شهداء الحزب

الشهيد صبحي يعقوب منصور /علي طاهر

عرفت الشهيد صبحي يعقوب منصور زميلا وصديقا ورفيقا. عندما جمعتنا اللجنة الطلابية للحزب الشيوعي في كلية الزراعة والغابات جامعة الموصل عام1976. لقد غيب ورحل الشهيد وباعدت السنوات بيننا وقد سكن ذاكرتي وذكراه باقية في الوجدان والضمير ولا انساه لأننا عشنا صداقة وإخوة نضالية. وتعمقت علاقتنا بعد الهجمة الشرسة على الحزب الشيوعي العراقي عام1979 ،عندما اجبر على ترك دراسته الجامعية لكنه لم يهاجر وفضل البقاء والعمل ضمن تنظيمات الحزب الشيوعي في الداخل وفي بغداد. وكان صادقا مخلصا لمبادئ حزبه وذا عزيمة وناكرا لذاته وعصاميا نذر روحه من اجل حزبه. كان مناضلاً جسوراً. الخوف لا يعرف قلبه. كل ذلك ساهم في نضوج فكره ووعيه السياسي مما جعله يعيش زمن الوحشة واليأس ورائحة الموت في هذا الجو القاتم والأحلام والأشواق المؤجلة في وطن كله غربة. وكنا نعاونه بالمحبة كأنه ابن لنا وهو القادم من مدينة هيت- مدينة النواعير تاركا ذكرياته مع رفاق مجهولين ضاعوا من عوائلهم موزعين بين العشق للحرية والشوق لعوائلهم وتجرعوا مرارة الامل . وارتبط مصيرهم بصلات المحبة والنضال السري، لا يعرفون الخوف وسعادتهم في كفاحهم ضد نظام البعث الفاشي.وفي تجربة نضالية قاسية ومرعبة ومريرة. عشنا بإكراه ايام الموت المؤجل بألفة وتفاهم في وطن مبلل بالدم والدموع. وكان يمد يد العون لرفاقه لكي يستمروا ويعبروا جسور المحنة. في اواخر عام 1985 غادرنا الشهيد الى كردستان بادعاء العلاج والسفر خارج العراق بسبب معاناته من اصابته بمرض الفقرات نتيجة اشتغاله في مهنة لحام الحديد وأعمال اخرى. لكنه عاد في اواخر اذار عام 1986. وهو يبعث العزيمة والنشاط والصمود لدى رفاق وأصدقاء الحزب الشيوعي عندما تتخاذل النفس البشرية بسبب اليأس والغربة الروحية داخل الوطن وصعوبة الحصول على العمل والسكن الامن وكذلك انعدام الوثائق الشخصية التي بها يستطيع الرفاق التنقل والعيش في حياة غير طبيعية بسبب عسكرة البلد والمجتمع. مما اضطرنا الى تزويد الرفاق بنماذج اجازات الجنود لتسهيل تنقلهم وعملهم. ونشط الشهيد بحملة لجمع مستلزمات طبية تشمل ادوية وعلاجات للكسور وأدوات جراحة وتم ارسال المهم منها الى فصائل الانصار في كردستان مع مساعدة الصديق(بديع) وهو طبيب شاب من مدينة هيت حيث تم جمعها في بيته في حي الميكانيك- الدورة. ولغرض خلق ركائز حزبية في الهور زار مناطق الطار في اهوار الناصرية بمعونة ودلالة الرفيق بهلول ناصر كونه من اهل المنطقة ومرتبطاً تنظيمياً بالشهيد صبحي.
اوائل عام 1988 اعلمني باعتقالات جرت لرفاق وأصدقاء للحزب لدينا علاقة تنظيمية معهم وتوجيه المنظمة الحزبية هو بترك مسكني وعملي وتم ذلك فعلا. وابلغني بان لديه النية والتوجيه للصعود الى كردستان لكنه لم يحسم هذا الامر. وفي اواخر اذار او بداية نيسان1988 كان بيننا موعد لقاء قرب ساحة الطلائع في منطقة الكرخ \بغداد لكنه لم يأت وتركني في حيرة وقلق وتغيب اخباره منذ ذلك التاريخ. فسلبوا منه الحياة بعد ان قاوم التعذيب حتى الموت ليمنحني الحياة مع اخرين لأنه كان مناضلا وفيا لحزبه صان وحافظ على التنظيم المسؤول عنه والبيوت التي يلتقي بها.
فسلاما ايها الشهيد صبحي يعقوب منصور بعد ان تركت في ذاكرتي مرارات وإحساساً بفقدان جزء مني وأرهقني التفكير لاني لم اودعك.