اعمدة طريق الشعب

التصريح لوحده لا يكفي ! / محمد عبد الرحمن

جيد ان يتم الاقرار والاعتراف علنا بان اخطاء جسيمة قد ارتكبت في الحكم ، ولا خلاف على هذا التشخيص وان جاء متاخرا. ولكن المؤكد ان هذا وحده غير كاف ، ولعله يكون إن توفرت النية الصادقة والارادة السياسية ، خطوة اولى في مسلسل المراجعة النقدية ، التي تتطلب في ما تتطلب ، الجرأة في الاعلان عن تحمل مسؤولية تلك الاخطاء ، وتبني منهج جديد مغاير لما اتبع حتى الان.
فاخطاء الحكم عموما ، لا سيما من تلك التي وصفت بانها « جسيمة «، ترتبت عليها اثار جسيمة ايضا ، وهو ما يمكن تعداده والحديث عنه كثيرا ، كما انه ملموس ويمكن لكل مواطن نبِه ان يرصده . وقد ترك هذا الاثر فعله الضار والمؤذي في المجتمع ، وتسبب في تأخير بلادنا كثيرا. ومن ياترى يعوضهما عن السنين التي ضاعت ؟ ومن يرجع لهما الاموال التي اهدرت، وهي في جميع الاحوال ضخمة وتقدر بمئات المليارات من الدورلات، بما فيها طبعا المشاريع الفاشلة او الوهمية او المتلكئة والتي يذكر انها بحدود 6000 مشروع ، كذلك الاموال التي سرقت او هربت الى الخارج ، وتلك التي تم الاستيلاء عليه من ممتلكات وعقارات الدولة .
على ان الاهم هو الخسائر في الارواح البشرية. صحيح ان الارهاب ومنظماته والميليشيات المنفلتة ، هي من ارتكب الجرائم بحق المواطنين خلال السنوات التي تلت التغيير في 2003 وحتى الان ، لكن هناك من هو مسؤول مباشرة ، بحكم مسؤوليته الدستورية ، عن اضعاف قدرات الدولة عبر ما رسمه من سياسات ، وما اتخذه من مواقف خاطئة وعقيمة ، قادت الى الوهن والضعف وعدم القدرة على التصدي للمجرمين الارهابيين والخارجين عن القانون . والانكى ان مسلسل اضعاف قدرات الدولة الامنية والعسكرية يتواصل من طرف البعض حتى اليوم ، لصالح تنفيذ اجندات ضيقة واهداف انانية قاصرة تشم منها روائح التدخل الخارجي .
بعد هذا .. اين نضع جريمة سقوط مدن محافظة نينوى ومنها الموصل طبعا ، وتمدد داعش الى ثلث الاراضي العراقية واحتلالها، وما خلفه ذلك من ضحايا بشرية ومادية؟ وما هو حكم المسؤول عنها ، وهو معروف ومشخص في تقرير اللجنة البرلمانية الذي يحتفظ به القضاء الآن (للذكرى؟) ولا ندري متى يماط اللثام عنه ؟ ! فهل يحق لمن ارتكب مثل هذه الجرائم ، او اقترف « الخطأ الجسيم « حسب التصريح المعلن ، ان يعود من جديد الى صدارة الاحداث ، فضلا عن المطالبة من جانبه ، ومن دون حياء او خجل او وخز ضمير، بالعودة الى السلطة ؟
جيد هو التصريح والاعلان عن ارتكاب « اخطاء جسيمة « وبعضها قطعا يرقى الى مستوى الجرائم بحق الشعب والوطن. لكنه يبقى غير مكتمل من دون اجراءات ملموسة ومواقف واضحة تدعم هذا التوجه. كذلك من دون اقدام مرتكب تلك الاخطاء على الاعلان عن تحمل المسؤولية ، وبالتالي فسح المجال امام آخرين غير مثقلين بهذه الاخطاء – الجرائم .
فهنا يتجلى المغزى الحقيقي وصدق التوجه ، وهو ما يحصل في البلدان التي يحترم فيها حكامها شعوبها ، ويحرصون على عدم جلب المزيد من الاذى لها .