من الحزب

ثلاثة أيام من العمل والنقاش المثمر: السيمنار النقابي اليساري الأول يختتم أعماله بنجاح

طريق الشعب- خاص
اختتم يوم أمس السبت، السيمنار النقابي اليساري الأول في البلدان العربية المنعقد في اربيل عاصمة إقليم كردستان، أعماله بنجاح مثمر، وأصدر المشاركون فيه بياناً ختاميا. (ننشر نصه على يمين الصفحة)
وانطلقت أعمال السيمنار الذي انعقد بدعوة من الحزب الشيوعي العراقي وبمساهمة الحزب الشيوعي الكردستاني، يوم الخميس الماضي، وأستمرت جلساته ثلاثة أيام، تناول خلالها المشاركون فيه، جملة قضايا تخص دور النقابات ومنظمات المجتمع المدني، في الحراك السياسي الراهن بالمنطقة.
ويعد هذا السيمنار الأول من نوعه في العراق، فقد شارك فيه ممثلون عن: الحزب الشيوعي السوداني، حزب الشعب الفلسطيني، الحزب الشيوعي اللبناني، الحزب الشيوعي المصري، الحزب الشيوعي الأردني، حزب التقدم والاشتراكية في المغرب، الحركة التقدمية في الكويت، المنبر الديمقراطي التقدمي في البحرين، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، جبهة التحرير الفلسطينية، إضافة الى الحزبين الشيوعيين العراقي والكردستاني.

اليوم الأول: الواقع السياسي

افتتح اليوم الأول بكلمة الرفيق حميد مجيد موسى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي (ننشر نصها أسفل الصفحة)، ثم كلمة كاوه محمود وزير الثقافة في حكومة الاقليم، بعدها ألقيت كلمات الوفود المشاركة في السيمنار.
وناقش المجتمعون في اليوم الأول، الواقع السياسي في البلدان العربية، والمخاطر المحدقة بثورات الربيع العربي، وشددوا في خلاصة حديثهم على ضرورة استكمال النضال السلمي، وصولاً إلى هدف مرحلي هو بناء دول مدنية ديمقراطية تتمتع شعوبها بالعدالة الاجتماعية.

زيارة إلى مسعود البارزاني

وبعد استكمال المناقشات، توجه الوفد الضيف إلى زيارة السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق.
وفي أجواء ودية استقبل البارزاني، المشاركين في السمينار. مرحبا بكم ومؤكدا على حرص قيادة الإقليم على توطيد العلاقات مع حركة اليسار والقوى الديمقراطية والمدنية في المنطقة. وتحدث عن التجربة الكردستانية وما حققته من انجازات خلال السنوات التي أعقبت انتفاضة آذار عام، 1990 ومنها تحقيق المصالحة الوطنية في الإقليم وبناء التجربة الديمقراطية وتحقيق النمو والتطور في الميادين المختلفة، مشيدا بموقف الشيوعيين العراقيين ومشاركتهم البارزة في النضال الوطني من اجل الديمقراطية للعراق وتحقيق الحقوق القومية المشروعة لشعب كردستان?
ثم تكلم سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق حميد مجيد موسى شاكرا رئيس الاقليم على هذا اللقاء والحفاوة التي استقبلت بها الوفود المشاركة في (السيمنار اليساري) الذي يعقد في العراق على ارض عاصمة الاقليم. وشرح ابرز الموضوعات التي يتناولها السيمنار، ومنها الظروف السياسية والحراك الذي تشهده منطقتنا، وتطلع شعوبها للخلاص من الانظمة الدكتاتورية والظلم والتخلف والاضطهاد السياسي، والعيش في اجواء الديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية.
بعد ذلك تحدث، باسم الوفود المشاركة، الرفيق فرج طميزة نائب الامين العام للحزب الشيوعي الاردني، شاكرا رعاية الاقليم لهذه الفعالية. وعبر عن التقدير للانجازات التي تحققت في كردستان العراق، خصوصا التفهم لاهمية التعددية السياسية وحرية الراي الاخر.
كما زار المشاركون في السمينار النقابي مقبرة شهداء الحزب الشيوعي العراقي في اربيل، التي تضم رفات شهداء الحزب الذين كان لهم شرف الإسهام في حركة الانصار التي قارعت الدكتاتورية، مع أنصار (بشمركة) الاحزاب الكردستانية. وكانت الزيارة مناسبة للحديث عن الشهداء ومآثرهم البطولية.

اليوم الثاني: مناقشة أوراق السيمنار

واصل السيمنار أعمال يومه الثاني، صبيحة الجمعة الماضية، بالوقوف دقيقة صمت، استذكارا لشهداء الطبقة العاملة العربية والعالمية، واستذكارا لفقيد الحزب الشيوعي اللبناني، ورئيس تحرير مجلة "الطريق" الرفيق محمد دكروب الذي رحل الخميس الماضي.
وناقش المجتمعون موضوعين أساسيين، تضمنتهما ورقة مقدمة من قبل لجنة المتابعة لقوى اليسار في البلدان العربية، مظاهر أزمة الاقتصاد الرأسمالي العالمي، والعمل النقابي اليساري العربي والمهمات الراهنة.
كانت أولى المداخلات، مداخلة الحزب الشيوعي العراقي، قدمها الرفيق حسان عاكف عضو المكتب السياسي للحزب، التي أكد فيها أن التطور الرأسمالي هو النهج المُرجح، في بلداننا العربية على المدى المنظور، ولأن خيارنا الاشتراكي هو من يضع البلاد على طريق التنمية الشاملة، من النواحي الإجتماعية والإقتصادية، فإن إنضاج شروط تحقيق هذا الخيار، تبقى صيرورة نضالية طويلة الأمد، ولهذا فإن خوض نضال جماهيري لا هوادة فيه، يظل واحداً من أبرز مهام قوى التقدم.
ثم أشار الرفيق الى سياسة حزبنا، الذي يقف بالضد من التوجهات الليبرالية الجديدة، الرامية إلى تصفية قطاع الدولة، والخصخصة الشاملة، وإطلاق العنان لقوى السوق.
كما تحدث عن استقلالية العمل النقابي، وإبعاده عن هيمنة الحكومة أو الأحزاب، والاستقلالية لا تعني عدم انخراط حزبين ناشطين، في هذا العمل، أو إبتعاد النقابات عن العمل السياسي الديمقراطي في إطاره العام. (نص المداخلة ننشره في عدد لاحق)
ثم قدم رئيس نقابة البناء والمشاريع، في محافظة السليمانية، عبر الشاشة، صوراً لمعاناة شرائح من الطبقة العاملة في السليمانية، وآثار إصابات العمل.
بعد ذلك كانت هناك مداخلة لممثل الحزب الشيوعي اللبناني، أشار فيها الى واقع الإتحادات العمالية الرسمية التابعة للسلطة، والتي دخلت فيها الآن، الطوائف والمناطق والأحزاب، مما صعَّب عمل القوى اليسارية. كما تحدث عن تجربة العمل النقابي في لبنان، ووجود 52 إتحاداً عمالياً، يضم أكثر من 700 نقابة، في ظل منع العمل النقابي في القطاع العام، وفي كثير من مواقع القطاع الخاص. كما تحدث عن خلافات الحركة النقابية العالمية والعربية، وصعود عناصر غير كفوءة لقياداتها. وفي نهاية مداخلته أكد على ضرورة التواصل بين القوى والأحزاب اليسا?ية والمنظمات الديمقراطية، والتنسيق في ما بينها.
ثم أعقبه ممثل الحزب الشيوعي السوداني، الذي تحدث عن تأريخ الطبقة العاملة السودانية ونضالاتها، وقيادة اليسار السوداني لتلك النضالات، وتبوؤ الرفاق السودانيين مواقع متقدمة في الإتحاد العالمي للعمال، مؤكدا ضرورة تغيير القيادات الرخوة الحالية، في الإتحاد الدولي للعمال العرب، وانتزاع عمال أفريقيا من القيادة الحالية، ونبه الى سعيهم لخلق حركة نقابية ديمقراطية عامة في السودان، لا تقتصر على اليساريين فقط.
ثم قدم ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين مداخلته، التي أشار فيها إلى أن المدى المنظور يؤشر بقاء المنطقة العربية، تحت وطأة السياسة الأمريكية، التي تنظر الى منطقة الشرق الأوسط، بإعتبارها ساحة لمصالحها الاقتصادية والإستراتيجية. ودعا الرفيق لعولمة تحقق نظاما عالميا منصفا ومتكافئا، نظام يحترم الإنسان، ويتفاعل مع كل الثقافات، لبناء عالم آخر، عالم العدالة والحرية الحقيقية، وأكد أنه بالرغم من نضوج العامل الموضوعي، إلا أن العامل الذاتي ما زال غائباً، والأمر يحتاج الى نضال مثابر، من قبل القوى الثورية، وتشكيل إطا? للتشاور.
ثم جاءت مداخلة ممثل حزب التقدم والاشتراكية المغربي، التي أكد فيها أن البيروقراطية والتبعية، هما ما يعاني منهما العمل النقابي، الذي اعتبره ليس تنظيماً موازياً لحزب ما، بل هو رافد من روافد الحركة الثورية.
الرفيق ممثل جبهة التحرير الفلسطينية، أكد في مداخلته، على ضرورة تفعيل دورنا، عبر التوحد الفكري، والتوجه لدعم الاقتصاد الوطني، والاتجاه نحو عملية التغيير الديمقراطي، وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة. وأشار الى معاناة الطبقة العاملة الفلسطينية، ومصاعبها الاقتصادية والاجتماعية، من جراء الاحتلال الإسرائيلي وحالة الانقسام الفلسطيني.
ثم تحدث الرفيق ممثل الحزب الشيوعي الكردستاني، مشيراً في مداخلته الى حاجة الجماهير الشعبية للعمل الديمقراطي النقابي، للدفاع عن مصالحها السياسية والمطلبية. خصوصاً في ظل الوضع الحالي، الذي يتميز بإنتعاش نضالات الجماهير الشعبية. وأشار الرفيق الى العلاقة الجدلية بين العمل الديمقراطي النقابي والعمل الحزبي المباشر، باعتبارهما حلقتين مترابطتين في صيرورة الصراع الاجتماعي.
ثم كانت مداخلة الحزب الشيوعي المصري، قدمها ممثلهم، وفيها أشار الى أهمية هذا اللقاء الذي يأتي ومصر قد نجحت في إسقاط المشروع الأمريكي، الذي كان يسعى لتمكين الفاشية الدينية من حكم مصر. ونوه الرفيق بدور عمال مصر في كسر حاجز الخوف لدى الشعب المصري، عندما تظاهروا من أجل إسقاط نظام مبارك.
بعده كانت مداخلة الحركة التقدمية الكويتية التي أشارت إلى أن الطبقة العاملة الآن، هي ليست تلك التي كانت في القرن التاسع عشر، إذ هناك تغير في البنية، كما تغيرت بنية النظام الرأسمالي، وتحدثت المداخلة عن الحركة العمالية في الكويت، وأشارت إلى أن الإسلاميين غير معنيين بها، ولا هي في دائرة اهتمامهم. فالأخوان المسلمون في الكويت لديهم بنوك وشركات، وهم حلفاء وشركاء طبقيون للحكام. وأشارت المداخلة إلى أن أحزابنا فقدت الكثير من دورها ونفوذها في الحركة النقابية العمالية، وهو مؤشر خطر على تراجع حركة اليسار بتلاوينها المخ?لفة.
ثم تحدث ممثل جبهة التحرير البحرينية، عن الحركة النقابية العمالية في البحرين، والصراع داخلها ومع أصحاب العمل والحكومة. كما تحدث عن اتصالات عمال البحرين بالحركة العمالية العالمية، والمشاركة في الكثير من فعالياتها.
أما مداخلة الحزب الشيوعي الأردني، فقد أوضحت واقع الحركة العمالية الأردنية، وعلاقة الحركة بالربيع العربي، ومهامها في المرحلة المقبلة، ثم دعوة الحزب الى برنامج يساري للعمل النقابي.
فيما كانت آخر المداخلات لممثل حزب الشعب الفلسطيني، الذي تحدث عن أثر الإنقسام الفلسطيني الداخلي على الحركة النقابية العمالية.
بعد ذلك سنحت الفرصة للمداخلات الفردية التي ساهم فيها عدد ليس بقليل من الرفاق الحاضرين.

اليوم الأخير: برنامج عمل وبيان ختامي

وفي ثالث أيام السيمنار، أتفق ممثلو الأحزاب والحركات اليسارية على برنامج عمل تنسيقي طرحت فيه المهام التي من الممكن العمل عليها كقوى يسارية في البلدان العربية؛ تخص التضامن والعمل المشترك وحملات المدافعة من اجل تشريع قوانين تخص مصالح العمال. كذلك التفكير بلجنة تنسيق الجهود.
كما أقر المجتمعون صيغة البيان الختامي (ننشر نصه على يمين الصفحة).
من جانبه، وصف جاسم الحلفي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، هذه الفعالية بـ"المهمة والمثمرة"، وأشار إلى أن هذا السيمنار هو أول اجتماع للأحزاب اليسارية العربية في العراق. وقال في تصريح لـ"طريق الشعب" إن الوفود المشاركة رحبوا بهذه الخطوة، وأشادوا بدقة التنظيم والعمل، وثمنوا عالياً ما خرج به السيمنار من أفكار واتفاقات. وتمنوا على الحزب الشيوعي العراقي الاستمرار في عقد هكذا فعاليات تصب في صالح القوى والحركات اليسارية في البلدان العربية.