اعمدة طريق الشعب

مجلس النواب يستقبل "طنبورة" بحفاوة! / مرتضى عبد الحميد

"عرب وين طنبورة وين" مثل عراقي اصيل، يعرفه القاصي والداني ولا يحتاج الى شرح او تفصيل. ومع ذلك نلخص قصته لمن فاته معرفتها او سماعها: يحكى ان رجلاً تزوج امرأة خرساء صمّاء اسمها "طنبورة"، كان يفرش عباءته على الارض عندما يريد علاقة حميمية معها، فتفهم"طنبورة "الاشارة وتأخذ وضع الانبطاح.
في يوم من الايام داهم سيل جارف القرية التي يعيشان فيها فاراد الرجل ان ينقذ ما خف حمله وغلا ثمنه اسوة بالآخرين، ففرش عباءته ليضع عليها اغراضه العزيزة والثمينة، فما كان من "طنبورة" وبحكم العادة إلا التمدد على العباءة ظناً منها انه يريد النوم معها، فاطلق مثله الشهير "عرب وين طنبورة وين".
هذه الحكاية التي يؤكد الكثيرون انها واقعية، تنطبق تماما على مجلس نوابنا الموقر، الذي ترك كل مشاكل العراق ومصائبه وويلاته، ولا سيما مجزرة الكرادة التي راح ضحيتها المئات من خيرة الشباب العراقيين، ولم تجف دماؤهم بعد، كما ترك الاعمال الارهابية المستمرة على مدار الساعة وهذه الحرب المقدسة لتطهير ارضنا المدنسة من (داعش) وبقية الارهابيين، وكذلك الفساد المستشري في كل مسامات الدولة والمجتمع والخدمات المفقودة خصوصا الكهرباء في صيف جهنمي، سجل العراق رقما عالمياً في درجات حرارته، ومعها الماء والصحة والتعليم الذي يريد احد المستثمرين من ذوي العقول المغلقة برتاج التعصب والجهل والتخلف إلغاء ما تبقى من مجانيته، بالاضافة الى النقل والسكن، حيث يعيش مئات الالوف في العشوائيات وملايين اخرى من الاميين والرامل واليتامى، ومن هم دون مستوى خط الفقر، الذين تقدرهم الاحصاءات الرسمية بنسبة 23 في المائة من الشعب العراقي وعشرات بل مئات المشاكل والمصائب الاخرى.
كل ذلك وضعه (نواب الشعب) خلف ظهورهم واخذوا يناقشون بحيوية وحماس منقطعي النظير قانونا يمنح اعضاء المجلس امتيازات خرافية جديدة، وكأن امتيازاتهم السابقة لم تعد كافية، وهي بحاجة الى تجديد للتعويض عما صرفوه في دبي وعمان ولندن اثناء اجازاتهم التي امتدت اكثر من شهرين، في وقت كان الشعب العراقي يتعرض فيه لما يشبه الابادة الجماعية والوطن على وشك الانهيار!
لم يرد السادة النواب، شيئاً كثيراً "سوى ان يتقاضى رئيس المجلس ونائباه، ما يتقاضاه رئيس مجلس الوزراء ونوابه من رواتب ومخصصات وان يتقاضى النائب ما يتقاضاه الوزير، وتنص المادة (13) من مشروع القانون على منح الرئيس ونائبيه والنواب منحة مالية غير قابلة للرد، ويتكفل المجلس بعلاج النائب خارج البلد، اذا لم يكن اطباء الداخل قادرين على استئصال" بواسيره" او القيام بعمليات تجميل لأي عضو في جسمه يتطلب ذلك وما اكثرها.
ولأنهم يؤمنون بحقوق المرأة ايماناً راسخاً لم ينسوا العائلة فافردوا لها نصاً يمنح بموجبه النائب وافراد عائلته جوازات سفر دبلوماسية لمدة ثمان سنوات لا غير.
أليس من حق "طنبورة" ان تطالب برئاسة مجلس النواب؟