اعمدة طريق الشعب

اختصار من اجل عدالة اكثر! / راصد الطريق

قد يكون آخر ما يحق لي الحديث فيه هو القانون. رجال القانون انفسهم يواجهون إشكالات، مثل رجال الدين، فيجتهدون. المواد التي صارت فقرات مطبوعة، وتُدرس، ويدرسونها، جاءت بعد رويّة ومن تجارب قبل ان تكون توصيات وقوانين. وحتى اليوم هناك دراسات جديدة وبحوث لاساتذة القانون وهم يواجهون قضايا مستجدة طرحها العصر. بيدي الآن عدد من مجلة « القانون الحديث والمجتمع Modern Law and Society»، وهي مجلة المانية تصدر بأربع لغات، منها الانجليزية. المهم، ان العصر طرح قضايا واشكالات اجتماعية جديدة تتعلق بالمخدرات والمثلية و النسوية الجديدة ومديات حرية الاحتجاج والتظاهر. العصر ألزم رجال القانون باعادة النظر في مواد توجب الحضارة والتقدم الانساني ان تُلغى هذه المواد او تُعدل، لتتضمن مشروعية وحقوقاً.
هذه مقدمة، ربما تثقيفية، لكن اريد القول اننا لا نطمح لهذا في الوقت الحاضر، فنحن لم نسلم على ما كان، وقانون الاحوال الشخصية تعرض، بدلاً من التقدم، الى انتكاسة.
المهم سأقصر كلامي على ضرورة اختزال خطوات يمكن للعقل ان يؤيدنا فيها. مثلا حصل خطأ في القسام الشرعي فذكر امام اسم البنت ذكر. السبب اننا لنا اسماء يشترك فيها الذكور والاناث: صباح، سهام.. الخ. هل من ضرورة لمحكمة وقاض، وصورة قيد و .. و .. ؟ هوية الاحوال المدنية، شهادة الجنسية، صحة صدور، كفى! في السجل العقاري، متوفى في القسام الشرعي، اسمه يرد في سند «الطابو»، ألا تكفي شهادة الاخوة والاخوات لنستنجد بشهادة غرباء لاثبات صحة الوفاة؟ وإذا كان الاخوان والاخوات مشكوكاً في « تآمرهم « من يضمن صحة وسلامة « شهادة « غرباء يمكن ان آتي بهم من الشارع؟
التعقيد لا يضمن سلامة العمل وإبعاد الخطأ والتزوير. على العكس، التزوير والاحتيال ينفذان من فجوات التعقيد، بدليل حصول الكثير من انتقال الملكية احتيالاً، ودوائر التسجيل العقاري لا تعدم حالات من حالات التزوير. السبب ليس التساهل، السبب هو التعقيد الذي يمكن اللعب به.. واللعب ليس من طرف واحد. قد يمرره موظف في الدائرة، والفساد، والحمد لله، معترف به وهو حديث الناس. وانا الآن اسأل: كم عدد المحتالين الذين اشتروا والذين باعوا املاك غيرهم؟ عشرات إن لم يكونوا مئات. كم واحد منهم في السجن؟ ولا واحد!
كنت صحبة صديق اشترى شقة خارج العراق. العمل اولاً محصور بقانوني/ محام. ذهب صاحب الشقة وبطاقته الشخصية ووثيقة الملكية مع المحامي والمشتري الى دائرة تشبه كاتب العدل. هات بطاقتك الشخصية، سند الملكية. تسلمت ثمنها؟ نعم. هات انت المشتري بطاقتك. أُعطي سند ملكية جديد.
انتهت المعاملة في اقل من ساعة واحدة! سند الملكية غير قابل للتزوير! البطاقة الشخصية غير قابلة للتزوير! تم تسديد المبلغ، والعنوان الشخصي كامل وبالتفصيل للطرفين.. فمن أين وكيف يتم التزوير؟
اعود الى اساتذتنا في القانون: أُقدر حال المجتمع وحالات الاحتيال، ولكن التعقيد «غير الذكي» ليس حلاً.
انا واثق انكم تستطيعون إلغاء خطوات لا ضرورة لها!