من الحزب

على طريق الشعب... لنفوت الفرصة على من يريدون سوءا ببلادنا

يتواصل مسلسل الارهاب على وقع التفجيرات اليومية المتوالية، وتصاعد وتيرتها ووحشيتها، وتزايد اعداد ضحاياها، وانكشاف غاياتها المتمثلة في إلحاق اقصى اذى ممكن بالعراقيين، وفي تأليبهم ضد بعضهم، واثارة فتنة طائفية مدمرة في البلاد، الى جانب توجيه رسالة تؤكد قوة تنظيماتهم الارهابية وقدرتها على اختيار اهدافها وتنفيذ عملياتها الدموية بيسر ودون رادع.
لقد طالت جرائمهم الوحشية في الآونة الماضية المسيرات الدينية، كما حصل للزوار المتوجهين الاسبوع الماضي الى الكاظمية، واستهدفت تلاميذ المدارس في تلعفر وغيرها، وحتى مجالس العزاء لم تنج من ضرباتهم الغادرة الجبانة، فتحولت سامراء ومدينة الصدر والدورة والاعظمية وغيرها قرائن ادانة لهمجيتهم. وقبل ذلك كان اختراق اربيل، واستهداف الملاعب، والمقاهي، والاسواق، بل والبيوت الآمنة وذبح ساكنيها الابرياء. ورافقت اعمال التقتيل هذه وترافقها عمليات تهجير ذات نفس طائفي، غايتها ترويع اوسع اوساط المواطنين، وإظهاراداء السلطة واجهز?ها العسكرية والامنية بمظهر الهزيل العاجز، والعمل على اسقاط هيبتها والحط من معنوياتها.
ولا ريب ان عصابات الارهاب تستثمر تدهور الاوضاع في سوريا، وتحول ساحتها الى معقل لنشاطها الاجرامي الممتد الى دول الجوار. وفي تشجيع لها على ارتكاب موبقاتها والحاق المزيد من الاضرار بابناء شعبنا، يتدفق عليها الدعم المالي واللوجستي من دول خليجية واقليمية، اعماها التعصب الطائفي وتسعى الى تصعيده وتأجيجه، ومن دول اوربية لا تريد للمنطقة سوى الخراب والفوضى، ضمانا لمصالحها ومصالح حليفتها المدللة اسرائيل.
على ان هذه الوقائع لا تلغي حقيقة ان تلكؤ السلطات المعنية وترددها في معالجة مطالب المعتصمين والمتظاهرين وتلبية ما هو مشروع منها، قد ساعد على توفير حواضن امينة للارهاب ومصادر بشرية جازعة من اوضاع البلد المتردية.
ومما يخدم مرامي مجاميع الارهاب والقتل، ايضا، استمرار تردي العلاقات السياسية بين المتنفذين، وتواصل عراكهم على اقتسام المغانم، وتفشي الفساد الاداري والمالي والسياسي، وتحوله الى مؤسسة اخطبوطية تنتشر اذرعها في مفاصل الدولة جميعا، وفي المجتمع، وهي تقدم موضوعيا افضل الخدمات لشبكات الإرهاب، وتؤمّن تعمق الروابط بينهما. تضاف الى ذلك الفوضى الادارية، وعدم اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة والوطنية في اسناد الوظيفة العامة. واذا تواصل هذا كله وغيره،فسيؤدي الى ذهاب نتائج مؤتمر " ميثاق الشرف " ادراج الرياح.
في اجواء واوضاع كهذه، بنهاياتها المفتوحة بعد، لم يعد يكفي تكرار نفس الحجج والذرائع لتبرير ما يحدث. فالامر بحاجة الى وقفة جادة، وصحوة ضمير وعقل، واعتماد نهج تفكير جديد، والى خطط سياسية وعسكرية وامنية اكثر كفاءة وقدرة، وتسخير ذلك كله للارتقاء بفاعلية اجهزتنا العسكرية والامنية والاستخباراتية، كي تتصدي لسائر مصادر العبث والتخريب الخارجية والداخلية وتدحرها، ولرفع معنوياتها وتوفير سبل الدعم الشعبي لها، بما يساعدها على انجاز مهماتها على اكمل وجه. كذلك الكف عن التلويح بالميليشيات، على اختلاف مسمياتها، بديلا عن ال?وات المسلحة النظامية، وسواء سميت لجانا شعبية او جيوشا اوغير ذلك.
ان الحاجة ماسة الى اجراءات مبتكرة، غير تقليدية، تنسجم مع ما بحوزة الارهابيين من امكانيات يستخدمونها للقيام بعمليات اجرامية نوعية، ويستطيعون، للاسف الشديد، تنفيذها في اغلب محافظات بلادنا.
وبغية رسم استراتيجية متكاملة للتضييق على الارهاب والارهابيين والقضاء على شرورهم، لا بد من الاقدام على جملة معالجات اجتماعية وسياسية واقتصادية عاجلة، وتعزيز اجواء الثقة بين قوى شعبنا، وتنشيط عملية المصالحة، والعمل على تقليص البطالة وتحسين الحالة المعاشية لاوسع الجماهير، وتوفير المزيد من الخدمات. كذلك يتوجب في هذا السياق اعتماد خطاب سياسي رصين، واعلام عقلاني بعيد عن الاثارة والشحن الطائفي والتشويش والتضليل.
من جانب آخر تمس حاجة عوائل ضحايا الارهاب الى الرعاية والعناية والاهتمام من قبل الدولة ومؤسساتها المختلفة، وتعويض من فجعوا منهم بجرائم القتل ماديا ومعنويا، وعلى نحو سريع.
واننا لنتوجه ايضا، في هذه اللحظات العصيبة التي يمر بها وطننا، الى شعبنا الصابر.. داعين ابناءه وبناته الى التماسك واليقظة والحذر من دسائس الارهابيين، ومن يقف وراءهم من الساعين الى إلقاء بلدنا في اتون حرب طائفية، والى إحداث شرخ عميق في وحدة الوطن ونسيجه المجتمع.
فلنفوت الفرصة على من يريد سوءا ببلدنا!