شهداء الحزب

الشهيدة فوزية محمد هادي (ام سعد) "سيرة حياة" / علية محمد هادي *

ولدت ام سعد عام 1946 في عائلة متوسطة الحال ومنذ صغرها كانت لها صفات تختلف بها عن بقية الاطفال حيث كانت تتمتع بثقة عالية بالنفس وتشعر رغم صغر عمرها بمسؤوليتها اتجاه اخوتها.
انتمت الى اتحاد الشبيبة وهي بعمر اثنتي عشرة سنة فقط وكانت متاثرة بوالدي الذي كان يجلب لها الجريدة تحت عباءته في ايام العدوان الثلاثي على مصر (1956) لم يكن لدينا مذياع وكانت هي متحمسة تذهب الى الجيران لسماع الاخبار كانت اول فتاة في الديوانية اعتلت خشبة المسرح وانتمت الى فرقة مسرحية، كانت نشطة جدا بعد ثورة 14 تموز عام 1958، ارادت الانتماء الى نساء المقاومة الشعبية الا ان طلبها رفض لكونها صغيرة في السن مما اثار غضبها الشديد وبسبب نشاطها المتفاني في اتحاد الشبيبة واتحاد الطلبة رشحت في سن مبكرة لعضوية الحزب الش?وعي.
بعد الانقلاب الاسود في 8 شباط 1963 اضطرت الى الاختفاء الا انها سرعان ما عاودت نشاطها وكانت لها علاقات اجتماعية واسعة. وفي عام 1965 اعتقلت من قبل مديرية امن الديوانية وتعرضت الى ابشع انواع التعذيب ولكنهم لم ينالوا منها ابدا، وكانت حينها طالبة وقدمت طلبا للامتحان من داخل السجن وعند جلبها الى المحكمة اعجب بشخصيتها قاضي التحقيق بسبب اصرارها على الدراسة، حيث قال لها سوف اتحدث الى بناتي عنكِ واخبرهم عن اصراركِ رغم ظروفكِ الصعبة، فقاطعته الشهيدة وقالت له اذكر لهن انني شيوعية .
كانت معتزة بشيوعيتها، وكنا صغاراً نكون حلقة حولها فتتحدث لنا وتقوي معنوياتنا في الظروف السيئة والصعبة وقد افرج عنها بكفالة بعد ثلاثة اشهر من اعتقالها.
في عام 1971 كانت معلمة في سومر، اعتقلوها وارسلت مباشرة الى قصر النهاية، وقد حصل تدخل وافرج عنها وآنذاك كان فاضل البراك ضابط تحقيق امن الديوانية.
بعد قيام الجبهة الوطنية انغمرت في العمل السياسي بصورة كبيرة، كانت سريعة الحركة محبوبة اجتماعيا وقد استلمت سكرتارية رابطة المرأة العراقية في الديوانية وعملت بكل قوتها واصبحت في اللجنة القيادية للحزب.
في عام 1978 اضطرت الى الاختفاء وفي الوقت نفسه اختفت العائلة كلها خوفا من بطش السلطة، حيث اعتقلوني انا في قضاء الشامية واعتقل اخي كاظم في النجف وبسبب شدة التعذيب مازال مقعدا على كرسي متحرك.
وبعد المراقبة الشديدة اعتقلت الشهيدة ام سعد يوم 17/5/1978 في بيت احد اقربائنا في بغداد وارسلت الى مديرية الامن العامة وقد عجز الجلادون ولم يستطيعوا ان ينالوا منها شيئا الى ان صدر العفو وافرج عنها يوم 20/8/1979 وقد خرجت وهي تعاني من آلام التعذيب بحيث اضطرت الى اجراء عملية جراحية. حاولت الرجوع الى الدوام كونها كانت معلمة، الا ان السلطة نقلتها الى مديرية التربية، وبتاريخ 14/12/1980 اضطرت الى ترك الوظيفة والاختفاء مجددا حيث ذهبت الى بغداد وعاودت نشاطها السياسي. من جديد سكنت مع عائلة الرفيق شاكر عوض (ابو رافد? من الحلة واتصلت بالجميع وبقيت تعمل بحماس ونشاط الى عام 1985 حيث تم اعتقالها يوم 27/5/1985 مع عائلة بيت عوض. مارسوا معها ابشع انواع التعذيب وكان الكل معجباً ببسالتها، حتى الامن انفسهم كانوا يستعملون معها اساليب نفسية لكي تنهار وكانت تصرخ بوجههم وتقول قسما لن انهار. احيلت الى المحكمة هي والعائلة كلها ومعهم الشهيدة رسمية جبر حكموا عليهم بالاعدام جميعا وفي يوم 8/10/1986 جاء المجرم عواد البندر الى معتقل الرفيقتين ام سعد ورسمية جبر وحاول ان ينتقص منهما فبصقتا بوجهه وهتفتا باسم الحزب الشيوعي فأمر بان ينفذ حكم ا?اعدام الساعة الخامسة عصرا في اليوم نفسه وشهد هذا اليوم حدثا عظيما، فقد ذهبت الى الاعدام رسمية جبر وام سعد وحسين وهم عوض يهتفون بسقوط صدام وبالنصر للاحرار.
انتهت حياة هذه البطلة التي ابتدات مع الحزب منذ صغر سنها، ولكن لم تنته لحد الان لاننا اعطينا الشهداء وعدا ان نكمل طريقهم، فهم شموعنا التي انارت لنا الطريق وهم يبقون كواكب مضيئة في سماء العراق الحبيب.
بعد سقوط النظام في 2003 ذهبنا لنبحث عن رفات الشهيدة، فوجدنا علامة (من التنك) مكتوب عليها رقم 151 تدل على قبر هذه البطلة التي قدمت كل حياتها للحزب والشعب والوطن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*شقيقة الشهيدة البطلة