من الحزب

رائد فهمي : حركة الاحتجاج تعيد بناء الهوية الوطنية التي انحسرت سابقاً

السويد - طريق الشعب
عقدت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد يوم الأحد المصادف 11/6/2017 ندوة عامة في مدينة مالمو الجنوبية، تحدث فيها الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية امام حشد من ابناء الجالية، بينهم ممثلو عدد من المنظمات والأحزاب العربية والعراقية في الجنوب السويدي. وبعد تقديم الضيف من قبل الرفيق صادق الجواهري، تحدث الرفيق فهمي بإستفاضة عن الوضع العام في البلاد ورؤية الحزب اليه، منطلقا مما خرجت به مقررات المؤتمر الوطني العاشر للحزب، التي جسدها شعاره " التغيير .. دولة مدنية ديمقراطية اتحادية وعدالة اجتماعية".
استهل الرفيق فهمي حديثه مؤكدا ان اقل ما يقال في بلدنا اليوم هو انه لا يمر في أحسن حالاته .. انه منذ سنوات يعيش احوالا عصيبة ومحنا متكررة، وقد انهارت آمال كبار كانت تحملها جمهرة واسعة من أبناء شعبنا بعد التغيير سنة 2003، كنا نعتقد معهم أن زوال الدكتاتورية سيجلب مستقبلا أفضل.
وقال ان التغيير مطروح على جدول العمل بالنظر الى عدم امكان الإستمرار في النهج المعتمد، الذي هو في أسّه نهج الطائفية السياسية ونهج المحاصصة، الذي أثبت بجلاء أنه عاجز عن تقديم اي حلول، وعن فتح اي أفق، لا بل أصبح نظاماً منتجاً للأزمات المتتالية. وبيّن ان جوهر التغيير هو تحقيق الإصلاحات الجذرية على الصعيد السياسي تحديداً، بالخلاص من نهج المحاصصة والإنتقال من دولة المكونات الى دولة المواطنة، التي نطلق عليها تسمية الدولة المدنية الديمقراطية. وهذه اصبحت ضرورة تفرضها متطلبات مواجهة التحديات المحيقة بالبلد.وقد قلنا في المؤتمر العاشر لحزبنا ان التغيير ضرورة واجبة، وأنه ممكن.
وتوقف الرفيق سكرتير اللجنة المركزية عند عنصر مهم يهدد البناء الديمقراطي كله، وهو عدم حصر السلاح بيد الدولة... فالجماعات المسلحة بأشكالها وتنويعاتها يمكن أن تهدد اليوم الحريات العامة، وأمن المواطنين، والممتلكات ، ويمكن لكل هذه التجاوزات ان تمر من دون عقوبة. نعم، ان العناصر الديمقراطية والحريات الديمقراطية المكفولة بنص الدستور مهددة، بسبب عدم احتفاظ الدولة بالسيطرة على مجموع الفضاءات وعلى الأرض العراقية ككل. وتبعا لذلك تبقى الديمقراطية منقوصة.
وفيما يتعلق بالاقتصاد والاوضاع الإقتصادية، قال سكرتير اللجنة المركزية انهم اليوم يقولون ان الدستور ينص على اعتماد إقتصاد السوق، لكن من يقرأ الدستور لن يجد أثرا لعبارة إقتصاد السوق، إلا في مورد واحد معين في باب الإصلاحات. حيث يذكر عبارة مباديء السوق وتقنيات السوق في باب الإصلاحات والقضايا النفطية. وان تقنيات السوق هذه قد ضُخمت كما يبدو وكُبرت حتى أصبحت إقتصاد السوق. واضاف ان إقتصاد السوق هو تعبير ملطف بديل للإقتصاد الرأسمالي، وهو يتطلب إجراءات وآليات تنظم السوق، منها قانون عمل، وقانون ينظم السيطرة على المنتجات، وكيف توزع على المستهلك، وسعر يعكس جودة البضاعة ، مع ضمانات ومواصفات معينة، وآليات تضمن أن تكون السلعة في متناول المواطن .. والى آخره مما هو غير موجود عندنا، وبالتالي فعنصر التنظيم غير موجود، وسوق بلا تنظيم هي فوضى، وهي اقتصاد مافيات.
كما توقف الرفيق رائد فهمي عند بعض الظواهر الهامة، مثل حقيقة ان قدرة الممسكين بمصائر البلد على إدارة الأزمات ضعفت، وان الأموال شحت بفعل هبوط أسعار النفط ، والاقتصاد عاجز ومهلهل ولا يمكن اجراء الاصلاح الذي نطالب به في ظل هذه المنظومة نفسها. وواوضح ان البلد يشهد غضبا مجتمعيا عظيما وجد بعض تعبيراته في الإحتجاج.. وان الحركة الإحتجاجية عبرت عن نقمة ورفض شعبيين و فضحت الفساد، وطالبت باصلاحات جذرية، اولها إصلاح المنظومة السياسية. وبغض النظر عن حالات الصعود والهبوط في الحركة الإحتجاجية، فانها تحظى اليوم بقبول عام في المجتمع، وهي تستمد قوتها ليس من عدد الذين يخرجون للتظاهر في ساحة التحرير وساحات الإحتجاج في المحافظات، بل من مشروعية مطالبها. وقد أصبحت معبرة عن الضمير المجتمعي، وعنصرا رقيبا على الدولة كلها. وهذا بمجمله يدفع في اتجاه التغيير.
أكد فهمي على أن الهوية الوطنية التي تنحت وانحسرت على مدى سنوات لصالح الهويات الفرعية، يُعاد بناؤها اليوم، من خلال الحركة الاحتجاجية التي هي وطنية، والحرب ضد داعش، والجيش الذي هو بالأساس مؤسسة وطنية، أعاد جزء من اعتباره، وهذه جزء من ممكنات التغيير، لاسيما إذا استطعنا أن نجمع قوانا المدنية الديمقراطي، بكل توصيفاتها وتعبيراتها، والتي هي للآن مشتتة ومبعثرة، لكن هي قوة هائلة.
وأعتبر الرفيق فهمي أن الحرب ضد داعش، هي التحدي الأكبر الذي يواجه البلد اليوم، مشيراً الى أن هذا التحدي يجعل الناس تتقبل وتتعايش مع كثير من الأزمات إنتظاراً للنصر الحاسم، والمقصود به النصر العسكري على داعش، وليس النصر الحاسم على الإرهاب ، فقد تُوجه ضربات قوية الى الإرهاب لكن طالما يوجد نهح طائفي وطائفية سياسية، نعتقد الأرضية تبقى خصبة لإيجاد عناصر لإعادة إنتاج الإرهاب بأشكاله وتنويعاته المختلفة، وطالما الحواضن الإجتماعية يتم إنتاجها وإعادة إنتاجها بفعل سياسات التمييز أو السياسات البعيدة عن نهج المواطنة، وخطاب التحريض وجملة من الممارسات التي نعيشها اليوم.
وشدد الرفيق على ضرورة البحث عن الأرضية التي تحقق الوحدة الوطنية، "ولذلك موقفنا من الحرب ضد داعش هو "لنجعل منها حرباً وطنية، وهي بالفعل كذلك، والتي من سماتها لأول مرة الجيش والبيشمه ركة يخوضون الحرب بهذا الدرجة العالية من التواؤم والتقارب".
وبخصوص العامل الخارجي، قال الرفيق سكرتير اللجنة المركزية للحزب، أن قسماً من القوى تعتقد بحسم أمور العراق خارجياً، ونحن نعرف جيداً بوجود مشاريع عديدة تخص العراق، أمريكية، تركية، ايرانية، خليجية وغيرها، والبعض يعمل على تحقيقها.. البعض من هذه المشاريع تتقاطع مع بعضها، وتتطلب ممكنات محلية، أدوات محلية.. وهذه المشاريع تتطلب منا نحن العراقيين وضع حواجز ومعرقلات أمام تمرير هذه المشاريع، التي تخل بالمصلحة الوطنية والسيادة الوطنية وحظوظها بالمرور تكون كبيرة كلما يزيد الإنقسام الوطني.
وبعد مداخلة الرفيق السكرتير طُرح العديد من الحاضرين أسئلة أغنت محاور الندوة وأجاب عليها الرفيق بصراحة واستفاضة.