شهداء الحزب

الشهيد طشار كاظم والطبيب المصري / ناصر حسين

معلوم للجميع ان انقلابيي 8 شباط 1963 شكلوا جهازاً قمعياً اسموه (الحرس القومي) واطلق عليه الشعب فيما بعد تسمية الحرس اللا قومي بعد الدور الذي اداه افراده في تنفيذ الانقلاب صباح 8 شباط 1963، اخذ على عاتقه مهمة مطاردة انصار ثورة الرابع عشر من تموز من شيوعيين وديمقراطيين ومستقلين، رجالا ونساءً، شيوخا وشبانا، عسكريين ومدنيين، عربا وكرداً، تركماناً وكلدانا وشبكاً، مسلمين ومسيحيين، صابئة وايزيدين، من اقصى الشمال حتى اقصى الجنوب، وتعريضهم لابشع انواع التعذيب الجسدي والنفسي في معتقلاتهم التي انتشرت في طول البلاد وعرضها.
وقد كانت للديوانية حصتها سواء في عدد المعتقلين او الشهداء، رجالا ونساء، فلقد استشهد تحت التعذيب الوحشي في مقرات الحرس عدد من عضوات واعضاء الحزب الشيوعي العراقي، عدا من استشهد منهم في محافظات اخرى من ابناء الديوانية كالشهيد داخل حمود الذي اعتقل في ديالى واستشهد في قصر النهاية والشهيدين جبار وحسين من اهل الشنافية وهما من العاملين في الطبابة العسكرية، واستشهدا في بغداد، ومحمد علي عبود العباس النواصيري الذي استشهد في العاصمة بغداد ايضا.
واستشهد في مراكز الحرس في محافظة الديوانية كل من الشهداء: نجاة الحكيم من مدينة الحلة مدرسة في الديوانية، الست حميدة معلمة في الديوانية، جبار شبرم، ودفنوا سرا بعد استشهادهم تحت التعذيب ولم يتعرف اهل الديوانية على اماكن دفنهم الا بعد حل الحرس في 18 تشرين 1963، حيث اعترف الجناة بذنبهم عندما اعتقلوا صاحب رحيم الرماحي، عبد الوهاب البكاء، وسالم الشكرة، وارشدوا الاجهزة الامنية على اماكن الدفن، فقام مواطنو الديوانية وليس عوائلهم فقط، بفتح تلك الحفر التي دفنوهم فيها وبملابسهم، فأخرجوهم منها حيث شيعوا تشييعاً جماهيرياً يليق بالفرسان ومن ثم نقلوا الى مدينة النجف حيث دفنوا في مقبرة وادي السلام. وقد حدثني الرفيق احمد خضير خيرالله، شقيق شهيد الحزب حامد خضير خيرالله الذي اعدم رمياً بالرصاص في 17- 5- 1978 ضمن مجموعة الشهيد سهيل شرهان المعروفة، وكان قد حضر فتح قبر الشهيدة الست حميدة واخراجها منه، ولم يعثر في القبر من جسمها الا على النصف الاعلى منه، ويبدو انهم قاموا بقطع جسمها بالمنشار الى نصفين، واودعوا القبر النصف الاعلى من جسمها، اما النصف الآخر فلم يعثر عليه ولا يعرف مصيره.
ومن بين الذين استشهدوا في مقرات الاجهزة الامنية القمعية في الديوانية المربي الفاضل مكي الحاج علي الابراهيمي الذي ساءت صحته كثيرا بسبب التعذيب الذي تعرض له على ايديهم ورفضوا ايصال اي دواء له حتى استشهاده.
اما في مدينة الدغارة فقد استشهد كل من الشهيد عزيز هارون عكلة المحنة، والشهيد المربي الفاضل طشار كاظم من عشيرة آل كروش. الذي عذبوه تعذيبا بربريا فكان اقوى منهم ومن كل تعذيبهم فكان آخر ما في جعبتهم ان ألقوا بانفسهم عليه وقاموا بخنقه حتى الموت. وبعد استشهاده وضعوه في تابوت واوصلوه الى اقرب مركز صحي حيث كانوا قد شكلوا لجنة من عدد من الاطباء تقوم بإجراء الفحص على هكذا حالات وتعطي تقارير طبية تؤكد ان الوفاة كانت عادية وليس استشهاداً بسبب التعذيب. وكان من بين اعضاء اللجنة طبيب مصري، فعندما جلبوا له شهادة الوفاة التي اعدوها ليوقع عليها، اصر على ان يشاهد بنفسه الجثة ويقوم بفحصها ولم يخف عليه عندما ألقى نظرة على جثة الشهيد انه كان قد فارق الحياة مخنوقاً اذ ان طبع الاصابع كان واضحاً على رقبته، فرفض التوقيع على شهادة الوفاة تلك.
وقد ساعد ذلك الموقف الشهم من الطبيب المصري على انتشار خبر استشهاد الرفيق طشار بين اهل الدغارة ومن ثم التعرف على القتلة.
المجد للشهيد طشار كاظم، وكل الاعتزاز والتقدير للطبيب المصري الشهم. والخلود لجميع الشهيدات والشهداء.