من الحزب

في ندوة عامة في لندن .. الرفيق جاسم الحلفي: لنتحد من أجل دحر مؤسسة الفساد المهيمنة

عبد جعفر
شدد الرفيق جاسم الحلفي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي أنه لا يمكن هزيمة مؤسسة الفساد المتنفذة التي جلبت الويلات والأزمات للوطن بدون تعاون وتعاضد القوى الديمقراطية والمدنية وكل القوى التي يهمها تحقيق الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة، دولة العدالة الإجتماعية، بدلاً من دولة الطوائف والمحاصصة والنهب.
جاء ذلك في الندوة التي أقامتها منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا على قاعة المركز البولوني في لندن مساء الجمعة 6-1-2017، وبحضور حشد غفير من أبناء الجالية العراقية، للحديث عن نتائج المؤتمر الوطني العاشر للحزب والحراك الشعبي.

ومن جانبه، أكد الرفيق عبد الرحمن مفتن سكرتير منظمة الحزب في تقديمه للرفيق الضيف أن الحزب بيّن في أدبياته ووثائقه أن العراق يعيش أزمة حكم مستعصية بسبب سياسات القوى المتنفذة ونهج المحاصصة الطائفية - الاثنية الذي خلق بدوره أزمات عديدة من تفشي الفساد المالي والإداري والعجز الأمني وإنعدام الخدمات وزيادة التدخلات الدولية والإقليمية بالشأن الوطني. وأشار الى أن المؤتمر الوطني العاشر للحزب قد عالج الكثير من القضايا والتي ستكون محاور لحديث الرفيق الضيف وتشمل مستجدات الوضع السياسي وخصوصاً الحراك الشعبي.
وفي محاضرته، نقل الحلفي تحيات الناشطة المدنية أفراح شوقي للجالية العراقية في لندن لوقفتها التضامنية من أجل اطلاق سراحها، مؤكداً أن التضامن قوة ونحتاج اليه كفعلٍ مهم مستقبلاً في معركتنا مع القوى الظلامية، لتحقيق دولة عصرية تليق بالعراقيين.
وأشار الحلفي الى أن الوضع في العراق وصل الى درجة صعبة وخطرة وأنتج منظومة فساد تمتلك موارد هائلة. وهذه الأزمة خلقت أزمات عديدة في العلاقات السياسية وبين القوى المتنفذة، بل أزمة داخل كل كتلة وحزب منها، وامتدت لتشمل العلاقات بين الحكومة الإتحادية والأقليم وبين المركز والمحافظات، وكذلك بين السلطات الثلاث.
وتجلى ذلك بوضوح في الأزمة الإقتصادية والإجتماعية وتعمق الكراهية والعنف، ومن جانبهم بدأ الناس يفتشون عن حل للخروج من هذه الأزمات الخانقة الذي تمثل بالحراك الشعبي الواسع الذي يشهده العراق.
وأوضح أن هذا الوضع خلق ثلاثة إتجاهات للرأي:
الأول: هنالك من يعتقد أنه لا توجد إمكانية للتغيير، فالوضع صعب لا يمكن تجاوزه. ويتصل بهذا الرأي ان الفاسدين من جانبهم يرددونه من أجل بقائهم في السلطة.
الإتجاه الثاني: يرى أن كل شيء بني على الخطأ، وضرورة إسقاط العملية السياسية والدستور. لكن هذا الرأي يصب في مصلحة من يحلمون بعودة الدكتاتورية، من أيتام النظام السابق وقوى داعش والقوى الظلامية الأخرى.
الإتجاه الثالث: يرى أن الوضع صعب وخطير ولكن هنالك إمكانية للتغيير من خلال الكفاح السلمي. وهو الاتجاه الذي تمثل في الحركة الاحتجاجية والتي تدعو لإصلاح النظام السياسي، وإصلاح بنية العملية السياسية، ومحاربة الفساد، والتأكيد على التساوي في الحقوق والواجبات.
وأشار الحلفي الى أن الحركة الاحتجاجية الشعبية خلقت قياداتها، ورغم تنوع شعاراتها فأنها مجتمعة تدعو الى إصلاح النظام السياسي من برلمان واستقلال القضاء وتحقيق دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، والنضال ضد الفساد الذي نخر الدولة ومؤسساتها ونهب الأموال العامة، وأصبح المؤسسة الأكبر في العراق بحكم ما يمتلك الضالعون فيه من إمكانيات هائلة. كما أن شعارات الحركة تدعو أيضاً الى تقديم الرعاية الإجتماعية والخدمات وتحقيق الأمن.
وأوضح أن الحركة الجماهيرية الإحتجاجية تميزت بوضوح الأهداف والبعد الوطني، بالإضافة الى طابعها الشعبي والمحتوى الاجتماعي، ودعوتها لتحقيق الضمان الاجتماعي وحق العمل والمساواة وحق السكن. وأن مطالب الحركة هي مطالب مشروعة وقابلة لأن تتحقق.
واكد في الوقت نفسه على أهمية الكفاح السلمي، فقوى الفساد أرادت وتريد أن تجر الحركة الإحتجاجية الى العنف. ولكن ظلت الحركة محتفظة بطابعها السلمي رغم الإستفزازات الواسعة التي تتعرض لها.
وفي حديثه عن المؤتمر الوطني العاشر للحزب، أكد أنه قدم بديلاً متكاملاً ضمن برنامجه للخروج بالعراق من عنق الزجاجة، وكانت رسائله واضحة الى المجتمع والسلطة والفاسدين في رفضه المحاصصة الطائفية، ودعوته الى التغيير من اجل بناء دولة مدنية ديمقراطية اتحادية تحقق الإزدهار والتقدم لشعبنا بحكم ما يمتلكه العراق من ثروات بشرية ومادية هائلة.
وشدّد على أن الحزب دعا الى التغيير بحكم كونه يمثل مؤسسة وطنية تخص كل العراقيين، مؤكداً ان التغيير يتطلب تغيير ميزان القوى السياسي والاجتماعي، ولا يمكن ان يتحقق بدون تأثير القوى المدنية الديمقراطية والتي يشكل الحزب الشيوعي أحد أعمدتها.
وأكد ايضاً أن القضاء على الفساد ليس بالأمر الهين، فقوى الفساد لن تصحو ضمائرها ولن تسلّم السلطة عن طيب خاطر بدون تحالف القوى المدنية بالمعنى الواسع للكلمة من أجل إحداث التغيير. ولا يمكن تحقيق الديمقراطية بدون ديمقراطيين، بدون نقابات ومنظمات مجتمع مدني فعالة.
وأضاف أن النظام الديمقراطي يحتاج الى تشريع للقوانين وتفعيلها، مثل قانون الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وقانون الانتخابات والحريات العامة والرأي والتعبير.
وأشار الى أن قانون الأحزاب، رغم ملاحظاتنا الجدية عليه لم يُفعّل. كما أن قانون الإنتخابات فُصّل على مقاس الفاسدين ولإعادتهم الى دست الحكم وتزوير ارادة الناخبين وإعادة انتاج نظام المحاصصة وتأبيده، ما يتطلب العمل المثابر من اجل قانون انتخابات عادل وتشكيل مفوضية مستقلة للانتخابات بعيداً عن المحاصصة.
وأوضح أن المؤتمر العاشر خرج بتوصيات وقرارات كثيرة لإخراج الوطن من إزمته، مشيراً من جانب آخر الى نجاح الحزب بتجديد قيادته ورفدها بدماء جديدة من الشباب الذين شكلوا 42% من قوامها. كما أنتخب المؤتمر أربع نساء في لجنته المركزية وأصبحت إحداهن عضو في المكتب السياسي للجنة المركزية. وأشار الى أن الحزب هو الوحيد الذي يسمح لأعضائه الجدد بتبوء مناصب قيادية فيه.
وبعد مداخلات واسئلة عديدة من الحضور تناولت جوانب عدة في الوضع السياسي الراهن وما خرج به المؤتمر العاشر للحزب، أوضح الحلفي أن المسعى أو الحلم بإيجاد مخارج للإزمة الحالية يواجه المشروع الطائفي الساعي الى تفتيت العراق، ولكن هذا المشروع لن يندحر بدون تغيير ميزان القوى لصالح القوى المدنية والديمقراطية ومشروعها الوطني.
واكد أن الحزب الشيوعي هو حزب الأمل لبقاء العراق وتطوره، وهو بحاجة الى رفاقه القدامى وكل اصدقائه كي يسندوه في نضاله ضد قوى الفساد.
وأشار الى أن القوى الفاسدة تمثل مشاريع دولية وإقليمية وهم يستخدمون كل الأساليب القذرة لبث الخوف والرعب، وأساليب النظام البائد في الترهيب والترغيب. ومن جانب آخر يلقى شعار الدولة المدنية تأييداً شعبياً متزايداً وتتعاظم الدعوات الى التغيير وتحقيق البديل المدني الديمقراطي عبر النضال السلمي والحراك الشعبي، وهي تلقى أيضا صدى وتجاوباً معها حتى عند المرجعيات الدينية. وشدّد على أهمية تفكيك قوى المحاصصة والإستفادة من أي إتجاه وتحرك يخدم النضال ضد الفساد ومن أجل بناء دولة مدنية ديمقراطية على قاعدة مبدأ المواطنة، تخدم مصالح المواطنين وتحقق لهم العيش الحر الكريم.