اعمدة طريق الشعب

خراب التعليم..مَن المسؤول عنه؟! / عبد السادة البصري

للمرّة الثالثة أكتب عن التعليم وما آلت إليه أمور أبنائنا الطلبة، وربّ سائل يقول: ما الذي يجعلك تكرر كتاباتك عن التعليم، وهناك أمور ومشاكل تحجب عين الشمس؟! أجيبهُ: لأن التعليم أساس كلّ شيء ، وإذا فسد التعليم فسدت الحياة بأكملها!
الجمعة الماضية وعند نزولي للعشّار ــ مركز البصرة ــ أوصتني زوجتي بشراء كتاب (القرآن والتربية الإسلامية ) لولدي التلميذ في الصف السادس الابتدائي، لأن مدرستهم لم توزعه، قلت لها: وقبل أسبوعين اشتريت له كتاب (الاجتماعيات ) لأن وزارة التربية غيرت المنهج ولم توزع الكتب الجديدة ! قالت: نعم وطلبت إدارة المدرسة منهم أن يشتروه من السوق!
ــ الوزارة تغيّر المناهج وتتأخر في طباعة الكتب، وعلينا نحن المواطنين أن نشتريها من السوق،، يا للعجب ؟!
عند وصولي إلى العشار مررت بالمكتبات ومكاتب الاستنساخ فأصبت بالدهشة لكثرة المتزاحمين عليها من أولياء أمور الطلبة لشراء الكتب لأبنائهم، والمناهج كافة طبعا ــ الابتدائية، المتوسطة، الإعدادية ــ وقفت في الطابور وعندما وصلت إلى البائع عرفني فقال: تفضّل أستاذ، قلت له: أريد كتاب القرآن والتربية الإسلامية للصف السادس الابتدائي، أعطاني إيّاه، وكان عبارة عن ملزمة تمّ استنساخها، قائلاً بعشرة آلاف دينار، بحلقت في وجهه صامتاً، فقال: ما بكَ أستاذ؟ قلت: لا أحمل هذا المبلغ! فأجابني خذه بسبعة آلاف ولا يهمّك! تساءلت في سرّي: كتاب واحد بهذا السعر، فكيف إذا كانت خمسة أو ستة كتب وبمراحل مختلفة؟ يا لأولياء الأمور المساكين!
تحدثت لأصدقائي في المقهى فكان الجواب: إن وزارة التربية تأخرت بطبع الكتب والمناهج الجديدة فأنزلتها على موقعها في الانترنت لهذا تمّ سحبها واستنساخها وبيعها من قبل الآخرين!
ــ أيعقلُ هذا؟! أيعقلُ أن نتحدث عن أهمية التربية والتعليم واحترام النشء الجديد وحقوق الآخرين والديمقراطية والحريات الشخصية والنزاهة ونحن نرزح تحت وابل من الفساد الذي يحاصرنا من كل جانب، فساد في التربية والتعليم، فساد في السوق، فساد في العمل ، فساد في الذوق العام، فساد في كل شيء!؟
مَن المسؤول عن كلّ هذا الخراب؟! أليس من الأفضل أن نراجع حساباتنا ونحكّم ضمائرنا في كل شيء نفعله ونقرره؟!
على وزارة التربية أولا وأخيراً أن تراجع حساباتها جيداً وتدقق في عمل منتسبيها المسؤولين عن طباعة المناهج الدراسية وتهيئتها في الوقت المناسب، كذلك أن تتم محاسبة الذين تسببوا بهذا الإرباك وجعلوا أولياء الأمور يدورون مع أبنائهم في الأسواق يبحثون عن هذا الكتاب وذاك، ويضطرون إلى شرائها بأسعار تنهك ميزانيتهم المادية!
كما علينا أن نحرص أشدّ الحرص على كشف الفاسدين في كل مؤسسة ومحاسبتهم ، لأن الضمير الإنساني مهما غفا ونام برهة من الوقت لا بدّ أن يستيقظ ويحاسب صاحبه أشدّ الحساب..
ولا تتركوا أبناءنا بين أهواء فسادكم ضائعين ومستقبلهم مجهول.. لأنهم مستقبل العراق!