اعمدة طريق الشعب

نريدها اداة للتغيير / محمد عبد الرحمن

أمر حسن ان تبادر الرئاسات الثلاث الى بحث موضوعة الانتخابات سواء لمجالس المحافظات ام مجلس النواب ، وقوانينها ، وبحضور عدد من ممثلي الكتل السياسية . لكن من غير المفهوم ان يتم الاقتصار على البعض ولا يدعى اوسع عدد ممكن من الكيانات والاحزاب ؟ فالانتخابات لا تخص الكتل الحاكمة والمتنفذة ، بل الشعب العراقي باسره . خصوصا وان الكثير من المتغيرات قد حصلت منذ الانتخابات الماضية ، فلم تعد الامور كما كانت ، او كما يتصورها البعض الذي يحرص ، كل الحرص ، وبمختلف الاساليب ، ان لا يطير منه كرسي السلطة ، ناسيا القول الحكيم « لو دامت لغيرك لما وصلت اليك « .
ان الناس تأمل في ان تتجه مثل هذه الحوارات والنقاشات الى معالجة القضايا الهامة والاساسية ذات العلاقة بموضوعة الانتخابات وضرورة تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، بما يضمن جعل العراق دائرة انتخابية واحدة ، مع اعتماد نظام سانت ليغو الاصلي وليس النسخة العراقية المعدلة التي شوهته وابعدته عن اهدافه ومراميه. كذلك مسألة تخفيض عمر الترشيح ، والامور المتعلقة بالدعاية وتمويل الحملات الانتخابية وضبط المال السياسي ، وايجاد الآلية المناسبة والكفيلة باعلان نتائج الانتخابات حال انتهائها ، مثلما هو الحال في بقية دول العالم . كما ان من المهم دراسة قضية التصويت الخاص، مع تأمين الآليات التي تضمن للمؤهل ، من المدنيين والعسكريين ، ان يمارس حقه في الانتخاب في مراكز الاقتراع العام ، اضافة الى توفير الظروف لاشراف دولي فاعل .
وبات ضروريا ان تباشر الرئاسات والجهات ذات العلاقة ، بشكل جدي ، في تنفيذ مطالب الحراك الجماهيري والكثير من الاحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، بشأن اعادة بناء المفوضية العليا للانتخابات على اسسس جديدة من الاستقلالية والكفاءة والنزاهة ، وبعيدا عن المحاصصة الطائفية- الاثنية التي ثبت بالتجربة ، انها نهج ضار ومفسد ومخرب لا يبني وطنا ، بل يجره سنوات الى الوراء .
ان هذه القضايا وغيرها ، هي ما تتطلع الناس الى التوقف عندها ومناقشتها، والاخذ بالاعتبار المصلحة العامة وليس المصلحة الانانية والضيقة لهذه الكتلة او تلك ، لهذا « الزعيم « او ذاك .
فان جرى الاتفاق على هذه الامور الهامة ، وربما على غيرها ، فلن يصعب الاتفاق على مواعيد اجراء انتخابات مجالس المحافظات ومجلس النواب ، سواء جرت منفصلة او في وقت واحد.
وفي جميع الاحوال فان اجراء الانتخابات يحتاج الى مستلزمات اخرى ، كان حريا ان تكون موضع دراسة وبحث من جانب الرئاسات الثلاث خصوصا، وهي تتصل باستكمال تحرير كافة اراضينا من داعش ، والاسراع في اعادة الحياة الطبيعية الى المناطق التي تنفض عن نفسها سطوة داعش الارهابي وتتخلص من تسلطه وجرائمه ، كذلك عودة النازحين والمهجرين وتوفير الخدمات المطلوبة لهم، واعادة تشغيل مؤسسات الدولة وفي المقدمة مجالس المحافظات والمحافظون، الذين يتوجب ان يكونوا بين مواطنيهم في اللحظات الصعبة والحرجة . ام ان هناك من يريد حرمان هذ المدن والمناطق العراقية وابناءها من اختيار ممثليهم ؟
ان الانتخابات ليس اجراء شكليا ، يروم البعض من وراءه ضمان ديمومة سلطته ومغانمه ، بل ان الغالبية من ابناء شعبنا المكتوية بنار الازمة العامة التي تلف البلد تتطلع الى ان تكون الانتخابات القادمة اداة للتغيير، الذي يفضي الى حياة اخرى وعراق اخر. وان على دعاة الاصلاح والتغيير مواصلة الضغط، لتشريع قانون منصف وعادل للانتخابات، وتأمين الاجواء والمستلزمات التي تضمن عدالتها ونزاهتها وشفافيتها .