شهداء الحزب

شهيدةٌ.. عيونها "عميدة" وروحها "أحلام" / جابر الدهيسي

مثل أشجار النخيل عندما تقاوم الموت وتبقى واقفة، وفي وجدان الوطن ثابتة، ثبوت القضية التي آمنّا بها، حتى إمتزجت مع دمائنا.. دماؤنا التي إرتوت منها كل ذرة تراب في أرضنا المقدّسة.
وكنتِ أيتها الرفيقة المناضلة العزيزة، كبرحيةٍ باسقةٍ شامخة، وأنت تواجهينَ الموت وجهاً لوجه، بعينين ثابتتين، وقلب قوي لم يخفق ولم يستسلم، في لحظةِ مواجهةٍ أسطورية، رغم معرفتك المسبقة، أنَّ طائرهم اللئيم، كان يوزع الموتَ على الجميع.. فكان قرارك الحاسم، أن لا قرار غير المواجهةِ، لأنكِ تمتلكين اليقين، اليقين بصدق وعدالة القضية، قضية الانسان وكرامته.. ومن أجل القضية تعمَّدتِ بدمائك الزكية، فكنت العُمدة والعميدة بين رفيقاتك ورفاقك الأنصار، يا أيتها الشهيدة (عميدة عذبي).. ولأنك كنت ورحلتِ وأنت تحلمين بوطن سعيد، فكان أسمك الأنصاري (أحلام).
نعم هي (عميدة) وهي (أحلام).. أحلام التي استشهدت في عام 1983، في قرية من القرى المنسيَّة في سفوح جبال كردستان.. فظلَّ قبرها بلا شاهدة ولا عنوان، وربما لا يعرف العنوان إلاّ مَن أخفى جسدها الطاهر في موقع مِن ذلك المكان.. فقبور الشهداء الأنصار ظلـَّت بلا دليلٍ ولا عنوان، وجثامينهم الطاهرة بلا أكفان.. أما أرواحهم فرحلت نحو السماء، لتقيم هناك مع الكواكب والنجوم، لتسطع بضيائها علينا وتنير الطريق أمامنا والأرض من حولنا، وستبقى ساطعة لامعة وهي تدور في مدارات كواكب الشهداء، عدا خُفوتِ ضوءٍ، يلازمها في لحظات حزن شديد، على ما يحصل في أرضنا من ظلمٍ وفسادٍ وإضطهاد...
فهنيئاً لك بإستشهادك يارفيقتي البطلة.. وأقول بطلة، لأنك لا تبعدين عنّي في لحظة إستشهادك، سوى بضعة أمتار، تلك اللحظة التي لن ولن أنساها.. ورحلتِ وأنت تحلمين وكلـُّـكِ أملٌ.. وسنبقى نعيش معك الحلم والأمل، من أجل وطن للجميع.. وطن للتسامح والسلام.. وطن تضحك فيه الطفولة ضحكتها البريئة.. وطن يعيش فيه الفقراء بكرامة.. وطن للحب والورد والموسيقى.. وطن للعلم والعلماء.. لا وطن للطائفية والمذهبية والمفاهيم الرجعية والدعوات السلفية.
فالمجد والخلود لك ولكل شهدائنا الأبرار.