شهداء الحزب

الشيوعي عزيز مطلك "الأخرس" في الذاكرة / فاضل مطلك

في مسيرة الحزب الشيوعي العراقي الطويلة الكثير من القصص والملاحم والبطولات التي طبعت في ذاكرة كل شيوعي عمل في صفوف الحزب وناضل من اجل تحقيق مبادئه السامية وقدم قوافل من الشهداء من اجل تحقيقها , انني اتذكر جزءاً من العمل المتواضع الذي اديته داخل الحزب وخزنته ذاكرتي لأكثر من خمسين عاما .
ولدت في مدينة الشطرة عام 1935 واكملت الأبتدائية فيها وفي عام 1948 حدثت الوثبة الوطنية ضد معاهدة بورت سموث التي ايقظت وعينا وفي خضم النضال لشعبنا كنت التقي مع زملائي الطلاب في المكتبة البريطانية التي اقامها البريطانيون في الشطرة انذاك لقراءة الصحف والمجلات ونتحدث فيها عن مجريات الأمور، فضمنا الحزب اليه في تنظيم اتحاد الطلبة العام، وكنت حينها في الصف الأول المتوسط . استمرت الأجتماعات وتوسعت المنظمة بعد ان عملنا على ضم عدد كبير من الطلبة، وبعدها تم ترشيحي لعضوية الحزب الشيوعي العراقي سنة 1950, وفي احد الأيام?سلمني الرفيق المسؤول مجموعة من المنشورات المعدة للتوزيع وبعض ادبيات الحزب وذهبت بها الى البيت وبدأت ابحث عن مكان امين في الدار لغرض اخفائها عن المراقبة , وكان لي اخ ابكم واصم وكنت استطيع فهم مايريده عن طريق الأشارة، فعندما شاهدني حائرا وجه لي سؤلا مستفسرا عن السبب، فأخبرته عن الحقيقة وماذا تعني هذه الأدبيات والمنشورات، وشرحت له ما فيها من افكار ومبادىء وعرضت عليه احد الكتيبات التي كانت تحمل صورة ستالين احد رموز الشيوعية، ومنذ ذلك الوقت اخذ اخي عزيز الأخرس يرمز للحزب الشيوعي بالأشارة الى الشارب الطويل الكث?الذي كان يحمله ستالين ويرفع علامة النصر للشيوعية , فكر عزيز قليلا ثم سحبني الى السلم واذا به يصعد على دراج صغير لكي يصل الى سقف الدار ويفتح جزءاً من حصرانه القصبية ليضع المنشورات والأدبيات بينها، حيث بات من المتعذر العثور عليها من قبل الشرطة، حين يداهمون البيت . ذات مساء طلبت منه ان يسحب المنشورات من السقف، سلمته كمية منها لغرض توزيعها في المدينة وقت العشاء وهو الوقت المناسب لقلة حركة الناس في الشوارع، وطلبت منه ان يرمي المنشور من خلال فسحة الأبواب التحتية وقد انجز عزيز المهمة على احسن وجه , استمريت في الع?ل مع عزيز الأخرس بكل جد ونشاط من اجل الحزب مكونا له اصدقاء يوصل لهم المنشورات وادبيات الحزب ويجمع منهم التبرعات واصبحت اقلق عليه بسبب اندفاعه الشديد، ومخافة الأتصال مع عناصر مشبوهة فطلبت منه ان يدلني ويعرفني على اصدقاء الحزب الذين كسبهم، وذهبنا معا لأتعرف عليهم بدون ان يشعروا، فكانوا حقا من العوائل المعروفة بمكانتها الطيبة في المدينة، هذا ماجعلني مطمئنا على عمله , وفي احد الأيام طلبت الشرطة من عزيز الأخرس الحضور الى المركز حيث عرضوا عليه منشوراً شيوعياً وسألوه عنه، فرد عليهم بأنه لايفهم ولايتكلم ولايسمع ول?يعرف شيئاً مما اضطرهم للإفراج عنه . القي القبض عليه من قبل قطعان الحرس القومي عقب انقلاب 8 شباط الأسود وتعرض للتعذيب وارسلوه للفحص الطبي للتأكد من عوقه.في سنة 1989 حينما ارادت ابنتي المهندسة التعيين في احدى دوائر الدولة، رفض طلبها بسبب وجود ملف امني عند الدوائر الأمنية لي ولعمها عزيز الأخرس , انهم احتفضوا بملف معلومات لشخص اصم وابكم، اذاً كم كان النظام مهزوزا وخائفا ؟, تجاوزعمر عزيز الأخرس اكثر من سبعين عاما ولازال يتردد على مقر الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الشطرة يوميا يلتقي مع الرفاق لمعرفة آخر الأخبار?ويشتري جريدة طريق الشعب ويطلب من ابنه ان يشرح له مايرد فيها ولازال يشير لإسم الشخص الشيوعي بأشارة الشارب الطويل الكث.