من الحزب

بيان الحزب الشيوعي الكوردستاني .... رصّ الصفوف ، الطريق الوحيد لمواجهة التحديات

جماهيرنا المناضلة
في الوقت الذي تستمر فيه الازمة الاقتصادية في كوردستان، بالتزامن مع تعقيدات ابعاد الازمة السياسية ، وغياب الافق الواضح للحل وإستمرار المشاكل والخلافات بين اقليم كوردستان والحكومة العراقية ، تواجه المنطقة بشكل عام تعقيدات وتحديات كبيرة ، خاصة مع قرب إنطلاق حملة تحرير الموصل ، وتطورات الوضع السوري والوضع في روژافا ( كردستان سوريا) وإستمرار حملات الحكومة التركية على مناطق كوردستان الشمالية، وتطورات الوضع في شرق كوردستان .
لقد خلقت مجمل هذه التطورات قلقا كبيرا بين صفوف شعبنا وشعوب المنطقة ، خاصة في أعقاب ازدياد التدخلات الخارجية، الاقليمية والدولية في شؤون المنطقة بشكل عام وشؤون العراق واقليم كوردستان بشكل خاص ومحاولاتهم للتأثير على أفق ومستقبل الصراعات من خلال الضغوطات السياسية واستخدام القوة العسكرية.
ان هذه المتغيرات الراهنة اصبحت محط تساؤل شعب كوردستان حول ما الذي سيحصل بعد نهاية داعش؟
ولا شك بان هذه المتغيرات تتطلب دراسات وتحليلات وتفسيرات موضوعية مستندة على قاعدة يكون المعيار الرئيسي فيها مصالح شعب كوردستان وتحقيق مطاليبه المشروعة وإحلال السلام والامن لجميع شعوب منطقة الشرق الاوسط .
ان تحقيق هذه المهام وفي ظل هذه الظروف المعقدة والمتشابكة يتسم بالصعوبة والتعقيد خاصة اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان حرب العالم ضد الارهاب تجري بشكل عملي في هذه المنطقة ، اضافة الى الصراعات والخلافات الروسية – الامريكية التي تمر بمرحلة حساسة بعد نهاية الحرب الباردة، وظهور القطبية في أشد حالاتها، وتفاقم الاستقطاب على الصعيد الاقليمي، وبروز الصراعات حول مستقبل المنطقة وحرب داعش في الموصل والصراعات داخل سوريا ، والتأثير المباشر لكل هذه الأمور على مستقبل الدولة العراقية والدولة السورية .
ان المبعث الأساسي للقلق المتزايد بين صفوف جماهير شعبنا يرجع الى عدم وجود سياسة خارجية موحدة على صعيد كوردستان والعراق في التعامل مع المتغيرات ومع مواقف دول الجوار ، فالقوى السياسية لا تتعامل مع هذه المتغيرات إلا في إطار المصالح الحزبية والعقلية الطائفية ، وهي تستقوي وترهن نفسها بالدول الاقليمية على امل ان تكون سندا لها في خلافاتها السياسية.
ان مواجهة داعش وحملة تحرير الموصل في الوقت الحاضر لاتقتصر على محاربة الارهاب فقط ، بل ان هذا الامر مرتبط بتحديد مصير منطقة واسعة هي جزء من الحدود التاريخية لكوردستان ، وتضم العديد من القوميات والاديان والمذاهب ، ولا تزال هذه المنطقة تعاني من آثار حملات الجينوسايد ضد الايزيديين وحملات الابادة التي حصلت ضد والآشوريين الكلدان السريان.
لقد تفاقمت تعقيدات الأوضاع في المنطقة بعد استقطاب الدول والقوى الاقليمية الى محورين متصارعين، المحور (التركي- السعودي- القطري) بمقابل محور (ايران- الحكومة العراقية- الحكومة السورية- حزب الله اللبناني) مع ما يرافق هذين المحورين من اتباع يتمثلون بالحشد الوطني والحشد الشعبي . وقد ازدادت الصراعات السياسية والعسكرية بين هذه المحاور والقوى وهي اي تلك الصراعات تتجاوز قضية الصراع على كيفية ادارة الموصل بعد تحريرها ، بل في الحفاظ على حصصهم من هذه الصراعات في اطار اعادة رسم خارطة منطقة الشرق الاوسط.
ان تفاقم هذه الأوضاع وزيادة المخاطر تحتم على جميع القوى السياسية الكوردستانية ان تتوحد تحت خيمة سياسة خارجية وطنية كوردستانية موحدة ، يشارك الجميع في صياغة ابعادها وفق معيار وطني يعتمد على استقلالية اتخاذ القرار الوطني الكوردستاني وعدم التدخل في الشؤون الخارجية لدول الجوار ، مع عدم افساح المجال لتدخلات دول الجوار في الشؤون الداخلية لكوردستان ، وتوجيه عملية الجهد المشترك ضد الارهاب بشكل متوازن وعن طريق تقوية المؤسسات الرسمية والتي تتمثل هنا بتقوية قوات البيشمركة الموحدة ، والتنسيق مع الجيش العراقي في هذه الحرب ، وعدم افساح المجال لمجيء أي جيش اجنبي وتحت اي غطاء كان ، وخاصة جيوش الدول الاقليمية المنخرطة في هذه الصراعات .
ان الحزب الشيوعي الكوردستاني يؤكد على ضرورة وجود سياسة خارجية متينة تعتمد أساسا على الاستقلالية في اتخاذ القرار السياسي وفق معايير المصالح الوطنية الكوردستانية ، وضمان علاقة بناءة على اساس التفاهم والتكامل مع الآخر والتعايش السلمي والعمل المشترك من اجل إخماد بؤر التوتر في المنطقة والعالم ، والمشاركة في ايجاد الحل السلمي المشروع للمسائل المعلقة ومنها مسائل جميع شعوب المنطقة بشرط ان تكون هذه الحلول معبرة عن الارادة الحقيقية للشعوب في اختيار مستقبلها وطريق تقدمها ، وبما يضمن مشاركة الجميع في تطوير العلاقات الاقتصادية وتحقيق التنمية السلمية.
ان التوجه لتحقيق هذه المهام يتطلب التعامل وفق الانفتاح السياسي في مجال العلاقات الدولية والاهتمام بالرأي العام وتكييف السياسة الداخلية مع السياسة الخارجية على اساس عدم التورط مع اي قطب من اقطاب الصراع ، والاهتمام بحقوق الانسان والمعاهدات والاتفاقات الدولية كأساس في السياسة الخارجية .
ولهذا نؤكد على ان السياسة الخارجية الناجحة تتطلب معالجة الازمات الداخلية ، وهذه لايمكن تحقيقها بدون توحيد المواقف والعمل المشترك .
11 اكتوبر - 2016