شهداء الحزب

رسالة إلى الشهيد دكتور عادل / ئاشتي

رفيقي الغالي
ها أنا أكتب إليك هذه الرسالة ولا أدري هل تصل إليك أم لا، لأنني لا أملك عنوانا لقبرك، فقد ضاع مثلما ضاعت قبور رفاقك الذين استشهدوا معك في مثل هذه الأيام قبل ثلاثين عاما، وأنتم تتصدون لهجوم غادر، قام به الغارقون حتى قمم رؤوسهم في مستنقع الغدر والخيانة، ربما مفردة كنتم أبطالا لا تفي بابتسامتكم وأنتم مشرعون صدروكم للشهادة، كنتم إلهة حب للحياة وللطيبة والتضحية والإيثار والشهامة والصدق والنبل، لهذا لم يساوركم الحنث بالوعد الذي قطعتموه على أنفسكم منذ التوقيع على ورقة الانتماء للحزب.
رفيقي عادل
لا أخفيك سرا منذ أن بدأت أخط حروف هذه الرسالة لك، فتحت عيوني صمام نهر دموعها، حيث تذكرت تلك الأيام في كَلي كوماته، يوم كان القحط يغطي بعباءته كل جوانب حياتنا المعيشية، وليس سوى معنوياتنا وإصرارنا ننتصر بهما على ذلك القحط، كانت حقيبية الأدوية لا تفارق ظهرك رغم شحة الأدوية، وكانت همومك تنصب على كيفية الحصول عليها، كنت تتنقل في كَلي كوماته بين فصائل رفاقنا، ولا تبخل بجهدك حتى على مقاتلي الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتردد ضاحكا صحة الحزب من صحة الرفاق، أتذكر يوم جئت بقرار أعفاء احد الرفاق من أعمال الخدمة اليومية حتى يتفرغ لصيد السمك للرفاق المرضى، قد انسى اشياء اخرى ولكنني لا ولن انسى ابتسامتك الدائمة، أراك الآن أمامي مبتسما كعادتك، لا تعرف التردد مثلما لا تعرف المهادنة وقول الرأي بكل شجاعة.
أتذكر إصرارك على تعلم اللغة الكردية، وكنت أكثرنا جدية على التعلم، رغم اللثغة المحببة في لسانك، أنت الوحيد الذي كنت لا تملك وقت فراغ، من الساعة الخامسة صباحا حتى بدأ ساعة القراءة الساعة الثامنة مساء، بعدها تجهد نفسك في إعداد نشرة الاخبار الصباحبة، وأنت تتابع الاذاعات بكل هدوء كي لا تزعج الرفاق.
ويوم توفرت لنا الفرصة للنزول إلى قرى برواري بالا وقرى بري كَارا، كنت أنت تحمل حقيبة الادوية إضافة لحقيبتك الظهرية، وكنت تدور على البيوت تعالج مرضى القرى التي ندخلها مساء، بعيدا عن الضجر والتعب، لهذا كان اسمك على ألسنة ابناء القرى، يعرفونك بأسمك عادل ويضيفون إليها صفة جميلة من صفاتك الكثيرة الدكتور الذكي، هل تتذكر تلك المرأة التي انقذتها وأنقذت جنينها من موت محقق؟ أطلقت اسمك على اسم وليدها، ويوم عرفت باستشهادك بكت بكل دموع الارض وأمام جميع ابناء قريتها.
دكتور عادل
لا أريد أن اذكر اسم الذين وجهوا بنادقهم لصدرك وأنت تحاول انقاذ رفيقيك ملازم حسان وأبو ليلى، كي لا يتلوث اسمك وأسماء الشهداء الأخريين لأنكم الأعلون أبدا.
المرسل
رفيقك النصير ئاشتي