شهداء الحزب

رسالة الى الرفيق الفقيد معن جواد العامري * / رفيق شيوعي

رفيقي العزيز.. لم اعرفك بشكل مباشر، ولكني سمعت عنك، ولم التق بك لكنك حاضر دائما بيننا. لم ارك ولم اسمع احاديثك لكني عرفتك، ولذلك اكتب لك هذه الرسالة.
ما اعرفه انك كنت شيوعياً مناضلاً صلباً، اسهمت في بناء الحزب ولم يثنك اي عائق، اخلصت للحزب ولشعبك وبالاخص الطبقات الفقيرة. عانيت ما عانيت من قبل ازلام البعث ونظامه المقبور جراء التزامك وعملك لتحقيق برنامج الحزب وهدفه ببناء وطن حر وشعب سعيد. ومن المفرح انك شاهدت نهايتهم المهينة قبل رحيلك الابدي.
كنت محل ثقة واحترام من كل رفاقك لالتزامك ووطنيتك وامانتك وتضحيتك؛ ولهذا اوكلوا لك مهمة تسجيل مقر الحزب في النجف باسمك مناصفة مع رفيق آخر. هذا المقر الذي اشتراه الرفاق ابان سبعينات القرن الماضي بتبرعات جمعت من رفاق الحزب واصدقائه من النجف وخارجها ليكون مكاناً لتجمعهم ولقائهم وعملهم النضالي، وانت تعرف ذلك جيداً، وسمعت انك اسهمت بالعمل لترميمه مع بقية الرفاق، كان ذلك ايام الجبهة الوطنية، لكن البعثيين لم يرق لهم انتشار افكار الحزب بين الجماهير فكشروا عن انيابهم وفاحوا بعفونتهم ليطاردوا اعضاء الحزب واصدقائه، وزجوا بكثير منهم في السجون، ومارسوا بحقهم ابشع انواع التعذيب، وطالت البعض منهم الاعدامات مستشهدين في سبيل وطنهم ومبادئهم، واستطاع بعضهم الهرب من بطش الطغاة، وكنت انت احدهم، فغادرت الوطن مكرهاً، وعشت الغربة تاركاً عائلتك، اولاداً وبناتاً بعمر هم احوج ما يكونون الى تربيتك وتوجيهك واعتنائك بهم وزرعك فيهم الاخلاق الفاضلة والافكار الانسانية، خوفا ان يتعرضوا من بعدك الى تربية اخرى على عكس ما تريد انت.
وتمت مصادرة ذلك المقر بعد انهيار الجبهة ليكون مغصوباً من املاك وزارة المالية التي باعته بدورها الى وزارة الداخلية.
اتعلم يا رفيقي العزيز بعد ان سقط الصنم عام 2003 وانتهى البعث الى مزبلة التاريخ، وعدت انت من الغربة الى حضن الوطن واسهمت باعادة بناء الحزب من جديد ليصبح له موقعاً متميزاً ببناء العراق الجديد ويستعيد عافيته ويستمر بالنضال من اجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية، ويسهم رفاق الحزب بتشريع القوانين ومنها ارجاع املاك الاحزاب التي صادرها النظام المقبور. وبعد جهود مضنية يعود المقر الى الحزب ويكون ملتقى الرفاق والاصدقاء، لكنه ظل مسجلاً باسميكما انت والرفيق احمد القصير، فيكتب احمد القصير بان المقر يعود للحزب ويتنازل عن اي حق له، لكن اولادك وورثتك بعد وفاتك اعماهم الطمع ونسوا افكارك واخلاقك ونضالك وتضحياتك، واصروا على الاستحواذ على نصف الملك وهم يعلمون جيدا ان ليس لهم اي حق في ذلك، وهي خيانة للامانة. وقد حاولنا اقناعهم بشتى السبل لكننا لم نستطع، فالطمع كان كالتراب في عيونهم منعهم عن رؤية شمس الحقيقة فتشبثوا بالباطل وباعوا الحصة المسجلة باسمك لمن ارتضى ان يشتري الاموال المغتصبة وتقاسموا الدنانير بينهم سحتاً حراماً.
اتقبل يا رفيقي العزيز ان يعيش اولادك ويربوا احفادك بأموال مغتصبة؟ هي حق للآلاف من رفاق واصدقاء الحزب؟ لا اعتقد انك تقبل بذلك، وانا على يقين لو رجعت اليوم لبصقت في وجوههم واحدا واحداً، لانهم اساؤوا لافكارك واخلاقك وتضحياتك ولم يحفظوا غيبتك وشوهوا سمعتك، واكاد اقسم ان امهم لو علمت بذلك للعنت كل قطرة حليب ارضعتها اياهم.
ختاماً رفيقي العزيز اقول، ها هم اولادك استولوا على ملك غيرهم غصباً بغير وجه حق، ولا اعتقد انهم سيهنؤون به وبالدراهم التي حصلوها من بيعه، وستبقى اللعنة تطاردهم مدى التاريخ جيلا بعد جيل. انهم الغاصبون وستبقى ضمائرهم تحاسبهم ان كان فيها بقية من تربيتك.
-----------
* عن مجلة «الشرارة»
العدد 108