ بالتجربة العالمية في هذا المجال، خصوصا تجربة البلدان التي تتميز بظروف اجتماعية – اقتصادية شبيهة بظروف بلادنا او مقاربة.
ورغم تأكيد اهمية المشروع وإنجازه، بعد ان طال انتظاره من جانب المعنيين به مباشرة، فان ذلك لا يلغي الحاجة الى اجراء بعض التدقيقات فيه او التعديلات عليه ، صياغة ً ومحتوى، بما يزيل الغموض او التعقيد، ويستبعد ما يثير اللبس، مثل:
*احتساب الخدمة الجهادية!؟ *فرض استقطاعات تقاعدية عن الفصل السياسي!؟ وما شابه.
بجانب ذلك لا بد من الاشارة الى جوانب ايجابية انطوى عليها المشروع، مثل: *توحيد التقاعد والغاء تقسيم المتقاعدين الى فئة ما قبل سنة 2008 وفئة اعلى منها من متقاعدي ما بعد 2008. *رفع الحد الادنى للتقاعد الى 400الف دينار. *ضمان تعديل التقاعد تبعا للتبدل في معدلات التضخم. *تعديل معادلة احتساب التقاعد او المكافئات. *شمول الموظفين والعمال في القطاع الخاص بالتقاعد. *حماية التقاعد من التجاوزات وحماية حقوق الاسر في التقاعد.
في كل الاحوال تبقى العبرة في تحويل المشروع الى قانون مشرّع وكامل. وان من الضروري توظيف زخم الحراك الشعبي الواسع الذي شهده الشارع العراقي في 31 آب الفائت، كعامل تحفيز وضغط على مجلس النواب، كي يبذل الجهد ويكرس الوقت لتشريع القانون. وكي يتبعه بتشريعات اخرى متعاقبة لتفعيل العدالة الاجتماعية وتحقيق المساواة بين المواطنين، في اطار الحرص على المال العام وحسن ادارته وتوظيفه، وملاحقة الفساد والمفسدين وكل اشكال الهدر والتبذير والبذخ وسرقة المال العام، ووضع الامور في اطار ستراتيجية اقتصادية – مالية علمية كفوءة ومتوازنة. إضافة الى تجسيد المعايير المذكورة جميعا في مشروع الموازنة الجديدة لسنة 2014، التي نتطلع الى رؤيتها ترتقي الى مستوى احتياجات الناس ومطالبهم، والى انجازها من قبل البرلمان في الوقت المحدد، من دون تأخير ومماطلة.
واخيرا، لا بد من الاشارة الى ان ما اوردناه في اعلاه هو ملاحظات اولية حول مشروع القانون، وان الحاجة قائمة الى مزيد من دراسته وتدقيقه، بما يتيح العودة اليه لاحقا.